• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الراجل اللي واقف ورا صدام..!!! .
                          • الكاتب : محمد غازي الأخرس .

الراجل اللي واقف ورا صدام..!!!

المصريون ملوك النكتة كما أننا ملوك النحيب. قلت هذا وأنا أضحك كمجنون على قفشات المصريين الذين وضعوا "الراجل اللي ورا عمر سليمان " بين فرضة السخرية وشعيرتها وراحوا يتسابقون في الرمي لدرجة أن أحد المطربين سجل أغنية عنوانها " الراجل اللي ورا عمر سليمان" . والمقصود ، كما تعرفون ، هو ذلك الضابط المسكين الذي ظهر خلف سليمان بينما الأخير يعلن تنحي مبارك . كان " الراجل" متجهما وذا ملامح صارمة ، لم يلتفت ، لم يرمش ، ولم يتنازل عن تشنجه .
كانت الأغنية طريفة ؛ المطرب المصري يردد : الراجل اللي واقف ورا عمر سليمان ، وعلى الشاشة يبدو الراجل نفسه وهو يقف خلف جمال عبد الناصر بينما الأخير يعلن تنحيه بعد حرب حزيران، ثم ها هو ذا يظهر مرتديا البزة النازية خلف أدولف هتلر ، ثم خلف السادات وحسني مبارك. والغريب ، بل الدال ، أن مخرج الأغنية لم يتذكر صاحبنا ، صدام ، في تلك الأغنية . وهذا ربما يعكس شدة تعاطف المصريين مع طاغيتنا وحبهم له.
وبما أنني وصلت إلى صدام فقد كان للأخير رجال يقفون خلفه وليس واحدا ، أقصد أولئك "الحماية " الذين أجبرنا لسنوات طويلة على التطلع إلى شواربهم الثخينة وملامحهم التي يعجز السيف عن قصها . هل تتذكرون مثلا " الراجل اللي ورا صدام " في الثمانينيات ؛ صباح مرزا ، الوسيم كما كنت أراه ، ولكن القاسي كما خيل لي . كان الرجل يقف كتمثال شمعي خلف سيده لساعات دون أن يبدو عليه التعب أو الضجر. وفي بعض المرات كان يشير له صدام بيده فيشعل له السيجار الكوبي أو يناوله الولاعة . وفي بعض الزيارات " التفقدية " للمواطنين كان يخرج عن وقاره أحيانا فيضحك مع المواطنين ، بل إنني رايته ، ذات مرة ، وهو يمد سيخ " التكة " في التنور كأنه في سفرة .
أتذكر أيضا أن صباح مرزا اختفى فترة عن الأنظار فأشيع أنه قتل أو سجن. والحق أنني لا أستطيع الآن تفسير شعوري العابر بالحزن بعد سماع الشائعة. لعل الأمر مرتبط بفقدان شيء بصري اعتدت عليه ! ولكن بعد ذلك بأشهر " أطل الراجل اللي ورا صدام " مرة أخرى ، فاندحرت الشائعة اندحار عدو رعديد . والطريف أننا في البيت لاحظنا أنه ليس على ما يرام صحيا . وكنا نقول ذلك بحسرة ـ خطية أشو ضعفان !! في اليوم التالي نهضت شائعة أخرى فقيل أنه مريض بالسرطان ! هل كان ذلك نوعا من الأمنية الجمعية ذات الطابع الانتقامي ؟ ربما .
المهم أن ميرزا اختفى لاحقا ولم نعد نراه . انشغل بهموم أخرى ليس من بينها مد أسياخ اللحم في التنانير. وفي ذات يوم ، بعد سقوط النظام ، رأيت لـ " الراجل اللي يقف وره صدام " فيلما إرشيفيا نادرا ؛ كان ميرزا يجلس في خيمة عربدة مع قصي صدام وهما ثملان ، يترنحان ، بينما الراقصات يحطن بـ" الرفاق" ويمتعنهم بردح " من هذا الليعجبك" .
وأنا أنظر إلى الفيلم ، تساءلت ـ أهذه هي الحياة الداخلية لـ"الرجل اللي واكف وره صدام " ؟ يالاندحار أعمارنا إذن،يا لخيبتنا العظمى وخسارتنا التي لا تعدلها خسارة !
الأمر يحتاج إلى " لطمية " أيها الأعزاء ، فنحن ملوك النحيب كما قلت كما المصريون ملوك النكتة،وشتان بين "الراجل اللي واقف ورا عمر سليمان " و" الزلمة الواكف وره صدام.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=12723
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 01 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29