• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المشاكل العربية المتوالدة وجوهرها!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

المشاكل العربية المتوالدة وجوهرها!!

لكل دوامة منطلق , ولكل إعصار مبتدأ , وللمشاكل مهما تعاظمت جوهر من رحمهِ توالدت وبواسطته تسامقت وتعددت.

هذا قانون سلوكي شامل كامل , ولا يمكن لأية ظاهرة سلوكية في الكون أن تحيد عنه.

فالخطوة جوهر الوصول إلى الهدف , والفكرة طاقة الصيرورة والكينونة وبها يتحقق الطلب.

وعندما نتساءل عن جوهر المشاكل العربية , ونستخدم هذ القانون للجواب , يبدو أن جوهر المشاكل بأسرها سياسي وحسب.

فالمشاكل العربية ليست إقتصادية أو إجتماعية أو دينية أو مذهبية وأمّية والكثير مما يمكن وضعه على قائمة التبريرات والتحليلات الخائبة , فما نتحدث عنه وفقا لهذه النمطية الإقترابية موجود في جميع المجتمعات بمختلف درجاتها التقدمية المعاصرة.

فما موجود في المجتمع العربي موجود في الصين والهند واليابان والكوريتين ودول أوربا وأمريكا , والقاسم المشترك الوحيد الذي يوجد في جميع الدول المتقدمة وينتفي في المجتمع العربي هو النظام السياسي الراسخ , فالعرب فشلوا وعلى مدى أكثر من قرن من الزمان في إنشاء نظام سياسي معاصر يحترم حقوق المواطن والوطن , ويكون ثابتا ومؤهلا لإضافات الأجيال ويسعى للتراكمات المتوافقة مع عصرها.

فشل العرب فشلا ذريعا مما أدى بهم إلى الدخول في دوّامات الدوائر المفرغة من الخسران والإنتكاسات والإحباطات المتواترة , فالدول العربية لا تعرف الإستقرار السياسي , وما تمكنت من حل موضوع تداول السلطة بآليات دستورية وقانونية.

والأمثلة واضحة في الدول العربية كافة , فلو أخذنا العراق مثلا لرأينا أنه كان صاحب نظام دستوري ديمقراطي واضح منذ تأسيس دولته , حتى عام 1958 عندما هيمن العسكر على السلطة ودمروا ما هو قائم وما تمكنوا من إقامة ما هو دائم , ودخلت البلاد في مسيرة الأعاصير الإنقلابية التي تسمى ثورات , وما فعلته هو هدم ما هو قائم , ومحق كل ما أنتجه وأسسه النظام الذي قبلها , وعلى جميع الأصعدة العمرانية والثقافية والتعليمية والفنية وغيرها , والشروع بتأسيس ما لا ينفع ليأتي بعدها مَن يمحق ويجتث , كما جرى في 1963 و 1968 وأخيرا في عام 2003 حيث تم إبادة ما تم تشييده في 35 عام , ولا تزال دوامة الخراب والدمار تعصف في أرجاء البلاد بما فيها من نوازع إنتقامية , منورة بالأضاليل وآيات الدجل والبهتان وتصفية الحسابات والتعبير عن الأحقاد.

ومثل هذا جرى في سوريا واليمن وليبيا ومصر , وفي دول عربية أخرى في شرق وغرب الوطن العربي , ولو تأملنا الواقع العربي الحالي لتبين بوضوح غياب النظام السياسي العربي الواضح المعاصر الذي ينفع الوطن والمواطن , بينما في المجتمعات القوية المتقدمة هناك نظام سياسي راسخ ثري بالتراكمات , والمعايير والضوابط السلوكية الكفيلة بالحفاظ على حقوق المواطنين وحريتهم الإبداعية وقيمتهم الإنسانية , مهما كان مستوى وعيهم وثقافتهم , ولهذا فأن هذه الأنظمة السياسية الراسخة تستوعب أبناء الدنيا قاطبة , فيأتيها الجاهل والمتعلم والذي لا يعرف عن ثقافة البلد شيئا , لكنه ينخرط في النظام القائم ويتحول إلى قوة إيجابية ذات قيمة إقتصادية نافعة.

بينما المجتمع العربي يعجز عن إقامة النظام السياسي المستوعب لمواطنية والمتعامل بعدل وإنصاف مع ثروات البلاد , كما يحصل في قطاع النفط , والعراق مرة أخرى كمثل واضح على عدم قدرة المجتمع على إقامة نظام وطني إقتصادي يتعامل مع ثروة النفط , فصارت من حصص المستحوذين على السلطة , فيتصرفون بها بأنانية وفساد ويتحقق السلب والنهب والثراء الفاحش , ويتنامى الفقر والإملاق والقهر والجوع والبؤس والحرمان بين الناس , والفاسدون منهمكون بأخذ ثروات النفط , ووضع الشعب في خانة المساكين المغضوب عليهم المحرومين من حق الحياة.

ولو كانت هذه الثروات في أي مجتمع آخر في الدنيا لما سمح بذلك , وإنما لنظمها بقانون ووضع المعايير والضوابط وأجهزة المراقبة التي تحاسب على الفلس الواحد كيف أتى وأين ذهب.

ويبدو أن للنفط دور في عدم إقامة أنظمة راسخة في الدول العربية النفطية خصوصا , لكن الواقع العربي برمته لا يميل إلى هذا الإتجاه , ويعزز سلوك الأعاصير الإنقلابية أو التغييرات المعبأة بالشحنات العاطفية والنزعات الدموية.

وتلك بإختصار الحقيقة الجوهرية للويلات العربية , فهل سينجح العرب في إقامة أنظمة سياسية راسخة ذات قيمة وطنية وحضارية؟!!




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=116066
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 02 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28