سامراء.. يا كربلائية الهوى والجراح.. منك تمتد جسور التواريخ الى طف المواجع في نبضات قلب.. مبارك عليك سيدتي ذكرى الولادة المباركة، لتاج هويتك المرصع بالعز والقبول، حديثنا عن هذه المسرة المشرعة، كيف رأيت مولاي الامام الحسن العسكري (سلام الله عليه)؟
قالت لي سامراء: لابد انك تعلم ان ولادته(عليه السلام) سنة 232هـ في المدينة المنورة، وتعلم ايضا انه لُقّب بالعسكري؛ لكون اسمي كان عسكر.. دعني اشكو لك غصتي، هذه البذرة الكريمة التي فضلها الله تعالى، فكانت هي البركة للعالمين، دخلت ارضي مكرهة، ارغمها السلطان العباسي المتوكل ليجعل الامام(عليه السلام) قريباً منه لمحاصرته، ومنعه من اللقاء مع أنصاره وأتباعه، وإبعاده عن التأثير في المسلمين..! ارجوك هذا النزف دوّنه.. قل: قالت سامراء؛ ليكون ابجدية من ابجديات الالم، وعذرا اذا ما احتواني الالم يوم عيد.. عشرون عاما وهو يعيش بين اضلعي..
الإقامة الجبرية، وأحاط داره بالشرطة لمراقبته ومتابعة تحركه، وكان المتوكل يأمر بتفتيش داره بين الحين والآخر؛ رغبة منه في إلحاق الأذى به، وإدخال الرعب في قلوب عائلته..
يبدو اني سأحزنك.. فمن الأمور العصيبة التي عايشها الامام(عليه السلام) هو ملاحقة أتباع أهل البيت(عليهم السلام)، وإلحاق الأذى بهم، وتتوجت أفعاله بمنع زيارة قبر الامام الحسين(عليه السلام) وهدم داره..
دعني أحدثك عن طفولته: كان الإمام العسكري(عليه السلام) يعيش طفولة واعية وهادفة، فقد تربى في رعاية والده.. فقد روى أنّ شخصاً مرّ به وهو واقف مع أترابه يبكي، فظن ذلك الشخص أنّ هذا الصغير يبكي متحسراً على ما في أيدي أترابه، ولذا فهو لا يشاركهم لعبهم، فقال له: أشتري لك ما تلعب به..؟
فردّ عليه: «لا، ما للعب خلقنا».
وبهر الرجل، فقال له: لماذا خلقنا؟
قال: «للعلم والعبادة».
قال: «من أين لك هذا؟».
قال: «من قوله تعالى: «أفحسبتم انما خلقناكم عبثا».
وبهت الرجل ووقف حائراً وانطلق يقول له: ما نزل بك وأنت صغير لا ذنب لك.
قال عليه السلام: «اليك عني، انّي رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبير، فلا تتقد الاّ بالصغار، واني خشيت أن أكون من صغار حطب جهنم».
وقد تربى الامام(عليه السلام) على يد والده، وكان يوجّه الأنظار الى إمامته الثابتة بنصوص عن آبائه عن رسول الله (ص)، وقد وردت روايات عامة عن إمامة وخلافة اثني عشر إماماً تنص على أنهم من قريش، وأخرى تنص على انهم من بني هاشم، ثم تخصص أكثر فأكثر لتنص على انهم من ولد فاطمة الزهراء(عليها السلام)، ثم من ولد الامام الحسين(عليه السلام).
ووردت روايات أخرى تنص على أسماء الأئمة ابتداءً من الامام علي(عليه السلام) وانتهاء بالإمام المهدي(عليه السلام)، كما نصّ الامام الهادي(عليه السلام) على إمامة الحسن العسكري(عليه السلام) في مواضع عديدة.