• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع :  مروراً بالمعنى.. علم الألوان .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

 مروراً بالمعنى.. علم الألوان

 أصبح علم الألوان علماً يُدرّس في ارقى الجامعات العالمية، ومراكز البحوث والدراسات، وقال أحد علماء النفس: إن اللون يؤثر في أقدامنا وأحجامنا، ويشعر بالحرارة والبرودة، اللون هو ذلك التأثير النفسي الناتج على شبكية العين سواء كان ناتجاً عن المادة الصبغية الملونة او الضوء الملون، فهو إحساس اذن وليس له وجود خارج الجهاز العصبي. والمقصود باللون عند العامة المواد التي يستعملونها لمادة التلوين، أما علماء الطبيعة يقصدون بتحليل الضوء (الطيف الشمسي).

 يهدف ذكر اللون في القرآن الى تحديد ماهيته: ((قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ)) (البقرة/69) في ما يرد اللون مقترنا بكلمة الاختلاف: ((وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ)) (الروم/22). وفي موضع آخر يرد اللون كدال لغوي ورمزي يشد ذهن الانسان الى التفكير والتدبر: ((زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ)) (الزمر/21).

والألوان الستة التي وردت في القرآن الكريم: (الأخضر، والأصفر، والأبيض، والأسود، والأحمر، والأزرق). كما في الليل، والنهار، والنور، والظلام، يعني كلمات تدل عليها.

السيماء: هي العلامة، وقد ورد هذا المعنى في القرآن الكريم في عدة مواضع: ((تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ)) (البقرة /273)، وقد جاءت في أماكن متفرقة أخرى.

والسيمياء: عبارة عن لعبة التفكيك والتركيب، وتحديد البنيات العميقة، وهي أسلوب دراسة شكلانية للمضمون. لقد ارتبط الوعي الجمالي بالوعي الإيماني في الاعجاز القرآني للألوان، لذا نصل الى حقيقة: (إن الحياة تتجه نحو الأجمل فالأجمل) وليس نحو البقاء للأقوى. وفلسفة الألوان هي علم مترامي الأطراف، يتصل بالأمزجة والذوق الإنساني والثقافات الحية، بل يمتد الى المعاني وأسس تذوق وخصب التفكير والمشاعر، والانسان ينجذب الى الألوان منذ طفولته المبكرة، ويحب اللون الذي سوف يغرزه في ذاكرته بأن للألوان حياة وللألوان روحاً.

ورد لفظ الألوان في سبع آيات فقط من القرآن الكريم، وأشار (عز وجل) الى الأطياف اللونية السبعة التي يتكون منها الضوء، كما جاء لفظ لون مفرداً مرتين في آية واحدة من آيات القرآن الكريم، في قوله تعالى: ((قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ)) (البقرة/69). وجاء اللفظ جمعاً في الآيات: ((فِي الأَرضِ مُخْتلِفًا أَلوَانُهُ)) (النحل/13), ((شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ)) (النحل/69), ((وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ)) (الروم/22)، ((ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا)) (الفاطر/29), ((زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ)) (الزمر/21).

وجاء مقترناً بكلمة اختلاف ((وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ)) (الروم/ 22).

ورد اللون الأصفر (5) مرات، واللون الأبيض (12) مرة، واللون الأسود (7) مرات، واللون الأخضر (8) مرات، واللون الأزرق مرة واحدة، واللون الأحمر مرة واحدة.

يعرف اللون بأنه الانطباع الذي يولده النور على العين، اللون ظاهرة وظفت في الصورة الفنية القرآنية؛ لتلعب دورها في الدلالات القرآنية، والألوان تأتي للتعبير عن نوع الأصناف والأجناس والهيئات, واللون الأخضر له بعض الدلالات مثل: لون الشجر والزهور ((فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا)) (الانعام/99), ((وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ)) (يوسف/43), ((وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ)) (الكهف/31), ((فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)) (الحج/63).

 وقد يشير اللون الأخضر الى لون الحياة والحركة والسرور والتعبير عن الحياة والخصب والنماء والتفاؤل، وهو لون الربيع، ويعتبر الأخضر في الفكر الديني رمزاً للخير والايمان، ولذلك تجده في قباب المساجد، وأستار الكعبة، وعمائم رجال الدين.

 اللون الأصفر يحمل بعض الدلالات، كإدخال السرور على من ينظر الى هذا اللون، ويعتبر من اشد الألوان فرحاً، وله دلالة نقيضة تدل على الحزن والهم والذبول والكسل وصفرة وجوه المرض.

 وقد ورد اللون الأصفر في القرآن (5) مرات، قال تعالى: ((قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ)) (البقرة/ 69)، وفاقع لونها أي شديدة الصفرة، وتسر الناظرين تبين دلالة هذا اللون المبهجة في الطبيعة، وهذا اللون لا يستخدم مجازاً الى في الابل ((كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ)) (المرسلات/33)، والعرب تشبه الابل بالقصور، وسمت العرب سود الابل صفراء: ((وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ)) (الروم/51)، ومن الثابت علمياً أن اللون الأصفر هو أقوى الألوان وأبرزها.

واللون الأزرق كلون وجوه الكافرين عند الحشر لشدة اهوال ذلك اللون: ((وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا)) (طه/102) استخدم اللون الأزرق بصورة مخيفة، وهذا اللون لم يدل على الخوف والوحشة إلى ما تركه من سواد هذا اللون، إلا من كلمة (زرقا).

اللون الأحمر مثل لون قطع بعض الجبال: ((وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ)) (فاطر/27)، واللون الأحمر لم يرد في القرآن الكريم بلفظه الصريح إلا مرة واحدة.

اللون الأسود له بعض الدلالات مثل ظلمة الليل: ((وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)) (البقرة/187)، ((يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ)) (آل عمران/106)، وعندما يقول عن المنافقين إن وجوهم مسودة، هذا تعبير معنوي دلالته أن لفظ الأسود جاء للتعبير عن الحزن الشديد، وعن مدى قتامته، يحمل اللون الأسود دلالتين: الأولى تحيل على الصمت المرتبط بسكون الليل، والموت الأبدي، والقلق، والحزن. والدلالة الثانية: له لون السيادة والسلطة والجرأة والدهاء، ويعبر عن قداسته اكساء الكعبة بالسواد، والحجر الأسود يقبله المتعبدون.

ورد اللون الأسود سبع مرات في القرآن الكريم، بعضها تمثل الكفر والعصيان وسواد الوجه يرمز الى سواد الروح. واللون الأبيض له بعض الدلالات مثل: الضياء والصباح واشراق الشمس، اذا كان في وقت الفجر، ولون لوجوه السعادة، اذا كان يوم القيامة، ومعجزة موسى ببياض يديه بدون برص.

وللألوان تأثير عميق في دواخل النفوس، ولها اثر واضح في تحريك الذوق الجمالي المتماشي مع كل انسان.

(ملاحظة: كان المعنى كتاب (سيمائية الألوان في القرآن) للكاتب: كريم شلال الخفاجي).

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=129876
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 02 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28