• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : خطاب المرجعية بين الأصالة والمعاصرة .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

خطاب المرجعية بين الأصالة والمعاصرة

 دراسات كثيرة اهتمت بتجديد الخطاب الديني ومعالجة الكثير من المشاكل التي تؤثر على مواكبة الخطاب للظروف الراهنة، ودراسات أخرى كثيرة أيضاً ركزت على معنى التجديد، ومعناه في ضوء الواقع المعاصر، حتى يكون متوائماً مع ظروف المتغير بكل ما يقتضيه من مستجدات.
ولابأس إذا ما ارتكز على بعض المفاهيم الخطابية الحداثوية المستوردة للمساهمة في تطوير خطابنا التواصلي اذا وجدنا هناك فعلاً ما يمكن أن يشكل إضافة، والكثير من الأساتذة والمختصين نشروا بحوثاً موسعة ليبينوا خطورة هذا الخطاب، اذا ما ابتعد عن الناس، حتى وصل الأمر الى شيوع الأمية الفكرية، وهذا هو الباب الذي يلج منه الغزو الثقافي الذي سيبعد المسلم عن ينابيع الإسلام الصافية.
ولم يبقَ أمامه سوى الصوت المرجعي المبارك من خلال نوافذ خطب الجمعة المباركة من العتبة الحسينية المقدسة، وبعض وسائل الاعلام التي حافظت على إبقاء الشباب المحافظ متأملاً لفرص الوثوب الفكري العام، والخطاب المرجعي حافظ على الأصالة والمعاصرة بين دفتي فتاويه أو خطاباته المتزنة، وارتكز على مفهوم المرونة والتجديد والقدرة على استيعاب مشاكل العصر وقدرته على مواجهة التحديات.
ويرى أهل الاختصاصات النقدية، أن امتلاك الخطاب الديني لسمات معرفية امتلكت السعة والالمام بالأولويات، ومراعاة ما يحتاجه الوضع الراهن، الوضع اليوم يحتاج الى استنهاض الدور الإعلامي، ويعني أن الرسالة الإعلامية الملتزمة تكون روافدها من المعين الإنساني الذي يحمله الخطاب الديني الواعي، ليقوم كل من الاعلامين الإعلامي والتوجيهي بواجبهما، فهل يعيش الخطاب الديني اليوم تحديات الحداثة أم يستطيع أن يضم اليه الأساليب النافعة، وإبعاد الاغراءات الفكرية الغربية عن ذهنية شبابنا؟ وإلا فالخطاب الإسلامي ليس خطاباً متخلفاً اذا ما لم يستغل من قبل أهل السياسات الخاصة التي تريد أن تحرف هذا الخطاب عن مساراته الإنسانية، فما نحتاجه اليوم هو الانفتاح الشمولي؛ كونه خطاباً انسانياً عالمياً كونياً، فلماذا يحدده بعض الخطباء بسلوكيات غير منضبطة ورؤى ضيقة؟
عندما نشير الى اصلاح الخطاب الديني، أي نعتني بالجوهر العام للدين لكونيته، هذا يعني اننا غلقنا الباب أمام التـأثر غير المجدي بالغرب، وهذا لا يتم الا بعد أن نصل حد الاكتفاء الفكري والاحتواء العام، وبعد أن يتماهى مع الفكر الإنساني الناهض بجميع مستويات الانفتاح الإيجابي.
نحن نعتقد بل نؤمن أن ليس هناك تعارض جوهري بين الخطاب المرجعي والحداثي، الخطاب في حالة تجدد دائمي، ويتنامى ليحتوي الأزمنة كلها؛ كونه خاتم الرسالات، فتح له المجال للتعايش مع مستجدات كل عصر، وبما أن الإسلام متطور ذاتياً سيكون مغزى الحديث عن تجديد التعليم وتطوير منظومة التعلم بعيداً عن الغلو بعيداً عن السلوكيات الطائفية والحث على الاقتتال والتحارب، لابد من بعث روح السلام، فيكون الخطاب الديني المؤثر يمتلك التأثير الثقافي والسياسي.
بعضهم يريد أن يفصل الخطاب الديني عن الخطاب السياسي واليوم في العراق ظهر التأثير الوجداني الإنساني السياسي لمنبر الجمعة من العتبة الحسينية والذي يتمثل بصوت المرجعية المباركة، وهذه تمثل نهضة الحداثة الفكرية؛ لأن هذا الخطاب قدم فكراً سياسياً ملتزماً لا يقوم على أساس التمثيل المذهبي، وانما هو خطاب وطني والوطنية لها جذر في الفكر الإسلامي، ولهذا نجح خطاب المرجعية بالتأثير بخطابه الوطني جماهيرياً وعلى النهج السياسي للحكومة؛ كونه خطاباً وطنياً يمثل الاصالة وينفتح على المعاصرة بأساليب مؤثرة فاعلة، ولا أعتقد أن مسارات التجديد والحداثوية تريد أكثر من هذا السبيل.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=142700
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 03 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19