• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : البعد الإنساني لفتوى الجهاد الكفائي البحث المشارك في مهرجان فتوى الدفاع المقدسة الثاني .
                          • الكاتب : محمد جميل المياحي .

البعد الإنساني لفتوى الجهاد الكفائي البحث المشارك في مهرجان فتوى الدفاع المقدسة الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم
عنوان البحث
البعد الإنساني لفتوى الجهاد الكفائي
مهرجان فتوى الدفاع المقدس
العتبة العباسية المقدسة
الباحث 
محمد جميل عودة 
مدرس مساعد 
جامعة بغداد 
كلية العلوم السياسية
المطلب الاول : فتوى الجهاد اسبابها ونتائجها 
المطلب الثاني : البعد الانساني لفتوى الجهاد الكفائي 
الخاتمة 

المطلب الاول : فتوى الجهاد اسبابها ونتائجها 
ان البحث والاستنتاج عن دور المرجعية الدينية في العراق وتحديدا مرجعية الامام السيستاني لا يمكن ان يعطى استحقاقه وحقيقته دون التوسع في البحث ليشمل الاصول الفكرية لطروحات المرجعية وعمقها الفقهي والفكري من مجمل التطورات والاحداث السياسية والاجتماعية ...الخ.
وبما اننا ملزمين بمحددات البحث عدديا وموضوعيا سنختصر البحث فقط عن ابرز الطروحات والمواقف التي تبنتها مرجعية السيد السيستاني والتي اسهمت بشكل محوري في تغييرات مهمة في تحقيق الامن والاستقرار ومنع حدوث الفتنة الطائفية.
ندرك جميعا حجم التعقيدات في المشهد العراقي لايمكن ان تعالج سلة واحدة ووقت واحد  بقدر ما يحتاج الى مجموعة عوامل متفاعلة تفكك مجمل الازمات وتضع العلاجات الجذرية لها وفق خطط عملية وعلمية.
سنحاول في هذا البحث المتواضع تغطية البعد الانساني لفتوى الجهاد الكفائي التي اطلقتها مرجعية السيد السيستاني في منتصف حزيران 2014.

فتوى الجهاد الكفائي أسبابها ونتائجها :
المتتبع للمشهد العام في العراق بعد عام 2003 سيلحظ بشكل مباشر تداخل مجموعة العوامل والتفاعلات الداخلية والخارجية والتي اسهمت سلبا في عدم الاستقرار السياسي والامني ..الخ,
ولكي نشخص بتمعن وعلمية بعيدا عن العواطف والتبريرات,فالعامل الاكثر تحملا للمسؤولية في ذلك الجانب هو الانقسام السياسي والمعادلة الصفرية التي تتحكم بالمشهد, ولعل الفرقة والانقسام الداخلي هي المدخل الاساسي لتخل الاخرين وهيمنتهم, فعامل الطائفية السياسية والهيمنة الحزبية واستشراء الفساد فضلا عن العوامل اخرى كانت احدى اهم اسباب عدم الاستقرار الامني من اكثر من 13عام .
ساهم المرجع السيستاني بعد عام 2003 بشكل مباشر في تعزيز الامن وخلق بيئة اجتماعية داعمة للقوات الامنية العراقية , ورفض منذ اللحظات الاولى للتغيير في اعطاء اي شرعية لاي جهات مسلحة ان كانت تابعة لجهات اسلامية او سياسية , ويرى ان الاستقرار الامني لا يمكن ان يكون الا من خلال تعزيز القوات الوطنية العراقية وتوفير الدعم والاسناد والمعدات الضرورية لها , ورفض بشكل قاطع تشكيل اي ميليشيات مسلحة ( ) .
وقدم المرجع السيد السيستاني الدعم الكبير للقوات الامنية العراقية في الكثير من الاحداث والمواقف التي مر بها العراق وكانت جميع طروحاته تؤيد بناء قوات امنية عراقية على اسس وطنية سليمة وان تكون تلك القوات من العناصر الصالحة والكفوءة , وتقديم الدعم اللوجستي والفني لها مع وضع خطط متطورة تعالج الاخطاء والاخطار , ويعتقد المرجع السيستاني ان عدم تمكين القوات العراقية وجعلها هي من تحقق الامن والاستقرار سيفسح المجال لتصدي ( ) 
وجاء هذا الدعم من خلال لعل القراءة الواعية لطروحات المرجع السيد السيستاني , وتؤشر لنا بشكل علمي واضح ان تلك الطروحات تؤسس لخارطة طرق سلمية وتشخص الاحداث والمواقف وتعطي ارشادات وتحذيرات مباشرة لا تقبل التحريف , ولعل اهتمام المرجعية الواضح بإصلاح الملف الامني لم يكن الا ادراكاً منها لحجم الخطورة المجتمعية التي يشكلها هذا الملف , وان المرجع السيد السيستاني يرى ان احد اسباب سقوط المدن والخلل الامني هو بسبب عامل الفساد الذي استشرى في المؤسسة الامنية وعدم المهنية في ادارة تلك المؤسسة وكذلك عدم تمكين المؤسسة الامنية في مواكبة التطور التقني والتكنولوجي , وفي قبال ذلك التشخيص يحمل المرجع السيستاني الحكومة العراقية ويدعوها ان تتبع سياسة الحزم والمحاسبة الشديدة للعناصر التي يثبت تورطها في الاعمال الارهابية او تماهلت في اداء واجباتها , ويطالب الحكومة ان توفر الاجهزة والمعدات الكافية ذات التقنية العالية التي تكشف السيارات المفخخة , واعتماد التدريب والتعليم الامني والعسكري والاهتمام بالجانب الاستخباراتي وملاحقة الخلايا الارهابية النائمة .( )
احد اهم المشاكل التي عاشها ويعيشها العراق هو انه ضحية لصراعات اقليمية ودولية وتقاطع مصالح لدول كبرى , حيث اصبحت الارض العراقية ساحة تصفية للحسابات وبسط النفوذ , ولعل اختلال الملف الامني في 2003 ولغاية اليوم يأتي بشكل اساسي بسبب العامل الخارجي لذلك لم تنفع تنفع الاجراءات العسكرية مهما كانت قوتها لان الملف فيه بعد امني وعسكري وقومي واستخباراتي ... الخ , وان اللوم الاكبر يقع في ذلك على الولايات المتحدة الامريكية كونها هي الراعية للتغيير الديمقراطي في العراق وهي المسؤول بشكل مباشر على الملف الامني والعسكري لاكثر من ثمان سنوات , وان زيادة التطرف والارهاب قد بدأ في سجونها ومعتقلاتها , حيث انها ترى داعش يتمدد امام اعينها ولم تعمل على معالجته بشكل حقيقي وهي تنفذ ضربات حسب حاجته ووفق المصلحة 
لذلك نجد من ان المرجعية تحذر من عالمية الارهاب ما نجده في الوقت الحاضر والذي يجري في كثير من مناطقنا لاسيّما دول الشرق الأوسط من انتشار ظاهرة الإرهاب والفكر المتطرّف المبني على استخدام العنف وعدم القبول بالتعايش مع الآخر تعايشاً سلمياً، وهذه التصرفات قد شوّهت سمعة الإسلام وسببّت إراقة الكثير من الدماء للمسلمين وعدم الاستقرار في عدد من دول المنطقة.وتعتقد اتساع هذه الظاهرة وامتدادها الى دول متعددة حيث بات من الممكن أن تتّسع هذه الظاهرة أكثر في المستقبل لتشمل دولاً وشعوباً أخرى، لذا لابدّ أن يكون هناك تكاتف بين الجميع في سبيل مكافحة هذه الأفكار، واعتماد الفكر الوسطي المعتدل الذي بُني عليه الإسلام والديانات السماوية كأساس في التعايش السلمي بين مكوّنات أي مجتمع، ومن دون ذلك فإنّ هذه الظاهرة لا يمكن الحد من تأثيراتها السيئة على الإسلام ودول المنطقة، بل ستتّسع لتشمل المزيد من الدول الإسلامية وغيرها ".
فنلاحظ ان مرجعية السيد السيستاني شخصت بأن مشكلة الإرهاب أصبحت مشكلةً عالمية، وبدأ المجتمع الدولي يعاني من خطورتها لاسيّما وإن مصطلح الإرهاب أخذ يتصدّر أغلب الأخبار المرئية والمسموعة".
وأنّ حقيقة الإرهاب مبنيّة على من يعتقد أنه هو الأصحّ دون الآخر، فلابدّ أن يستعمل معه طريقة العنف لإثبات فكرته، والمجتمع الدولي يعاني من هذه المشكلة، والعراق عانى من هذه المشكلة، ولازالت هناك عمليات لا تصنّف إلا في خانة الإرهاب، منها تفجيرات واستهداف الأبرياء وتفجير مجالس العزاء بلا وازع، لأن هؤلاء يعتقدون أن جزاء من يختلف مع أفكارهم ومعتقداتهم هو العنف وقتل الآخرين".
أن هذه القضية أصبحت قضية دولية ولا تخصّ العراق أو بعض الدول فحسب، بل أمست قضية تخصّ المجتمع العام.
وتعتقد المرجعية ان العراق دفع الكثير من الدماء جرّاء هذه الأفكار".
وتطالب المجتمع الدولي بوضع حلول جذرية لهذه الظاهرة الخطيرة؛ لأنها لاتقف عند دولة والجميع سيعاني منها إن لم تُحلّ المشكلة، ولابدّ من وجود قناعات حقيقية لمعالجة ومكافحة كلّ ما يتعلق بهذه الآفة المسمومة، سواء كان الأمر يتعلّق بحواضنها أو بداعميها أو المروّجين لها، الكلّ والعالم يرى الآن أن عموم الاستهدافات تكون للأبرياء، ولا تكون منازلة حقيقية كأن تكون قوة مقابل قوة، وإنّما تكون استهدافاً للتجمّعات البريئة، سواء كانوا أطفالاً أو أسواقاً أو غيرها، وهذا الأمر ما جاء إلّا من خلال القناعة بمعتقد مبني على العنف ( ) . .

فان تحليل عدم الاستقرار الامني او البحث في اليات تحقيق الاستقرار دون البحث في الاسباب الاجتماعية والاقتصادية والفكرية يعد بحثا منقوصا ومشوها , لذلك لعبت ايضا تلك العوامل سلبا في تهيئة الغطائات او البيئة لعدم الاستقرار الامني,ولكي نلتزم بمحددات البحث سنحاول الايجاز لاهم الاسباب التي ادت الى اعلان فتوى الجهاد :

اسباب الفتوى :
مثلت داعش مجموعة من المجاميع الارهابية التي ظهرت بعد 2003 بشكل علني وساهمت تلك المجاميع الارهابية بقتل المواطنين العراقيين من خلال التفجيرات الارهابية والانتحاريين والاغتيالات المنظمة الجماعية والفردية فضلاً عن تهجير العوائل واخذ الاتوات وارعاب الناس وعملت تلك المجاميع بشكل خاص على استهداف المؤسسات العامة والاسواق والقوات الامنية وتخريب البنى التحتية , وبعدما تطورت الاوضاع الامنية والسياسية ونتيجة التدخلات وعوامل داخلية وخارجية انصهرت المجاميع المبينة ادناه تحت راية تنظيم داعش الارهابي ( ) :-
1- تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين         2- كتائب انصار السنة والتوحيد
3- جيش الطائفة المنصورة             4- سرايا الغرباء
5- سرايا الجهاد الاسلامي             6- سرايا انصار التوحيد
7- كتائب الاهوال                 8- جيش اهل السنة والجماعة
9- كتائب المرابطين                 10- جند الصحابة
11- جيش الفاتحين                 12- كتائب انصار التوحيد والسنة
13- سرايا ملة ابراهيم             14- سرايا فرسان التوحيد
15- كتائب كردستان                16- جيش المجاهدين
17- كتائب ثورة العشرين             18- الجيش الاسلامي
19- انصار السنة                 20- جيش عمر
___________ 
1-عبد الامير الاسدي وعبد العزيز عليوي , بوصلة الادارة والسلطة في تنظيم داعش , داعش ايكولوجية التمدد , وشم الدين بالدم , مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية , ط2 , 2016 , بغداد , ص313-
314 .
ولعل الدول التي ينتمي لها ارهابي داعش توضح مدى خطورته العالمية , وتشير أحدث التقارير الى أن التونسيين يتصدرون قائمة انتاج مقاتلين لارسالهم الى «داعش»، حيث يقدر عددهم بـ4 آلاف، ويأتي السعوديون بالمرتبة الثانية (3700 متطوع). وفي ما يلي أحصائية بأعدادهم وجنسياتهم، وهي أحصائية تقريبية لغاية نوفمبر 2014، أخذت في الاعتبار الزيادة الشهرية منهم:
4 آلاف تونسيون ـ 3700 سعوديون ـ 1500 أردنيون ـ 170 من دول خليجية أخرى، بينهم 80 كويتياً تقريباً ـ 2000 مغاربة ـ 600 مصريون ـ 350 جزائريون ـ 900 لبنانيون ـ 150 من إسرائيل وفلسطين ـ 750 ليبيون ـ 500 أفارقة آخرون مثل الصوماليين والسودانيين والماليين ـ 350 يمنيون ـ 1100 فرنسيون ـ 700 بريطانيون ـ 550 من ألمانيا ـ 300 بلجيكيون ـ 1700 من روسيا والشيشان وأوكرانيا ـ 850 أتراك ـ 250 استراليون ـ 250 من الدانمرك والنرويج والسويد ـ 120 من هولندا ـ 250 من الولايات المتحدة وكندا ـ 950 من باكستان والهند وبنغلادش ـ 300 أفغان ـ 350 من تركمانستان وطاجيكستان ـ 200 من فنلندا وسويسرا ـ 100 من الصين ـ 350 من البوسنة وكوسوفو وألبانيا ـ 100 من اندونيسيا ـ 50 ماليزيا.
وهناك أعداد صغيرة من جنسيات أخرى، وتشير أحدث التقارير الى أن %15 ـ %18 هم من دول اوروبا وأميركا، و%11 من روسيا والشيشان وشرق ووسط آسيا، والباقي من الشرق الأوسط وأفريقيا. وتبين أن حوالي 6 آلاف منهم التحق بـ«داعش» بعد لاحتلالها لمدينة الموصل، مما جعل عددهم يزيد على العشرين ألفا ( ) .

"وفرت خطب الجمعة الغطاء والاسناد للقوات الامنية بشكل خاص ولهيبة ومكانة الدولة بشكل عام وساهمت بشكل اساسي من حشد الجماهير لدعم المؤسسة الامنية وتوحيد الجهد الوطني تجاه هدف واحد هو محاربة الارهاب, لذلك نشاهد الطروحات التصاعدية في خطب الجمعة بعد ما اصبح التهديد واضح بدخول تنظيم داعش لمحافظة الموصل واعلان مشروعه الارهابي ,وهنا تعتقد مرجعية السيد السيستاني بجملة من المبادئ والاسس في مواجهة تنظيم داعش  :-:
1.    إنّ العراق وشعب العراق يواجه تحدّياً كبيراً وخطراً عظيماً وإنّ الإرهابيين لا يستهدفون السيطرة على بعض المحافظات كنينوى وصلاح الدين فقط بل صرّحوا بأنّهم يستهدفون جميع المحافظات، ولا سيّما بغداد وكربلاء المقدسة والنجف الأشرف، فهم يستهدفون كلّ العراقيين وفي جميع مناطقهم ومن هنا فإنّ مسؤولية التصدي لهم ومقاتلتهم هي مسؤولية الجميع ولا يختصّ بطائفةٍ دون أخرى أو بطرفٍ دون آخر.
2.    إنّ التحدي وإنْ كان كبيراً إلاّ أنّ الشعب العراقي الذي عُرِفَ عنه الشجاعة والإقدام وتحمّل المسؤولية الوطنية والشرعية في الظروف الصعبة أكبر من هذه التحديات والمخاطر، فإنّ المسؤولية في الوقت الحاضر هي حفظ بلدنا العراق ومقدساته من هذه المخاطر وهذه توفّر حافزاً لنا للمزيد من العطاء والتضحيات في سبيل الحفاظ على وحدة بلدنا وكرامته وصيانة مقدساته من أن تهتك من قبل هؤلاء المعتدين، ولا يجوز للمواطنين الذين عهدنا منهم الصبر والشجاعة والثبات في مثل هذه الظروف أن يدبَّ الخوفُ والإحباطُ في نفسِ أيِّ واحدٍ منهم، بل لابُدّ أن يكون ذلك حافزاً لنا لمزيد من العطاء في سبيل حفظ بلدنا ومقدساتنا.).
3.    إنّ القيادات السياسية في العراق أمام مسؤولية وطنية وشرعية كبيرة وهذا يقتضي ترك الاختلافات والتناحر خلال هذه الفترة العصيبة وتوحيد موقفها وكلمتها ودعمها وإسنادها للقوات المسلحة ليكون ذلك قوة إضافية لأبناء الجيش العراقي في الصمود والثبات، مُوضّحاً أنّها -أي القيادات السياسية- أمام مسؤولية تاريخية ووطنية وشرعية كبيرة.
4.    إنّ دفاع أبنائنا في القوات المسلحة وسائر الأجهزة الامنية هو دفاع مقدّس ويتأكّد ذلك حينما يتّضح أنّ منهج هؤلاء الإرهابيين المعتدين هو منهج ظلامي بعيد عن روح الإسلام يرفض التعايش مع الآخر بسلام ويعتمد العنف وسفك الدماء وإثارة الاحتراب الطائفي وسيلةً لبسط نفوذه وهيمنته على مختلف المناطق في العراق والدول الأخرى.

وهنا الواضح ان اهم اسباب عدم الاستقرار الامني وظهور داعش يكمن في عدد من التشخيصات التي اوردتها المرجعية الدينية على طول الخط في مواقفها وبياناتها وطروحاتها ولعل ابرز تلك الاسباب:-
1-    عدم الاستقرار السياسي واستخدام الطائفية السياسية التي اعطت غطاء للارهاب ان يتمدد
2-    استشراء الفساد الادراي والمالي
3-    غياب الرؤية الاستراتيجية لمعالجة الملف الامني معالجة شاملة وليس عسكرية فقط
4-    التقاطع والصراع بين مختلف المؤسسات الامنية
5-    عدم تولية الاكفاء
6-    الافتقار لتنويع التسليح والتدريب
7-    التدخلات الاقليمية والدولية وغياب الاتفاقيات الامنية الرصينة
8-    عدم الاهتمام بالجانب الاستخباراتي والمخابراتي
9-    ضعف الاجراءات القضائية الرادعة
لم يؤمن المرجع السيستاني بالعنف واللجوء للقوة كوسيلة لتحقيق الغايات , وكانت الفلسفة الروحية التي يعتنقها تتناقض تماماً في مضامينها ومفاهيمها مع منهج القوة واستخدام السلاح , فتاريخ وحياة المرجع السيستاني لم تكن فيها مواقف او ملامح عنيفة وخشونة او دعوات لاستخدام القوة , فسيرته تشير على سلمية واعتداله ولم يدخل في صراعات مع احد , ولم تسجل له خصومات مادة ولعل ما يمكن استقرائه في فتوى الجهاد الكفائي وادراك مضامينا ومقاصدها بقوى التحدي الذي دفع للاستجابة وقوة الصدمة وخطورتها , فبعد سقوط اكثر من مدينة عراقية واستيلاء قوى الارهاب الهمجي عليها في شهر حزيران 2014م كانت الاخطار المحدقة قد أصبحت قاب قوسين او ادنى من تحقيق مقاصدها ولم يعد الصراع يأخذ ابعاد سياسية وطائفية بل تعداه الى صراع وجود يهدد شعباً كاملاً , وبالإبادة والدمار , في وقت انهارت فيه اغلب المؤسسات الامنية لم تستطع صد الاندفاع الارهابي فجاء النص ليمتص زخم الصدمة ورهبتها بصمة اعظم لتحشيد كل الطافات والقدرات البشرية العراقية واصبح نداء الواجب الكفائي واجب وطني واخلاقي وواجب وجودي  وعقائدي ويبدو ان الهاماً صادقاً كان دافعاً قوياً لقرار المرجع السيستاني في يوم الثالث عشر من حزيران 2014م حينما اطلق فتوى الجهاد الكفائي ( ) .

