قال الحاج: طيب سأسألك يابني. قلت في سري: (الله يستر) وفي العلن: نعم ياحاج. قال: ما نعني بالتعليم؟ قلت: هو منحك خبرة في فهم او صناعة شيء ما. قال: جيد وما التلقين يابني؟ قلت: هو منحك موضوعا ما. قال: هذا المعنى النحوي للتلقين، لكن ما الفرق بينهما؟ قلت: والله ياحاج اعذرني ومنك نستفيد، قال: يابني التلقين يكون في الكلام فقط لكن التعليم يكون في الكلام وفي غيره، نعم نقول: لقنه الشعر لكن لا نقول: لقنه النجارة والتجارة والخياطة... 
  قلت: صحيح والله ياحاج (صرت اتمنى ان لاينهي الطريق) فالحاج ممتع وحديثه شائق ومفيد، ياترى كم مثل الحاج نمتلك في هذا العالم؛ رجل مثقف في العلم لكنه بسيط متواضع يتواصل مع الناس بسهولة، فارق كبير بين ظاهره ومعناه استطاع أن يبتعد عن مفهوم الاختبار رغم اني الى الآن اشعر بالخجل حين يكتشف جهلي بمعلومة ما واحاول تغطية هذا الخجل باعتراف خجول هو قصور لاشك لكنني لم انتبه اليه من قبل. قال الحاج: ماهو التناقض؟ قلت مع نفسي: ما الذي ذكّر الحاج بهذه المفردة الان... يا لخيبتي لو اكتشفت انه يدرك بواطن الهمس ومحادثة النفس، قلت ياحاج: يبدو انني ادركت ما تريد. فأجاب بفرح: وماذا اريد؟ تريد ان تصل بي الى ان التناقض هو تضاد في القول وليس في الفعل، قال الحاج: الله أكبر ذكي ياصديقي (تفهمها وهي طايرة). 
  هي رحلة ممتعة مع هذا الرجل. شعرت بالعطش ياحاج... فأجاب: وانا كذلك يابني، لابأس ياحاج سأجلب لك الماء من الثلاجة التي بجنب السائق، فجلبت معي قدحاً للحاج، تناول ياعم واشرب هنيئاً... ابتسم الحاج وهو يشرب ثم قال لي: خذ القدح؟ ضحكت حينها: والله ياحاج لاتدع شيئاً يفوتك ابداً. اخذت القدح الى مكانه وانا اذكر المسألة، واتمحّصها، فقال لي: (تناول) تعني ثمة شيء يتحرك داخل المعنى. قلت: هذه ايضا فهمتها. قال: جيد وماهي؟ قلت: لأن التناول هو اخذ الشيء، ولكن عندما أناولك الشيء لتأخذه الى غيرك تسمى خذ... قال: يابني ألا ترى الله سبحانه وتعالى يقول "وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ".