• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المنشغلون بسعادتهم وتعاستهم!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

المنشغلون بسعادتهم وتعاستهم!!


البشر في المجتمعات المتقدمة منشغل بالتأسيس لمفردات سعادته وإدامتها بالجد والإجتهاد , وفي المجتمعات المتأخرة البشر منشغل بمفردات تعاسته والإستثمار فيها وتطويرها , وتحويلها إلى دوامة شقاء وبلاء وإعتداء على ذاته وموضوعه.
والإنشغال بالسعادة مهارة نفسية وفكرية وروحية وسلوك إجتماعي مُتعلم , وكذلك الإنشغال بالتعاسة , فالمجتمع الذي يرعى قيم السعادة تتبرعم فيه آلياتها وتتسامق , وتكون ذات دور مهم في الحياة اليومية للناس , والمجتمع الذي يستثمر بمفردات التعاسة يساهم في إبذارها وإنباتها في أعماق الناس , ويدفعهم إلى متواليات تفاعلية ذات درجات فائقة من التعاسة والعناء والشقاء , ويجعلهم يستلطفون الحزن والدموع والوجيع ويتنكرون للبهجة والفرح والسرور.
والمسافة بين مجتمع سعيد وآخر تعيس تبدو شاسعة في هذا العصر التواصلي , الذي تتعرى فيها السلوكيات البشرية والحالات الإجتماعية , ويكون البشر على حقيقة ما فيه , ولا يمكنه أن يحجب أو يخفي ما يعتلج في دنياه من نوازع ودوافع وتطلعات ذات غايات تعيسة أو سعيدة.
إن الإنشغال بالسعادة يعني التقدم والرقاء والأمن والسلام , والربح الإقتصادي والنماء المعاشي , والطمأنينة والمحبة والأخوة والعمل المشترك , والغيرة الوطنية والذود عن حياض الوجود السعيد بطاقات المجتمع وقدراته المتنوعة , وهو تنمية وتقدم وتطور ومواكبة وإبداع وجد وإجتهاد , وشعور بالذات القوية والإنتماء الأصيل للإرادة الجماعية والوطنية الخالصة.
والإنشغال بالتعاسة يعني البؤس والحرمان والقهر والظلم , والعناء والخراب والدمار والدموع والدماء , والتخبط في متاهات التصارع والخسران وفقدان القدرة على الخطو إلى أمام , ويؤدي إلى الإندحار في الماضوية والتأسن بالأجداث , فتتكرر إحتفالات الأحزان والأوجاع , وتقل مهرجانات الأفراح والحبور ويخيم عليها ضباب الأتراح , وتلون أيامها الدماء ويكثر فيها البؤساء , ويعم الشقاء وينتفي النعيم والرخاء.
والسبب أن ما يترسب في دنيا البشر ينبثق في سلوكهم ويؤسس لوجوده العاتي حولهم , وعندما يكون في البشر ما هو سعيد يكون الواقع الذي يعيشونه سعيدا , وعندما يختزنون ما هو تعيس يبدو العالم من حولهم مثل ما فيهم من تعاسات الرؤى والتصورات.
وتلك معادلة يتحكم بتفاعلات طرفيها البشر الذي يسعى فوق التراب!!
د-صادق السامرائي




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=104941
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 09 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19