نتائج الفتوى :
لم تكن فتوى الجهاد رد فعل من اجل الحرب والاقتتال , ولا تؤمن مرجعية السيد السيتاني بعسكرة المجتمع واللجوء الى القوة , ونلحظ في مجمل طروحات ومتبنيات السيد السيستاني انها تدعو للحوار والحكمة والسلم , لذلك يمكن تصنيف الفتوى على انها (فتوى من اجل السلم) ومن اجل تحرير الانسان والارض من بطش وقتل اعتى ارهاب في العالم , وممكن ان نقول ان من اهم نتائج فتوى الجهاد الكفائي انها خاطبت جميع العراقيين بجميع طوائفهم وقومياتهم وفي ذلك نرى :-
1-    المرجعية في فتوى الجهاد تخاطب المواطنيين وليس المسلمين او الشيعة فقط
2-    المرجعية تدعو للانخراط في صفوف القوات الامنية حصرا
3-    المرجعية تعتبر من يقتل في معارك الدفاع عن العراق بأنهم "شهداء"
4-    البعد الوطني الوحدوي كان هو الابرز في مفردات فتوى الجهاد الكفائي
وهنا توضح مرجعية الامام السيستاني أنّ هذه الدعوة كانت موجّهة الى جميع المواطنين من غير اختصاص بطائفة دون أخرى، إذ كان الهدف منها هو الاستعداد والتهيّؤ لمواجهة الجماعة التكفيرية المسماة بـ(داعش) التي أصبح لها اليد العليا والحضور الأقوى فيما يجري في عدة محافظات، وقد أعلنت بكلّ صراحة ووضوح أنّها تستهدف بقية المحافظات العراقية حتى في مثل النجف الأشرف وكربلاء المقدسة، كما أعلنت بكلّ صراحة أنّها تستهدف كلّ ما تصل اليه يدها من مراقد الأنبياء والأئمة والصحابة والصالحين، فضلاً عن معابد غير المسلمين من الكنائس وغيرها، فهي إذن تستهدف مقدّسات جميع العراقيين بلا اختلاف بين أديانهم ومذاهبهم، كما تستهدف بالقتل والتنكيل كلّ من لا يوافقها في الرأي ولا يخضع لسلطتها، حتى من يشترك معها في الدين والمذهب، هذه الجماعة التكفيرية بلاءٌ عظيم ابتُليت به منطقتنا، والدعوة الى التطوّع كانت بهدف حثّ الشعب العراقي بجميع مكوناته وطوائفه على مقابلة هذه الجماعة، التي إن لم تتمّ اليوم مواجهتها وطردها من العراق فسيندم الجميع على ترك ذلك غداً ولا ينفع الندم عندئذٍ، ولم يكن للدعوة الى التطوع أيُّ منطلق طائفي ولا يمكن أن تكون كذلك، فإنّ المرجعية الدينية قد برهنت خلال السنوات الماضية وفي أشدّ الظروف قساوة أنّها بعيدة كلّ البعد عن أي ممارسة طائفية، وهي صاحبة المقولة الشهيرة عن أهل السنة: (لا تقولوا إخواننا بل قولوا أنفسنا)
وبما ان فتوى الجهاد الكفائي اعطت زخم كبير للقوات الامنية وعززت من الروح المعنوية لمختلف المؤسسات الامنية فأنها كانت واضحة في انها كانت دعوة "للانخراط في القوات الأمنية الرسمية، وليس لتشكيل مليشيات مسلّحة خارج إطار القانون، فإنّ موقفها المبدئي من ضرورة حصر السلاح بيد الحكومة واضحاً، ومنذ سقوط النظام السابق، فلا يتوهّم أحد أنّها تؤيد أيّ تنظيم مسلح غير مرخّص به بموجب القانون، وعلى الجهات ذات العلاقة أن تمنع المظاهر المسلحة غير القانونية، وأن تبادر الى تنظيم عملية التطوع وتعلن عن ضوابط محدّدة لمن تحتاج اليهم القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الأخرى، حتى تتّضح الصورة للمواطنين الراغبين في التطوّع فلا يزدحم على مراكز التطوّع إلّا من تتوفّر فيه الشروط، والمرجعية الدينية إذ توجّه بالغ شكرها وتقديرها لمئات الآلاف من المواطنين الأعزّاء الذين استجابوا لدعوتها وراجعوا مراكز التطوع في مختلف أنحاء العراق خلال الأسبوع المنصرم، فإنّها تأسف عمّا حصل للكثيرين منهم من الأذى نتيجة عدم توفّر الاستعدادات الكافية لقبول تطوّعهم، وهي تأمل أن تتحسّن الأمور في المستقبل القريب",ولم تكن فتوى الجهاد الكفائي موجهه فقد لاتباع ومقلدي المرجع السيستاني فتلاحظ الشمولية التي اتسمت بها لتشمل اطياف الشعب العراقي بمختلف توجهاتهم دياناتهم ومناطقهم وولاءاتهم السياسة , ولعل الحشود المليونية في المناطق الجنوبية التي تقدمت للتطوع لم تستوعبها المؤسسة العسكرية ولا مؤسسة الحشد الشعبي فضل مئات الالاف ينتظرون الفرص لكي يلتحقوا بالجبهات , وفي قبال ذلك توجهه الالاف من ابناء المناطق الغربية من اهل السنة ابضاً لقتال داعش والمساهمة مع القوات الامنية والحشد الشعبي في تحرير الاراضي حيث تزايدت المطالب والمناشدات بان يكونوا ضمن الحشد الشعبي وهذا ما تم فعلاً من جعلهم ضمن صفوف مؤسسة الحشد الشعبي , ولعل الانجازات التي حققتها الفتوى اعادة المواجهة نحو تحقيق الانتصار وتزايد المضمون ضمن صفوف مؤسسة الحشد الشعبي فتشكلت قوات من المسيحيين والايزيديين والتركمان والصائبة والبيشمركه وبذلك وحدت فتوى الجهاد كافة العراقيين واختلطت دمائهم في خط المواجهة من اجل اعادة الامن للعراق وشعبة , ان الايجابية الكبيرة لمشاركة مختلف العراقيين في المواجهة داعش اعطى اطمئنان كبير للمناطق المحررة من الغاية اطلاق فتوى الجهاد الكفائي وربما قد تأثر الكثير بمحاولات البعض في تشوية حقيقة وجوهر الفتوى محاولين العب على الوتر الطائفي لكن ما حدث هو عكس ارادة أولئك الذين يشوهون الحقائق فتغيرت لغة الخاطب من الشك بغايات الفتوى فلسفتها ومدى طائفيتها الى الارتياح والثقة والانضمام ضمن التشكيلات التي تواجه المجموعات الارهابية ولعل المتتبع لخطاب المرجعية الدينية ويلاحظ دعوتها واصرارها الكبير على اشراك رجالي المناطق المحررة في تحقيق الامن والاستقرار( ) .
