• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الوليد المبارك .
                          • الكاتب : السيد محمد علي الحلو ( طاب ثراه ) .

الوليد المبارك

 كانت تلك الليلة مليئة بالمفاجئات للسيدة حكيمة بنت الامام موسى بن جعفر عليهما السلام، حين أبلغها الرضا بأن الخيزران أصابها الطلق، و عليها أن تحضرها لتليها أمرها... كانت حكيمة و جلة من تلك الليلة، فهي تستشعر خوفا مصحوبا بأمل الحدث الجديد، و تتوجس مما تخفيه هذه الليلة من تلك المفاجئات... فحكيمة قلقة الآن مما ستتلقاه من بشارة المولود الذي طال انتظاره و أخيها و قد بلغ الخامسة و الأربعين... و تحديات الآخرين تتصاعد و تائرها لتشكك في امامته، بدعوى أن الامام لابد أن يلي أمره امام مثله، و لم يحن لأخيها الذي يواجه تشكيكات الخصوم أن يولد خليفته الموعود... فربما ستلد الخيزران غير ما ينتظره المنتظرون من شيعة الامام، الذين بدورهم يواجهون تحديات الخصوم، و لجاجة المشككين، و شماتة الحاقدين، و خوض الخائضين في امامة على خليفة أبيه موسى. و ما الذي يفعله اولئك الواقفة على امامة موسى غير مواجهة الرضا و شيعته بالاستدلال على صحة مزاعمهم، من كون الأمر قد وقف على موسى بن جعفر الذي لم يخلف اماما بعده. هذه الهواجس تتزاحم في ذهن حكيمة، التي ما فتأت تراقب الموقف بحذر عندما أخذ خيزران الطلق و اطفئ المصباح... ارتاعت حكيمة من هول اللحظات الحاسمة، حتي واجه حكيمة شيء يتجلى أمامهما، عليه شيء رقيق كهيئة الثوب، و نور يسطع من ذلك الوليد حتي أضاء البيت... لم تتمالك حكيمة نفسها، حتي وثبت للوليد تأخذه برفق مصحوب برعدة اللحظات المهيبة، و هي تتناول ذلك الموعود انه  محمد . سبحانك اللهم و بحمدك، كل شي ء عجيب في ولادة هذا الحبيب القادم من ثنايا الانتظار الأليم، الذي أذاق  أبامحمد والده الامام صنوف الاعتراض و غصص الشامتين الذين يأملون احباط خلافة الله بكل ما لديهم من حول و قوة، (و يأبى الله الا أن يتم نوره و لو كره الكافرون) تتمتم حكيمة بهذه الهواجس و تلهج بالوليد الجديد... انه  محمد يا أبامحمد... و قد ناولته حكيمة بعد أن فتح الرضا باب الغرفة ليضعه في مهده؛ ليقول لها:  يا حكيمة الزمي مهده . لم تبارح حكيمة مهد محمد حتى رأت في يومه الثالث ما لم تره في غيره... تحدق حكيمة في الوليد الجديد الذي يرمق السماء ببصره؛ لينظر يمينا و شمالا فيتمتم بكلمات الوحدانية... نعم، تسمع حكيمة صوت الوليد في يومه الثالث:  أشهد أن لا اله الا الله، و أشهد أن محمدا رسول الله... لم تتمالك حكيمة نفسها بعد أن أخذتها رعدة لا تحملها رجلاها المرتجفتان لتقوم بمشقة كبيرة فتخبر الامام بأنها رأت عجبا و سمعت عجبا... أبامحمد، وليدك الميمون ما فتأت ابارحه حتى يريني ما أعجب منه، انه يتشهد، و تحكي له كل ما تراه بنبرات مرتجفة... كان الامام يدرك أنها مفاجئة لحكيمة و لغيرها في كل ما تراه من ولده الميمون، فيقول:  يا حكيمة، ما ترون من عجائبه أكثر 
 
العلامة السيد محمد علي الحلو (طاب ثراه) 
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=142324
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 03 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28