صفحة الكاتب : الشيخ عباس الطيب

الحلقة الثالثة : العراق و مشروع الخصخصة .. الأحتلال بوجهٍ جديد !!! .
الشيخ عباس الطيب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم , و الحمد لله رب العالمين , و الصلاة و السلام على نبينا محمد , و على آلهِ الطيبين الطاهرين .

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته ..

أمّـا بـعـد ...

أخوتي الأفاضل و أخواتي الفاضلات في هذه الحلقة أيضاً ننقل لكم مقالاً للأستاذ رشيد السراي عضو مجلس محافظة ذي قار , و هو يكشف لنا عن معلومات خطيرة تخص مشروع الخصخصة , و عملنا في هذه الحلقة كما في الحلقة السابقة كما بينا ذلكَ .

يقول الأستاذ رشيد السراي :

لماذا نرفض الخصخصة في العراق حالياً ؟

الخصخصة هي إجراء أقتصادي ظهر عملياً بمفهومه الحديث في نهاية سبعينيات القرن الماضي في بريطانيا ثم أنتشر لدول أخرى , و قد تم تجربته في قطاعات متنوعة ، يعني بمفهومه الأول بيع قطاعات حكومية للقطاع الخاص , و هو بهذا المعنى نقيض التأميم , لذا يرفضه ذوي الميول الأشتراكية .

يُفلسف البعض الهدف إلى أن الدول ينبغي أن تُوكل بعض مهامها إلى القطاع الخاص لتركز على المهام الأكبر .

تطور لاحقاً لتكون له صور مختلفة يُمكن القول بأنها أتاحت للقطاع الخاص فرصة أكبر لتولي ــ أو المشاركة في أو المنافسة في ــ مهام كانت تتولاها الحكومات فقط أو هي المسيطر الأساسي عليها .

# مِن هـذه الـصـور :

1 - بيع ملكية عامة للقطاع الخاص بشكل كامل .

2 - إيكال مهمة تقديم خدمة معينة جديدة للقطاع الخاص .

3 - بيع جزئي لملكية عامة إلى القطاع الخاص فتكون الدولة شريك للقطاع الخاص بنسب مختلفة ، و في بعض الأحيان يُطلق على هذا الإجراء الهيكلة ، و هو المعمول بهِ حالياً في العراق في خطة هيكلة شركات القطاع العام .

4 - تنظيم قطاع حكومي و خلق جو من المنافسة منصف بين القطاع العام و الخاص ، و هو الذي تم على ضوئه خصخصة قطاع الأتصالات في العراق سنة 2004م ، مع فقدان عنصر المنافسة المُنصفة كما هو الواضح لأي متابع .

5 - الخصخصة الإدارية ، و يعني إيكال أمر إدارة قطاع حكومي أو جزء منه للقطاع الخاص ، و من أمثلته عقود الأستثمار ــ التي تسميها وزارة الكهرباء هكذا ــ لتوزيع الكهرباء في العراق .

و على ضوء هذا يكون تعريف الخصخصة : (( بيع أصول أو مشاركة أو تنظيم منافسة القطاع العام مع القطاع الخاص )) .

وفقاً لهذا , و وفقاً للتجارب العملية في العديد من الدول للخصخصة فهي إجراء أقتصادي , إن تم أختيار القطاع المطلوب خصخصته بدقة , و توفرت فرص المنافسة و المراقبة و التدقيق و حفظ حقوق المستهلكين , فقد ينجح مع التخوف المستمر من أرتفاع تكلفة الخدمة المقدمة , و هو الذي لم تسلم منه تجربة خصخصة واحدة قط حسب تتبعي .

@ تعليقنا : [ أنتبه أيها القارئ الكريم إلى كلام العضو رشيد السراي : (( فقد ينجح مع التخوف المستمر من أرتفاع تكلفة الخدمة المقدمة , و هو الذي لم تسلم منه تجربة خصخصة واحدة قط حسب تتبعي )) , و لو رجعنا إلى الحلقة السابقة في النقطة السابعة لعرفنا سبب تخوفه هذا عندما قال : (( لا يوجد أي ضمان في العقد لتشغيل الكهرباء (24) ساعة , و إنما يوجد تخمين بأن رفع الأسعار ... سيُقلِـل نسبة الإستهلاك )) , و نكرر ما قلناه سابقاً : و هذا معناه أن الحكومة المركزية عندها نية مُسبقة و مُبَيّتَة على أن تجعل الأسعار مُرتفعة فوق إمكانية المواطن بعد تمرير المشروع , و هذا دليل قاطع على أن الأسعار التي تم نشرها و الإعلان عنها من قبل وزارة الكهرباء مزيفة و ما هي إلا أضحوكة على المواطن للتغرير بهِ حتى يُصفق لهذا المشروع و يقبل بهِ و لا يُعارض عليهِ إلى حين تمريره ليكون بعد ذلكَ أمام أمر واقعي لا يمكن له الخروج منه إن تم المشروع !! ] .

# من منافع الخصخصة : خلق جو تنافسي لتقديم الخدمة و تفرغ مؤسسات الدولة لإنجاز مهام أكبر , و التخلص من بطء الإجراء الحكومي و صعوبة التطوير فيه , فالقطاع الخاص يسهل أتخاذ القرار فيه و هو أسرع في الإجراءات و أكثر رغبة في التطوير , لأن التطوير يخلق أرباحاً أكثر , و هو هدف القطاع الخاص .

# من مساوئ الخصخصة : فقدان الدولة لمركزيتها , و تهديد أمنها , و وجود فرص كبيرة للفساد المالي , و أحتمال كبير لأرتفاع أجر الخدمة , و أحتمال كبير لعدم تحسنها , و ضعف تأثير المستهلك .

@ تعليقنا : [ أخي القارئ الكريم ؛ لو أردتَ أن تعرف كيف يكون لمشروع الخصخصة هذا أن يُهدد أمن الدولة و كيف يُفقد الدولة مركزيتها , عليكَ أن تقرأ الحلقة الأولى , و إذا قرأتها أنصحكَ بقراتها مرة أخرى بتأمل أكثر ] .

لتجنب هذه المساوئ تقوم الدول بوضع أجهزة حكومية و قوانين رقابية صارمة , و تعطي مساحة كبيرة لحقوق المُستهلك عبر تشريعات و تثقيف و تصنيف لنوع المستهلك و مستواه الاقتصادي ، و يسبق تطبيق الخصخصة حملة إعلامية للتثقيف بها و مناقشة تفاصيلها و قد يُصار إلى تعديلات فيها أو رفض لها .

نجحت تجارب الخصخصة في قطاعات لا تلمس الخدمات العامة بشكل مباشر ، و فشلت في أخرى ، و إن نجحت في تقديم خدمة أفضل و لكن بتكلفة مرتفعة ، هذا في الدول المتقدمة و التي لديها جهاز حكومي و رقابي جيد و مستوى الشفافية كبير ، أمّا في الدول التي لا تمتلك ذلك فالفشل هو النتيجة الحتمية تقريباً لذلك إن تحولت الخصخصة إلى كارثة أقتصادية جعلت الفقير أكثر فقراً و الغني الفاسد أكثر غنىً و فساداً .

الآن و قد أصبحت صورة المقصود بالخصخصة واضحة بمعناها و أنواعها و أيجابياتها و سلبياتها و كيفية معالجة الإيجابيات ، أعتقد إن أسباب تطبيقها في العراق الآن أصبحت واضحة ، و مع ذلك نعطي بعض النقاط للتوضيح أكثر :

(1) لدينا تجارب خصخصة سابقة في العراق منها و أبرزها كما ذكرنا خصخصة قطاع الأتصالات سنة 2004م بأسلوب تنظيم القطاع ، رغم إن البعض قد يتصور عدم إمكانية قيام مشروع حكومي ناجح في مجال الأتصالات الخلوية , و لكن مِمَا لا يعرفه الكثيرون إنه كان لدينا مشروع هاتف خلوي قبل 2003م قيد الإنشاء و قد بُنيت أبراج في العديد من المحافظات و لكن تم نسفه !! .

الخصخصة بأسلوب تنظيم القطاع تقتضي أن تكون فرص التنافس متساوية بين الشركات الحكومية و شركات القطاع الخاص ، و كمثال على تجربة ناجحة في هذا المجال ما حدث في السعودية حيث تم خصخصة قطاع الأتصالات فيها بنفس الأسلوب , و لكن سبق ذلك تقوية و دعم شركة الأتصالات الحكومية لتكون على مستوى المنافسة مع شركات القطاع الخاص , و هي الآن شركة عالمية لديها مشاريع حتى في الصين !! .

فأين نحن من هذا و شركة الأتصالات الحكومية لا تستطيع في بعض الأحيان دفع رواتب موظفيها , و مُنع عليها العمل بنفس نشاط الشركات الخلوية الخاصة ؟! .

و هل نحتاج أن نتكلم عن المُحاصصة في شركات الهاتف النقال (الخلوي) و نقول هذه الشركة لِمَن ! , و هذه الشركة لِمَن ! , أم الصورة واضحة بما فيهِ الكفاية ؟! .

(2) العراق يتربع ــ للأسف ــ على قمة الدول الأكثر فساداً إن جاز تسميتها بـ(قمة) ! , فطبيعي أن المستثمر في الخصخصة سيكون صاحب الصوت و السلطة الأقوى , و المستهلك لن يكون له أي دور مع عدم وجود قوانين و مؤسسات و ثقافة حقيقية تحميه .

(3) الأجهزة الرقابية في العراق مُحاصَصَاتية و فوضوية , و بالتالي هذا سيخدم الشركات و الجهات المشتركة معها خاصة مع وجود إغراء المليارات !! .

بل كل البلد مُحاصصة و ليس الأجهزة الرقابية فقط , يعني إن الخصخصة ستكون في النهاية حصتي و حصتك !! .