ان فتوى الجهاد حينما اطلقت لابد ان يتوفر لها الغطاء السياسي والإسلامي وبحكمة تعاطي المجتمع الروي بإيجابية مع الفتوى في ظل من أراد ان يحرف بوصلة الفتوى تصوريها  قتال سني شيعي لكن حكمة وهدوء وحركة المرجع السيد السيستاني استطاع إيجاد مساحة تأييد وغطاء سياسي محلي ودولي واقليمي , وهو يعرف ان العراق يدخل ضمن صراع إقليمي ودولي وعليه سعي لأبعاد العراق عن ذلك بكل الوسائل المتاحة , ومن الأدوار التي يقوم بها المرجع السيستاني هو رعاية عوائل الشهداء والجرحى فهو لم يكتفي بتقديم مليارات الدنانير التي تنفقها مؤسساته ومعتمدو مكاتبه على تلك العوائل بل كان يشملهم برعايته الابوية ويتابع امورهم بشكل خاص, ولم ينقطع في ارسال الوفود التي تمثله الى جبهات القتال لزيادة الدعم المعنوي للمقاتلين ولعل المرجع السيستاني ليس اول مرجع ديني يخوض نوعين من الصراع (السلمي ثم الجهادي ) فالعلماء من الشيرازي الى الاخوند الخراساني الى اليزدي  الى الحكيم وصولا الى الخميني والخوئي ... كلهم قاوموا أنواع المخاطر , لكي يبقى تعقيد المشهد الذي خاضه السيد السيستاني وتداخل الصراعات العالم في محور المنطقة وما ابداه رجل العراق من كياسة في احلك الظروف هو الاستثناء( ).
لقد كان للجهاد الكفائي الذي أعلنته المرجعية السيد السيستاني ضد داعش له الأثر الأكبر والحاسم في الحيلولة دون تقسيم العراق ومنع داعش من التسلط على البلاد والعباد، وان تلك المهمة هي أشرف وأقدس المهمات حيث الحفاظ على وحدة العراق، فأستطاع المرجع السيستاني ان يوظف كثير من الممكنات العميقة التي تملكها قوته في صيانة وحدة العراق( ) .
•     كما واشار رئيس الوزراء العبادي ان فتوى الجهاد الكفائي التي اطلقها المرجع السيستاني قد انقذت العراق من مخطط اسود واوقفت امتداد تنظيم داعش الارهابي , وان جوهر تلك الفتوى هو الدفاع عن العراق وشعبه ومقدساته وقد حددت في الوقت المناسب وانها قد انقذت العراق والمنطقة وافشلت حلم عصابات داعش الارهابية , ولولا الفتوى لما تم تحرير الاراضي واستعادة المبادرة لصالح العراق وشعبه 
.
وهنا نلحظ ان اهم النتائج التي حققتها فتوى الجهاد الكفائي:
1-    وحدة العراقيين ارضا وشعبا امام العدو الداعشي
2-    منعت تقسيم العراق وتمدد داعش لمحافظات اخرى
3-    منعت ارجاع العراق تحت البند السابع والوصاية الدولية
4-    عززت من القانون وهيبة الدولة
5-    اعطت دعم كبير للمؤسسة الامنية
6-    اعطت زخم كبير لاصلاح المنظومة السياسية والامنية
7-    حشدت المنظمات الدولية تجاه رعاية النازحين.

المطلب الثاني : البعد الانساني لفتوى الجهاد الكفائي:-
_ اولا : المسار الانساني : لم يكتفي المرجع السيد السيستاني بفتواه في الجهاد الكفائي لمواجهة تنظيم داعش الاجرامي لم يكتفي بالبعد العسكري والامني , بل عمل على مسارات اخرى مكملة للفتوى واهم تلك المسارات البعد الانساني لفتوى الجهاد الكفائي مع لحاظ هذا البعد لم يأخذ حيزا من الاهتمام والانصاف ,فاذا اردنا تحليل الاصل الذي جائت من خلاله الفتوى هو المسؤولية الانسانية التي دفعت المرجع السيد السيستاني من اطلاق فتواه الكفائية اي اراد تحرير الناس وممتلكاتهم وارضهم من بطش هؤلاء الاشرار ,لذا عمل المرجع السيستاني على ايلاء موضوعة النازحين اهتمام خاص ومباشر من حيث توفير الامكانات المادية والمعنوية وحشد المخلصين من مواكب حسينية وهيئات ومنظمات وعشائر وفعاليات اجتماعية ومؤسسات حوزوية لتقديم كل الامكانات لاهالي المناطق التي تتعرض لعمليات نزوح وقتال ,
ومع اول الايام التي تعرضت لها مناطق متعددة من العراق لعمليات ارهابية من قبل تنظيمات داعش وحلفائها,رافقت تلك العمليات عمليات نزح وهروب وتهجير ناهيك عن القتل الجماعي والاختطاف وسلب الممتلكات وهتك الاعراض ..الخ,ولعل المأساة الانسانية كانت اكبر من كل شيء فمئات الالاف في العراء عوائل مشردة اطفال بلا غذاء وكبار بلا رعاية مما ولد حالات وفاة متعددة ,لم تترك مرجعية السيد السيستاني البعد الانساني لهؤلاء المواطنين ورغم اهتمامها بالجانب العسكري واطلاقها الفتوى الخاصة بمواجهة داعش ايضا سارت بنفس المسارات العسكرية على المستوى الانساني ووظفت كل امكاناتها لاغاثة الناس بمختلف توجهاتهم ودياناتهم ومناطقهم ,ومارست كل انواع الضغط والمناشدة والتحذير بضرورة تقديم المساعدات الضرورية كي لا تحدث انتكاسة انسانية مع وجود انتكاسة امنية ,وقد اشارت "إنّ عشرات الآلاف من المواطنين من التركمان والشبك والمسيحيين والأقليات الأخرى يعيشون في هذه الأيام ظروفاً قاسية، بسبب التهجير والنزوح عن مناطق سكناهم بعد سيطرة الإرهابيين على مدنهم وقراهم في محافظة نينوى وغيرها، وإن الجهود المبذولة في رعايتهم والتخفيف عن معاناتهم لا تزال دون المستوى المطلوب.
فهناك حالات مأساوية منها ولادات تحدُثُ في الطريق وفي هذا الجوّ الحار، وبعض المحتاجين لعلاجات ومن أصحاب الأمراض المستعصية كالسرطان وغيرها أصبحت مفقودة، وهناك من توفّي نتيجة لهذا الظرف، وهذه رحلة النزوح تضمّ النساء والأطفال والرضّع والشيوخ وفي هذا الظرف القاسي".
