• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عبقري الدعاء الامام زين العابدين (عليه السلام) .
                          • الكاتب : حسين علي الشامي .

عبقري الدعاء الامام زين العابدين (عليه السلام)

القلم والميزان، الرحمة والانسان، الهداية والآدمية حكايا خطت بقلم الصبر على الواح الطين السماوية المنحوتة على لبن العصمة الطاهرة، جاءت نوراً يبث في بدن الامة الضائع في سراديب قتل الحياة، واللاشعور الذي اردى بسمات الانسان شهيدة على رمل الباطل والمجون الذي قضته حكومة بني امية القاسية فضربت اسوار المنع على عقول المتنورين والإستشراقين بشروق الحقيقة التي باتت في وقت عابد اهل البيت الامام السجاد اسيرة ممنوعة من البوح باي خطاب ..
الخطاب والبيان كانا حبيسي أغلفةِ الكتب تحيطهما وريقات التعاسة من كل جانب فالوقت الذي يعيشانه وقت اختلط فيه كل شيء اذ لا شيء يمكنه ان يكون واضحاً من بين الاخريات الا الحقيقة الوحيدة التي صمدت لتولد عبقرية تخاطب عقول الامة وتكسر قيود الخنوع ببيان القران وخطابه ودعاء الانسان وسكونه بين يدي خالقه ..
كان الجلوس تحت الشمس يقويه رغم ضعفه والنخلة تشهد على الالف ركعة والبقية على الصلاة التي لم يفارقها، وايوان الماء وقصعة الطعام كانت تشهد على شفاه اعتذرت عنهما كرامة للحسين الذي غدا في كربلاء طريح قتيل سليب مغدور من طغمة كانت تعرف الحق والحقيقة لكن هواها زيف الامر ليخرجوا بعذر تقبله نفوسهم وترفضه السماء كلياً ..
كان فيه كل شيء يدل على باطل هؤلاء الذين اسروا الحق ووضعوه خلف قضبان غليظة يراقب غصن الحق يخضر ليخلصه من بطلانهم وعدوانيتهم ويرفع الغشاوات عن العيون ويفتح اسماع الناس على الواقع الذي اختفى فيه الصلاح ولم يبقى منه الا السراب الذي يكذب بكل شيء ويحتال على العقول .
زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) كان ميزان الحقيقية وسيف الحق ولسان القران ومنطق الخير وثقل السماء وقوة الارض الذي رفض ان يكون الواقع اسود محطم والحقوق تضيع من غير مطالب او محاكم، ومواجه يصنع للناس السبيل، ويفتح القلوب بسيل الكلام العذب ويوجه الحروف مع اتجاه الرياح نحو الارواح فيعطي كل ذي حق حقه ويطالب بالتغير بطريقة جديدة وبمواجهة قوية وكبيرة دون السيف او المواجهات العسكرية ليصنع القاعدة الاسلامية والانسانية من جديد بطريقة علمية تثقيفية مستخلصة نهجها من دم الثورة في كربلاء وحلم النبي مع قريش وحكمة علي وسياسة الحسن بتدارك الازمات وقيادتها باتجاه صلاح الناس لتنتج كل تلك المكونات عبقرية الدعاء الذي واجه الامام السجاد به الطواغيت فخَنق عليهم الوثاق وزلزل مقاعدهم واسقط تيجان حكمهم لينتهي بهم المطاف الى السقوط من اعين الناس وكشف وقائع افعالهم بطرق جديدة ليس بمقدور تفكيرهم المحدود ان يسيطروا على هذا المد الانساني الكبير الموجه الى العالمين اجمع يكسر الاغصان اليابسة الميتة التي جاء بها فكرهم المتحجر ووضعها على شجرة المعرفة المطلقة ليوقفوا عقول البشر عن تطوير المعتقد واستخلاص المفاهيم الانسانية، ليعمل السجاد (عليه السلام) بطريقتين منفصلتين لتوفير فرصة العلم والتعلم والتواصل مع المحبين والمريدين بطريقة كان هو الاول باستثمارها واستيعاب مفاهيمها بعد الاحاطة الكاملة بمتطلبات الامة بالزمان الذي يعيش فيه فكان له في الحقوق مؤلفاً قدم فيه الفرصة للأمة من خلال تنمية الوعي الذاتي والنهوض بالمفاهيم العامة لربط الاكبر بالأصغر من خلال العلاقات الانسانية الحميدة الايجابية من خلال توفير فرصة المكاشفة والتعامل الواضح بين اطراف الحوار والعمل والتعامل لتكون صحيفة الحقوق مدرسة الهام وعبق فكري لم يسبق الامام زين العابدين (عليه السلام) أحداً ان جاء بمثله او قدم مثاليتها بفكرها السامي ..
