صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

طُرّهات"!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

التُرّهَةُ: الباطل أو القول الخالي من نفع , وجمعها  تُرَّهات.

وفي مدينتنا كنت أسمع هذه الكلمة تطلق على الذي "يحجي حجي فارغ" , أي غير نافع ومحشو بما لا يقبله العقل السليم , أو " يحجي شيش بيش" , وأعتمدُ على لهجة مدينتنا لأنها بنت الفصحى , وهذه الكلمة من الأدلة على ذلك , فقد قلبت التاء إلى طاء , فصارت الكلمة "طُرّهات" , ومن أمثالها العديد من الكلمات التي تتبدل بعض حروفها وتصبح عامية دارجة , لكن لهجة مدينتنا ربما هي الأقرب للفصحى من أية لهجة محلية أخرى في بلاد العرب!!

تذكرت هذه الكلمة أو أنها وفدت إلى خاطري بعد أن عاينت عددا المقالات , وإستمعت لأحاديث متلفزة لبعض الذين يسمون أنفسهم بما يحلو لنرجسيتهم من التسميات , فقفزت كلمة "طرهات" وتعجبت من ورودها وكيف أنها أخذت تختصر وتفسر ما يدور في واقع فارغ باطل , مشحون بالأفك والأكاذيب والأضاليل وبإبداعات الدجل والبهتان المُقيم.

الأقوال والخطب والمقالات والأشعار والأغاني والمحاورات , جميعها يمكن وصفها بالطُرّهات , فلا نفع منها يُرتجى ولاخير فيها وبقائلها وكاتبها وشاعرها , فالواقع عبارة عن مستنقع طُرّهات آسن  تتكاثر فيه العظايا والخطايا والآثام , وصراعات المخلوقات الخالية من الشعور بغيرها , والمنغمسة في أنانيتها وإندفاعها المشؤوم للهيمنة والبقاء مهما كان الثمن.

عالم أيا كان إسمه ونوعه محكوم ومأزوم بالطُرّهات , فما عاد للكلام قيمة ومعنى ولا للكلمة دور ونفع في حياة الناس , لأن البشر أصبح محكوما بالحاجات ومرهونا بالخوف والحرمان من الكهرباء , بل وحتى من الحياة التي كان يحسبها عزيزة وذات قيمة ومعنى وحرمة.

وبإسم الطُرّهات المتنوعة سواءَ كانت دينية , عقائدية , خطابية , فئوية , تحزبية  صارت الأيام تتقلب على جمرات الوعيد , ويتصاعد منها دخان مآسيها وأنين وجيعها , والطُرّهات تتوالى عليها وتأنس بعنائها وقسوة النار عليها .

وما أكثر الطُرّهات وما أسرع تآزرها وتجمعها وعقدها لمؤتمرات وإجتماعات وإطلاقها لتصريحات وبيانات , وما تجني منها سوى الباطل وتؤكد رؤيتها الطُرّهاتية الخالية من مفردات وعناصر بناء الحياة والتفاعل مع جوهرها بإرادة إنسانية وطنية حية ذات قيمة حضارية , ومنطلقات إبداعية كفيلة ببناء صرح العزة والكرامة والرجاء.

وبين طُرّهات وطُرّهات تتأرجح الحالات وتتبدل التداعيات , والخاسر وطن مبتلى بالمُتطرّهين وشعب في تنور الحاجات , والكراسي تتغنى بالماضيات , وترقص على أنغام ما مات عاد , وكل ما فاتَ آت , وتلك قضية فيها جوهر الويلات , وقلْ عاشت الطُرّهات!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/07/20



كتابة تعليق لموضوع : طُرّهات"!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net