ولعل استشعارها  إنّ الجهود المبذولة في رعايتهم دون المستوى المطلوب، لذلك حملت الحكومة الاتحادية مسؤوليةً كبيرةً تجاه هؤلاء المهجرين والنازحين، ناشدت حكومة إقليم كردستان والحكومة المحلية لبذل المزيد من الاهتمام بهم.
كما وان التحذير كان واضحا مع بداية النزوح بان أن يُستَغَلّ تهجيرهم ونزوحهم عن مناطقهم أن يكون مدخلاً لأي تغييرات ديمغرافية في تلك المناطق  فإنّ هؤلاء المواطنين يجب أن تتوفّر لهم فرصة العودة إلى مناطق سكناهم بعد استتباب الأمن والسلام فيها ( ) .
لم تنفك خطب الجمعة في الدعوة الى اغاثة النازحين , من حيث دعت مجددا
((إنّ مئات الآلاف من المواطنين لا يزالون مهجّرين ونازحين من مدنهم وقراهم، ويعانون أشدّ الظروف صعوبةً وقساوةً، والإمكانات الحكومية -كما يقول المسؤولون- أصبحت محدودة والمساعداتُ الدولية شحيحة، ومن هنا فإنّنا في الوقت الذي نقدّر عالياً الجهود الكبيرة والمبذولة في هذا المجال خلال الشهور الماضية، فإنّنا نهيب بالمواطنين الذين تفضّل اللهُ عليهم بالرزق الواسع والإمكانات المالية الجيدة أن يساهموا بصورةٍ أوسع في إغاثة النازحين وتأمين احتياجاتهم، فإنّ ذلك من أفضل أعمال الخير والبرّ، ويعبّر عن عمق الشعور بالمسؤولية والحسّ الوطنيّ والغيرة على البلد ومصالحه، ويمثّل مستوى يُفتخر به من المواطنة وسينعكس إيجابياً على مصالح الناس والبلد وعلى نفس الباذل عاجلاً أو آجلا))ً.
وبهذا الصدد دعى السيد عمار الحكيم رئيس التحالف الوطني الباحثين والكتاب الى توثيق الجهد الانساني الذي تقوم به المرجعية الدينية ونقل الصور الحقيقية عن ذلك الدور العظيم الانساني والوطني الذي تقدمه المرجعية الدينية لابناء شعبها(1)
وهنا نرى ان اغلب خطب الجمعة للمرجعية الدينية تؤكد على موضوعة الاهتمام بالنازحين, "في الايام القليلة الماضية تمدد إرهابيو داعش الى مناطق اخرى من محافظة نينوى، وسيطروا على عدد من المدن التي معظم سكانها من المواطنين الايزيديين والمسيحيين والشبك، فقتلوا الكثير من الرجال، وسبوا العديد من النساء، وتسببوا في نزوح عشرات الآلاف من العوائل، وبعضهم لا يزالون محاصرين في الجبال يعانون من الجوع والعطش، وقضى العشرات من اطفالهم بسبب ذلك، في مشاهد مروعة تقرح القلوب، وتجري الدموع... كما قام الارهابيون بالإضافة الى ذلك بهدم العديد من المراكز الدينية لمختلف الاديان والطوائف، ودمروا ما نالته ايديهم من تراث المسلمين والمسيحيين والايزيديين...
إننا في الوقت الذي ندين ونشجب فيه بأشد العبارات كل ما ارتكبته عصابة داعش من اعمال ارهابية من قتل وسبي وتهجير وترويع بحق المواطنين العراقيين، ولاسيما من الاقليات الدينية والقومية، فإننا نؤكد على ما سبق أن بيناه في خطب سابقة من ان هذه العصابة الارهابية تستهدف جميع محافظات ومدن العراق، وجميع قومياته واديانه ومذاهبه، ولا يقف خطرها واجرامها عند طائفة او قومية معينة، فلا يتوهم البعض انه سيكون بمنأى من اعتداءاتها وتجاوزاتها اذا لم تتعرض له اليوم، فإنها تريد ان تقضم الجميع ولكن على مراحل ( ) . .
أوصيكم إخواني بالنازحين خيراً هؤلاء أبناء بلدنا هؤلاء نزحوا قسراً وتركوا ديارهم وأوطانهم ومدنهم، أوصيكم به خيراً، راعوا مشاعرهم وتعاملوا معهم بالحسنى، لا يصدر من أيّ واحدٍ منكم كلامٌ جارحٌ بحقّ أيّ نازح حتى لو صدر من البعض تصرّفات غير مقبولة، هؤلاء يعانون الشيء الكثير من الصعب جداً هكذا يترك مدينته يترك بيته يترك معاشه ورزقه ويعاني في هذه الغربة، نوصيكم بهم خيراً، الله تعالى سيفرّج عن هذا الشعب ويفرّج عن النازحين ولكن يبقى شيء مهم، ما هو موقفنا في هذه المعركة التي ندافع فيها عن العراق وعن مقدسات العراق وأعراض المواطنين؟ ما هو موقفنا تجاه هؤلاء النازحين، هم إخواننا وأبناء بلدنا؟ لابدّ أن تكون لنا وقفة معهم نعينهم نساعدهم بقدر ما لدى الإنسان من إمكانات مالية أو حتى معنوية( ) .
واستكمالا لدورها الوطني في دعوة الحكومة العراقية ومختلف الفعاليات السياسية والاجتماعية وخاصة ميسوري الحال فضلا عن المجتمع الدولي ومنظمات الاغاثة الدولية,ترى المرجعية يُفترض بالمسؤولين من مختلف الدرجات والأصناف الحضور الميداني في تجمّعات النازحين ومعسكرات المقاتلين لمعايشة الواقع والاطلاع المباشر على احتياجاتهم والسعي لتلبيتها والإسراع في صرف التخصيصات المالية لهم، لاسيّما توفير الأدوية والكوادر الطبية للنازحين ودعم القوّات المسلحة بالمؤن الغذائية والمستلزمات العسكرية الضرورية، وشحذ الهمم ورفع المعنويات لمزيد من الصبر والثبات في مكافحة الإرهابيين الغرباء ( ) .
