• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كربلاء على كرسي القصّخون..(3)  .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

كربلاء على كرسي القصّخون..(3) 

 كل شيء في صمت إلا عيني، هي التي تجول في المكان للبحث في زوايا هذا الاستذكار العظيم بتاريخ كربلاء، لا أبصر سوى القصخون الذي راح يجول في آفاق مدينتي، فجعل كل تلك الأحداث تعيش في رأسي، وكأني أعيشها واقعاً، لكن قوة الصلوات التي أطلقها رواد المقهى ارجعني اليهم، وإذا به يصيح:
 يا سادة يا كرام، هذه كربلاء السلام، تعيش وقعة أخرى، وهي الخامسة حسب ما ذكرنا، هذه الوقعة كانت تسمى (وقعة الاطواب) وبعض اهل كربلاء كان يسميها باخية، وعندما ذهبنا نستفسر عن سبب هذه التسمية، قالوا: انها اسم امرأة، كانت هذه المرأة شخصية كوميدية تسخر من الموت، ومن جنود الموت، وترقص على اشلاء قصفهم، وتقدم ارقى باقات الشتم والسباب كحالة من حالات الاستنكار الكربلائي لهذا الاعتداء الاثم.
 يقول بعض الناس من ابناء ذلك التاريخ: كنا نسمي وقعة هذا اليوم بصفين الثانية، ست ساعات متوالية ورمي الاطواب متواصل ستون قاذفة تسقط على المدينة الصغيرة بعضها ضرب قلب كربلاء، وبعضها الاخر استهدف الاجنحة، كان الشعب الكربلائي يستهزئ بهذه الاطواب، ويعلق عليها بصوت عال موحد يسمعه العسكر، ويطلقون عبارة (بعر)، ثم صال عليهم اهالي كربلاء صولة مقدامة، قتلت منهم جمعا كبيرا حتى وصل الحال ببعض العساكر الى تعويق انفسهم؛ كي يبعدوا عن ساحات القتال، وأهالي كربلاء يعولون كثيرا في المعركة على امل ظهور العباس (عليه السلام) حاملاً سيفه مشاركا في المعركة، وكان بعض الجند يقول: لو كان معكم العباس لذبحناه، فقتله اهل كربلاء شر قتلة، وكانت الشعارات والاهازيج تتنوع من منطقة الى منطقة ومن عشيرة الى عشيرة، لكنها تتوحد عند رسالة اهل كربلاء الى داود باشا: 
(يا داود يا خناس نحن عسكر العباس) 
وإذا برواد المقهى يتفاعلون مع القصخون الذي راح يكرر الهتاف، فهتفوا معه وبحماس (يا داود يا خناس.. نحن عسكر العباس) ولم ينته هتافهم إلا بعد ان نادى القصخون بالصلاة على محمد وآل محمد، ظل القصخون يرسم هذه الاحداث في ذهنية مستمعيه، ومن المؤكد كل واحد منهم كان يخرجها بالمشهد والصورة التي رواها لهم، أما انا كنت اشعر بروح الانتماء الى هذا التأريخ، وكانت علامات الفخر واضحة على ملامحي. كرر القصخون لازمته المعهودة: يا سادة يا كرام، وعلى مراقد ائمة اهل البيت السلام، الوقعة الاخرى التي خاضها اهل كربلاء كانت تسمى (وقعة الخيمكاه) نسبة الى خيام الحسين (عليه السلام)، ركز أحد القادة على ضرب المخيم لكن اهالي كربلاء ردوه بقوة، اتفق التاريخ بما رواه التاريخ الكربلائي بأن في هذه الواقعة حدثت المعجزة، فقد ظهرت بعض الكرامات كظهور عدد من الاشخاص تحيطهم هالة من النور، اشخاص مشعون على قبة الحسين (عليه السلام)، فنادى الجميع بالصلوات عالية منهم من قال: كانوا اثني عشر يلبسون السواد، وهذا العدد يعني ان الائمة المعصومين قد حضروا لكربلاء وقيل: هم خمسة، ويعني انهم بعدد اصحاب اهل الكساء.
 يقول القصخون: لقد حدثني احد الشخصيات المعروفة في حينها انه رأى بعينه ثلاثة اشخاص، وبيد احدهم لواء اخضر، ويمسك باليد الاخرى سيفاً مسلولاً هوى به نحو العسكر، فلما شاع الخبر نظر اليه اهل محلة باب النجف والتي كانت تسمى حينها آل زحيك، هي طريق النجف وموقع باب السور يقع في منتصف طريق باب قبلة العباس عند موقع سوق الصفارين قديما، وظهرت في حينها نار وتوجه الى جهة العسكر... قلت: هي ربما خدعة حرب، استخدمها الكليدار لتقوية معنويات اهل كربلاء، لكني عرفت ان باب سطح الصحن الشريف لم تفتح منذ اسابيع، وإذا بالجيش الذي تجاوز على الخيمكاه قد انكسر، وقتل منهم اعدادا كثيرة، وجرح الباقين، وانهزم الجيش برمته، واجتمعت بقاياه في محل واحد، وأهل البلد في أماكنهم وقد رفرف النصر على رؤوس المقاتلين، وانكسر العسكر ولم يصب من اهالي كربلاء إلا اربعة اشخاص، اثنان من بني سعد، والثالث من الوزون، والرابع من اهل البلد، وظهرت اعاجيب كثيرة في هذه الواقعة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=137020
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 08 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29