(4) القطاعات التي يتم أختيارها للخصخصة يُمكن النجاح بها حكومياً , فالبدء بها دليل على رغبة في الإستفادة المالية الشخصية أو الجهوية , و ليس الإصلاح الإقتصادي هو الهدف فعلاً , و إلا لتم أختيار قطاعات جديدة كقطاع السياحة مثلاً , أو أختيار قطاعات غير مُنتجة يُمكن للمُستثمر عبر الخصخصة تحويلها لمُنتجة .

(5) لا يوجد أي تثقيف مسبق ليكون المواطن ــ المُستهلك ــ واعياً و مدركاً لِمَا يجري حوله ، بل إن الشفافية مفقودة في هذا الملف عموماً , و إليكم أمثلة على ذلك :

ألف : خصخصة قطاع الأتصالات بصمت سنة 2004م دون أي إعلام أصلاً , و لو سألتَ الآن ربما أشخاص يعملون في هذا القطاع لنفوا خصخصته لأنه لا يعلمون أو لا يفهمون إن ما جرى هو خصخصة بأسلوب تنظيم القطاع و تم بطريقة فاشلة جداً !
, و قد تحدثتُ عن ذلك مطولاً في دراسة منشورة قبل سبع سنوات بعنوان (حقائق عن الأتصالات في العراق) .

بــاء : جولات التراخيص في النفط خصخصة تم تعمية تسميتها بتسميات أخرى , و أللآن يُصعب على المختصين فضلاً عن غيرهم الإطلاع على العقود و معرفة التفاصيل , و خسر العراق مليارات إلى الآن بسبب ذلك , و الحديث عن هذا الأمر يطول و يطول !! .

جيم : هيكلة الشركات العامة و هي دعوة و عمل لازال مستمراً , و يُقصد بهِ خصخصة الشركات العامة , خاصة شركات الصناعة , و قد شملت الخصخصة حتى الشركات الرابحة !! .

و تعمد تسميته هيكلة و ليس خصخصة لتجنب غضب الناس , و هذا خلاف الشفافية و الوضوح , و حالياً مستقبل الصناعة العراقية في المجهول , و معه كذلك مصير آلاف العاملين في هذا الشركات !! .

دال : عقد خصخصة توزيع الكهرباء حيث تم تسميته عقد أستثماري و رفض القول بأنه خصخصة في البداية , ثم الأعتراف بذلك لاحقاً نتيجة الضغط الشعبي ، و تم العمل عليه بشبه سرية لمدة طويلة و تسويقه على إنه حل لمشكلة الكهرباء في العراق و هو ليس كذلك !! .

(6) إن قرار الخصخصة لم يكن قراراً عراقياً نابعاً من حاجة المجتمع و دراسة وضعه بدقة , و إنما هو أملاءات من الخارج (الولايات المتحدة الأمريكية و صندوق النقد الدولي و منظمة التجارة العالمية) , و هذه الجهات قطعاً تبحث عن مصالحها الخاصة , و لديها تجارب واضحة و مُعلنة في إيصال دول إلى الحضيض اقتصادياً نتيجة القبول بالإملاءات .

@ تعليقنا : [ أنتبه أيها القارئ الكريم ؛ فهذا ما تخوفنا منه فيما بيناه في الحلقة الأولى من أن مشروع الخصخصة هو مشروع لأحتلال العراق , فإن قرار مشروع الخصخصة ليس قراراً عراقياً وُضع مراعاةً لأجل حاجة المواطن العراقي للخدمات كما يُروج لذلكَ كذباً و زوراً , و إنما هذا المشروع تم فرضه على العراق من قِبل (الولايات المتحدة الأمريكية و صندوق النقد الدولي و منظمة التجارة العالمية) , و هذا الكلام يُفسر لنا كلام وكيل وزير الكهرباء في إجتماعه مع مجلس محافظة ذي قار عندما قال : (( هو تقليل الضائعات الإدارية لإقناع البنك الدولي حتى يتم التفضل علينا بالقرض لا أكثر ! )) , أي بمعنى : أنهم قَبِلوا بفرض هذا المشروع على العراق لأجل القرض ليس إلا ليملأوا بهِ جيوبهم , حتى مع علمهم بفشل هذا المشروع , و حتى مع علمهم للمُخطط الذي وُضع للعراق من قِبل دول الإستكبار لأحتلاله , و العراق و شعبهِ بحسب لغتهم فليذهبوا إلى جهنم و بئس المصير !! ] .

فهل أصبحت أسباب رفض الخصخصة في العراق حالياً واضحة ؟

تجاوزوا كل ذلك و هاتوا لنا خصخصة بشروط عراقية نقبل بها .

أنتهى كلام الأستاذ رشيد السراي عضو مجلس محافظة ذي قار و حرره بتأريخ 7 / 4 / 2017م .

و دمتم في رعاية الله .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ عباس الطيب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/07/28



كتابة تعليق لموضوع : الحلقة الثالثة : العراق و مشروع الخصخصة .. الأحتلال بوجهٍ جديد !!! .
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net