,وهنا قد ساهمت مرجعية السيد السيستاني في تقديم مختلف الخدمات المادية والمعنوية , فلقد اولى مكتب المرجع السيد السيستاني اهتمام بالغ الاهمية وقد شكل خلية ازمة داخل المكتب مهمتها الاساسية تقديم المساعدات والمعونات المادية والعينية بمختلف المناطق المحررة , ويذكر لنا احد المشايخ العاملين في خلية الازمة التابعة لمكتب المرجع السيستاني , ان كل الجهود التي يقوم بها مكتب المرجع الاعلى من تقديم المساعدات والمعونات ماهي الا جهود وامكانات من المرجعية الدينية ولا علاقة للحكومة بها , وان اولى حملات الاغاثة كانت لمدينة حديثة والبغدادية وكانت الظروف الامنية صعبه جدا وتقديم المساعدات تحت النار واصعب الامور التي تواجهنا في استحصال الموافقات الامنية لتقديم نلك المساعدات فهنالك معاناة امنية كبيرة في المساعدات فهنالك معاناة امنية كبيرة في تلك المناطق التي تحتاج المساعدات العاجلة دائماً ماتكون غير مؤمنة وندخل لها أحياناً بجهود شخصية ومجازفات كي نوصل تلك المساعدات للاهالي لان اغلب تلك المدن عانت بشكل كبير على المستوى الغذائي والصحي، وعن الية التوزيع المساعدات ، أوضح لنا ان المساعدات الغذائية والخيم والمفروشات والملابس توزع بشكل مباشر على الأهالي بالتنسيق مع القوات الأمنية اما الموارد الصحية فتسلم للمسشفيات , وهنالك تعاون كبير من الأهالي وخاصة وجهاء والشيوخ العشائر تلك المناطق ، فقط في منطقة بلد والضلوعية في صلاح الدين تم تقديم في حملة واحدة اكثر من 300 طن من المواد الغذائية ، وناحية العلم 150 طن.

وتتضمن المساعدات التي يتم تقديمها للنازحين بمختلف المحافظات اهم الامور :-
1.    مواد الغذائية
2.    مواد صحية
3.    حليب أطفال
4.    خيم + بطانيات + فرشة + ملابس
5.    مساعدات مالية
6.    ارسال الجرحى للعلاج خارج العراق
7.    فتح مخيمات للنازحين
8.    وجبات طعام جاهزة

ولم تنقطع جهود مكتب المرجع السيستاني عن زيارة جميع المناطق المحررة والمخيمات ، واهم تلك المناطق والمخيمات التي شملتها حملات و اغاثات مكتب المرجع السيستاني هي( ) :
1- حديثة             2- البغدادي     3- الخالدية         4-  الرطبة
5- العلم             6- الضلوعية      7- بلد         8- جرف النصر
9- عامرية الفلوجة         10- تكريت     11- البو حشمه     12- جنوب الموصل
13- طوز طرموتا         14- الكيارة     15-النخيب
16- مخيمات النازحين في معسكر بردرش     17- مخيمات النازحين في معسكر الحركة
18- مخيمات النازحين في شقلاوة         19- مخيمات النازحين في زاخو
20- مخيمات النازحين في سنجار         21- مخيمات النازحين في كنيسة ام النور
22- مخيمات النازحين في معبد لالش     23- مخيمات النازحين في الايزيدين
24- مخيمات النازحين فيجسر بزيبن        25- مخيمات النازحين في بغداد جامع الشيخ معروف
26- مخيمات النازحين في مجمع  نبي يونس
27- محيمات تغطية احد عشر موقع للنازحين في بغداد
28- مخيمات النازحين في التكية اكتروانية     29- مخيمات النازحين السوريين في السلميات

لذلك نلحظ ان الفتوى الجهاد الكفائي التي اطلقها المرجع السيستاني لم تكن مجرد فتوى عسكرية بل ركز في مجمل بيانات وتوصيات على البعد الانساني ان كان اثناء المعارك او من خلال اغاثة النازحين والمشردين جراء التهديدات الارهابية لعصابات داعش للمواطنين الامينين  وهروب الاهالي من المدن التي تقع فيها عمليات عسكرية فلم تستطع الحكومة بمختلف اجهزتها ومؤسساتها ان تغطي جميع احتياجات النازحين واغاثتهم على مستوى الايواء والغذاء والصحة وغيرها وحتى المنظمات الدولية لم تستطيع تغطية الأجزاء من تلك الاحتياجات ولعل الجزء الاكبر من عمليات الاغاثة وتقديم المساعدات كان قد قدمته مكاتب وممثليات المرجع السيستاني واضا العتبات المقدسة والمراكب والهيئات الحسينية وكذلك العشائر وابناء المناطق والاحياء فضلاً عن مختلف المنظمات الدينية والسياسية واصبحت حملات الاغاثة والتبرعات وايصال المساعدات اشبة بالظاهر في العراق فنجد ان عمق الوحدة الانسانية على مستوى الايواء والغذاء والصحة وغيرها وحتى المنظمات الدولية لم تستطيع تغطية الأجزاء من تلك الاحتياجات ولعل الجزء الاكبر من عمليات الاغاثة وتقديم المساعدات كان قد قدمته مكاتب وممثليات المرجع السيستاني واضا العتبات المقدسة والمراكب والهيئات الحسينية وكذلك العشائر وابناء المناطق والاحياء فضلاً عن مختلف المنظمات الدينية والسياسية واصبحت حملات الاغاثة والتبرعات وايصال المساعدات اشبة بالظاهر في العراق فنجد ان عمق الوحدة الانسانية قد تجسدت كتلك المواقف ولعل الامر لم ينحصر في موضوعية المساعدات بل وصل الى فتح البيوت والمخيمات والاماكن العامة امام  النازحين والمشردين وخاصة في المناطق بغداد وبابل وكربلاء المقدسة والنجف الاشرف وكوردستان ومختلف المحافظات الاخرى حيث وصل اعداد النازحين الى اكثر من ثلاثة ملايين نازح ومشرد.