استمر عمل الامام علي بن الحسين (عليه السلام) على منهج التطوير الفكري العبقري لمسألة الدعاء واستثمارها بطريقة ناضجة وجديدة يخرج منها ايحاء الفصل بمسائل الامة و تأكيدات اركان الدين والعقيدة ..
كما انه جعل هذا الدعاء طريقاً قويماً لضرب حاكمية الطغاة وايقافهم عند الحد الاول اذ لم يستطيعوا ان يحموا افكارهم بعد الرسائل الواضحة التي ارسلها الامام مخاطباً فيها عقل الامة ومستنهضا لبها لوقف اجرام طواغيت الامة من الامويين والتابعين لهم .
[اللَّهُمَّ إِنيِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَيَجَانِ الْحِرْصِ، وَ سَوْرَةِ الْغَضَبِ، وَ غَلَبَةِ الْحَسَدِ، وَ ضَعْفِ الصَّبْرِ، وَ قِلَّةِ الْقَنَاعَةِ، وَ شَكَاسَةِ الْخُلُقِ، وَ إِلْحَاحِ الشَّهْوَة]
بصورة مثالية وطريقة انسانية ذات حس واعي ومنطق منفرد استطاع ان يعمل الامام السجاد من خلال هذا الدعاء تنضيج مفاهيم الايثار الانساني وتنشئة منطقية التعامل وتوجيه الافكار نحو العطاء والتقدم وضرب اخلاقيات الانانية عرض الحائط وعدم خلق شخصية ذات تفكير محدود تتكأ على الغرائز وتترك مصدر ديمومة الانسان العقل. فبالعقل يمكن مواجهة الباطل وتفنيد اعذاره وهذه ثمرة من ثمرات عبقرية الدعاء التي وجهها الامام صوب تطوير فكر الامة وارشادها المفاهيم العقدية والدينية بطريقة جديدة.
كما انه وجه بلقطة من دعاء له في الشدائد العقلية الانسانية نحو استخلاص الطاقات والسيطرة على الذات والتوجه نحو الحقيقة المطلقة بأقدام ورغبة دون التطلع لمشتهيات النفس او التنازل عند الضغوطات فالوعي الانساني يرغب بتفجير القدرات التي مَنَّ الله على البشري بان وهبها له ليكون الخليفة والقائم بالامر على الارض حيث ان هذا الخيار لم يأتي عفويا انما جاء وفق الهبات التي خص الله بني ادم فيها دون غيرهم حيث قال:
[أَللَّهُمَّ إنَّكَ كَلَّفْتَنِي مِنْ نَفْسِي مَا أَنْتَ أَمْلَكُ بِهِ مِنِّي، وَقُدْرَتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيَّ أَغْلَبُ مِنْ قُدْرَتِي، فَأَعْطِنِي مِنْ نَفْسِي مَا يُرْضِيْكَ عَنِّي، وَخُذْ لِنَفْسِكَ رِضَاهَا مِنْ نَفْسِي فِي عَافِيَة].
السجاد(عليه السلام) بالتنوع الفكري خاطب الامة وساعدها على مواصلة العمل التقدمي صوب وجهة الخلاص من الباطل لتكون كلمات الحقوق والدعاء عبقرية بيانٍ وخطابٍ استثمرهما الامام بوقت مهم واستطاع من خلاهما الحفاظ على الواقعية الاسلامية ومنع تفشِ السلبيات الخرافية التي اراد طواغيت ذلك الزمان الاطاحة بحكم القران والسنة من خلال تزييف الواقع على الامة وحرفها عن جادة الطريق نحو وجهةٍ مظلة تنتهي عندها كل مبادئ واركان الاسلام وعقيدته .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=126544
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 11 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18