وفي هذا ذكر لنا رئيس ديوان الوقف السني الدكتور عبد اللطيف الهميم ان دور المرجع السيد السيستاني في مواجهة داعش كان له الاثر الكبير في وحدة العراق واعطاء الزخم الشعبي وعدم الانكسار ولولا حكمته وصدقيته لكان داع شالان مسيطر على اغلب مناطق العراق , واننا كوقف سني نذهب لمكان فيه نازحين الا ووجدنا جهود مكتب المرجع السيستاني قد سبقتنا في تقديم الخدمة , ولعل ما تم تقديمه من مساعدات مادية ومعنوية من قبل مرجعية السيد السيستاني الى النازحين قد فاق الجهد الحكومي وحتى المنظمات الدولية التي عجزت في الاستمرار في تقديم المساعدات الضرورية . وبذلك نرى ان السيد السيستاني هو رجل السلام والحكمة والوطنية الحقيقية.(1)
ـــــــــــــــــــــ
1-عبد اللطيف الهميم رئيس ديوان الوقف السني مقابلة مع الباحث2017

ثانيا : مسار التوجيه والارشاد :  اعقب المرجع السيستاني فتواه بجملة من المسارات اهمها متابعته الحثيثة لمجريات المعركة , وهو يعلم انها الحرب فيها تحدث كثير من الاشكالات والاخطاء فضلا عن حالة التشويش والتحريف للحقائق , فمن جملة طروحاته حرص على تقديم جملة من التوصيات* الفكرية والانسانية والاسلامية للمقاتلين ونرى من الضروري ذكر جزء من تلك التوصيات :-
-    - 1ـ فللجهاد آدابٌ عامّة لابدّ من مراعاتها حتى مع غير المسلمين، وقد كان النبيّ (صلّى الله عليه وآله ) يوصي بها أصحابه قبل أن يبعثهم إلى القتال ، فقد صـحّ عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنّه قال : ( كان رسول الله – صلّى الله عليه وآله ــ إذا أراد أن يبعث بسريّة دعاهم فأجلسهم بين يديه ثم يقول سيروا باسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : لا تغلوا، ولا تمثّلوا، ولا تغدروا، ولا تقتلوا شيخاً فانياً ولا صبيّاً ولا امرأة، ولا تقطعوا شجراً إلاّ أن تضطرّوا إليها
-    2ـ فالله الله في النفوس، فلا يُستحلّن التعرّض لها بغير ما أحلّه الله تعالى في حال من الاحوال، فما أعظم الخطيئة في قتل النفوس البريئة وما أعظم الحسنة بوقايتها وإحيائها، كما ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه، وإنّ لقتل النفس البريئة آثاراً خطيرة في هذه الحياة وما بعدها ، وقد جاء في سيرة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) شدّة احتياطه في حروبه في هــذا الأمر ، وقد قـال في عهـده لمالك الأشـتر ــ وقد عُلِمت مكانتـُه عنده ومنزلـتُه لديه ــ ( إيّاك والدماء وسفكها بغير حلّها فإنّه ليس شيء ادعى لنقمة واعظم لتبعة ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدّة من سفك الدماء بغير حقّها والله سبحانه مبتدأ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة ، فلا تقويّن سلطانك بسفك دم حرام ، فإنّ ذلك مما يضعفه ويوهنه ، بل يزيله وينقله ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد لانّ فيه قود البدن)
-       5 3ـ الله الله في حرمات عامّة الناس ممن لم يقاتلوكم، لاسيّما المستضعفين من الشيوخ والولدان والنساء، حتّى إذا كانوا من ذوي المقاتلين لكم ، فإنّه لا تحلّ حرمات من قاتلوا غير ما كان معهم من أموالهم.
-    وإياكم والتعرّض لغير المسلمين أيّاً كان دينه ومذهبه فإنّهم في كنف المسلمين وأمانهم، فمن تعرّض لحرماتهم كان خائناً غادراً، وإنّ الخيانة والغدر لهي أقبح الأفعال في قضاء الفطرة ودين الله سبحانه
-    4ـ الله الله في أموال الناس، فإنه لا يحل مال امرئ مسلم لغيره إلاّ بطيب نفسه ، فمن استولى على مال غيـره غصـباً فإنّما حاز قطـعة من قطـع النيران، وقد قال الله سبحانه : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنّما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعير).
5ـ الله الله في الحرمات كلّها، فإيّاكم والتعرّض لها أو انتهاك شيء منها بلسان أو يد ، واحذروا أخذ امرئ بذنب غيره، فإنّ الله سبحانه وتعالى يقول: ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ) .
-    6ـ وكونوا لمن قِبَلكم من الناس حماة ناصحين حتى يأمنوا جانبكم ويعينوكم على عدوّكم ، بل أعينوا ضعفاءهم ما استطعتم، فإنّهم إخوانكم وأهاليكم، واشفقوا عليهم فيما تشفقون في مثله على ذويكم، واعلموا أنّكم بعين الله سبحانه، يحصي أفعالكم ويعلم نياتكم ويختبر احوالكم ( ) .
ان التدقيق والتمحيص في تلك الوصايا التي اطلقها المرجع السيد السيتاني للمقاتلين وتأصيلاتها الفكرية الاسلامية , سنجد انها ايضا تلخص وبشكل مباشر معنى القانون الدولي الانساني في مضمونها وصدقيتها وهي بلا شك منهج اسلامي اصيل وإنسانية عالية تتمتع بها مرجعية السيد السيستاني
وان تحليل توصيات المرجع السيد السيستاني يوصلنا الى استنتاج بان تلك التوصيات هي وثيقة تاريخية واوسع واعمق من ان تكون مجرد توصيات عابرة ,فمثلما مثلت وصية الامام علي عليه السلام لمالك بن الاشتر منهاجا اسلاميا وانسانيا عادلا ,نرى ان تلك التوصيات في منهج العدل والانسانية والحكمة ، فهي تدعو الى حفظ الارواح والاموال وتدعو للتعامل بانسانية حتى مع العدو حين الامساك به ، في دليل واضح بان المنهج الاسلامي الاصيل لمرجعية السيد السيستاني هو ما يتجسد في تلك السلوكيات الانسانية والاسلامية.

الخاتمة 
مثلت فتوى الجهاد الكفائي تحولا كبيرا في منهج ومسارات الاحداث عراقيا واسلامبا ودوليا, وغيرت في مسارات الاحداث بشكل مفاجئ وغير قابل للمناقشة , ولعل المنهج الوطني الذي لعبته مرجعية السيد السيستاني لم يتغير وخاصة بعد 2003 عندما تصدت المرجعية لمخططات الاحتلال والقوى الكبرى ، وحققت رؤيتها في كتابة الدستور واجراء الانتخابات وتعزيز السيادة الوطنية وابداء الراي في القضايا المهمة والإستراتيجية . لذلك يمكن الوصول الى اهم استنتاجات في هذا البحث .
1ـ مثلت فتوى الجهاد الكفائي تحولا فكريا وثوريا في منهج مرجعية النجف الاشرف.
2ـ عززت فتوى الجهاد الكفائي من مكانة وقوة وشعبية المرجعية الدينية على مستوى العراق والعالم الاسلامي والدولي.
3ـ اوقفت فتوى الجهاد الكفائي تمدد داعش الى باقي محافظات العراق.
4ـ منعت فتوى الجهاد الكفائي تقسيم العراق.
5ـ عززت فتوى الجهاد من قوة ومكانة المؤسسة الامنية.
6ـ منعت فتوى الجهاد ان يكون هناك انتكاسة انسانية وساهمت في تحرير المواطنين من قتل وبطش داعش.
7ـ منعت فتوى الجهاد ارجاع او اخضاع العراق للوصاية الدولية.
8ـ منعت فتوى الجهاد ارجاع قوات الاحتلال بحجة مقاتلة داعش.
9ـ ساهمت فتوى الجهاد في مساعدة النازحين ماديا ومعنويا وحشد الجهد الوطني والدولي لاغاثة النازحين
10-منعت الحرب الطائفية والمناطقية
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=108816
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 10 / 31
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29