صفحة الكاتب : نزار حيدر

إِنشِقَاقَاتٌ! عَنِ البِنَاءِ الحِزْبِي! [٢] وَالْأَخِيرَة
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إِنَّ جذر المشكلة في أَحزابِنا السِّياسيَّة العتيدة، هي أَنَّها مُصرَّة على الفَشَلِ ولذلك ترفض أَيَّة محاولةٍ جادَّةٍ في إِعادة النَّظر بمساراتِها ونِهاياتها الغائيَّة! فتاراها كُلَّما تورَّطت في فشلٍ تجد نفسها مجرورةً لفشلٍ آخر!

كما ترفض أَن تأخذ بمقوِّمات وأَسباب النَّجاح والتي منها وعلى رأسِها؛

أَلف؛ الشُّورى [بمفهومِ الأَحزاب الدِّينيَّة] أَو الدِّيمقراطيَّة بالمفهوم العصري، كمنهجٍ على صعيدَين؛ رسم الاستراتيجيَّة واتِّخاذ القرار وكذلك لتداوُل السُّلطة! أَمَّا هذه الأَحزاب فلقد تحوَّلت جُلَّها تقريباً الى أَحزابٍ عائليَّةٍ تُحرِّم القيادة على غيرِ الأَبناءِ والأَحفاد من صُلْبِ الزَّعيم الأَوحد! والاستراتيجيات يرسمُها مجلس العائِلة أَو شورى الأُسرة المالِكة! وليس الشُّورى أَو اللَّجنة المركزيَّة مثلاً أَو ما أَشبه من الأَسماءِ التي وضعها الحزب لذرِّ الرَّماد في العُيونِ وخداعِ السُّذَّج من القادة الحزبيِّين!.

باء؛ التَّجديد والتَّحديث، وعدم التكلُّس على المنهجيَّة واستنساخها بمرورِ الزَّمن!.

ومِن بينِ ما يلزم تجديدهُ وتحديثهُ هو القيادة الحزبيَّة، فكما أَنَّ المناهج القديمة تُصابُ بالصَّدأ نتيجة تعرِية الزَّمن! لذلك فهي بحاجةٍ الى إِجتهاداتٍ مُستمرَّةٍ لتواكبَ الزَّمانِ والمكانِ والمتغيِّرات! كذلك فانَّ القيادات القديمة هي الأُخرى تُصابُ بالخرفِ في أَغلبِ الأَحيانِ وقد تفقدَ ذاكرتها! نتيجة وصولِها إِلى أَرذلِ العُمُرِ!.

وليس المقصودُ بأَرذلِ العُمُرِ هنا التقُّدم بالعُمُرِ في الحياةِ وإِنَّما المقصود بهِ التقدم بالعُمُرِ الحِزبي والمكوث بالموقعِ القيادي فتراتٍ طويلةٍ جدّاً! كما هو حال القيادات الحزبيَّة الحاليَّة!.

جيم؛ فهل يعني ذلك التَّفريط بمثلِ هذه القيادات أَو إِقصاءها وإِزاحتها مثلاً؟! أَم ماذا؟!.

أَبداً فالقياداتُ التَّاريخية بمثابة الشَّرعية الخِبرة والتَّجربة الحيَّة للحزبِ! ولذلك ينبغي تدوين تجربتها وخبرتها لتنتقلَ من جيلٍ إِلى جيلٍ! فالخبرةُ المتراكمةُ رأسُ مالِ الحزبِ وخزينهُ الحضاري.

ولذلك فانَّ الاقصاء والإزاحة وربَّما تصفية مثل هذه القيادات هو بمثابةِ الانتحارِ للحزب، وأَنَّ مثَلَهُ في هذه الحالةِ كمَثلِ مَن يقتلع الشَّجرة من جذورِها ثم يُحاولُ زراعتَها مرّةً أُخرى بلا جذورٍ!.

أَو كمثَلِ فصيلةِ القردِ المعروف عنهُ أَنَّ كلَّ جيلٍ يبدأ حياتهُ من الصِّفر ليجرِّب الحياةَ بنفسهِ من دونِ النَّظر الى ما أنتجتهُ الأَجيال التي سبقتهُ!.

إِنَّما المقصودُ بكلِّ ذلك هو التَّمييز بين القيادةِ الفعليَّة المتصدِّية والتي لها شروطَها ومقوِّماتها كالشَّجاعة والجُرأَة والإِقدام والفاعليَّة والنَّشاط والديناميكيَّة في الحركةِ والحُضور المَيداني والقابليَّة على تجديد الرُّؤية والالتزام بها والقُدرةِ على إِستيعابِ المتغيِّرات بالسُّرعة اللَّازمة، وبين القيادة التَّاريخيَّة التي تفتقد الى كلِّ ذاك بمرورِ الوقتِ ولكنَّها تبقى تُنتجُ فكراً ورُؤية على الرَّغمِ من أَنَّها رُبما غَير قادرة على تنفيذها وتحويلها الى مشروعٍ!.

كما تظلُّ قادرةً على التَّرشيد والتَّقويم والتَّعليم لما تمتلك من تجاربَ نافعةٍ حتَّى إِذَا كانت فاشلةً! فالفشلُ هو الآخرُ درسٌ نتعلَّمهُ من التَّاريخ!.

دال؛ ومن أَجلِ أَن تُحقِّق هذه الأَحزاب طفرةً نوعيَّةً في تركيبتها ومنهجيَّتها وأَساليبها ووسائلَها وأَدواتها، ينبغي عليها أَوَّلاً وقبل كلِّ شيءٍ أَن تتحوَّل من أَحزابٍ دينيَّةٍ وإِثنيَّةٍ ومذهبيَّةٍ ضيِّقةٍ الأُفق الى أَحزابٍ وطنيَّةٍ واسعةِ الأُفق تسعى لبناءِ الدَّولة وحمايةِ الوطن والمُجتمع!.

أَمّا إِذا بقِيَت على حالِها الحاضر فسوف تظلُّ تأكل بنفسِها الى أَن تنتهي إِلى مزبلة التَّاريخ لتلتحقَ بشقيقاتِها الأُخريات من الأَحزاب ضيِّقةٍ الأُفق التي فشِلت في تحقيق التحوُّل فماتت!.

إِنَّ هذا النَّوع من الأَحزاب خياراتهُ محدودة، سواء في التَّجديد والتّحديث الحِزبي، ولذلك تراهُ يجمع في صفوفهِ الكثير من {الْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} أَو في المنْهَجِ والأَهداف، ولذلك تراهُ يعتمد سياسة صناعة الأَزمات كأَحدِ أُسُسُ المنْهَجِ الحِزبي الذي يتبنَّاه لكلِّ فترةٍ زمنيَّةٍ من تاريخهِ الحِزبي والسِّياسي للهربِ من الاستحقاقاتِ الداخليَّة!.

إِنّها الأَحزاب التي تدورُ حول نفسِها وتتحدَّث إِلى نفسِها وبالنَّتيجةِ الحتميَّة تنشقُّ على نفسِها!.

إِنَّها الأَحزاب التي تتشبَّه في نظامِها ورؤيتِها للحياةِ نِظام ورؤية العَشيرة! همَّها السَّطو والإغارة على الدَّولة للحصولِ على الغنائِم! لإِقامةِ الولائم ومجالس العَزاء ومواكب الأَربعين لخدمةِ الزَّائرين [موكبُ مُختارِ العصرِ نُموذجاً]!.

١٧ تمُّوز ٢٠١٧

لِلتّواصُل؛

‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/07/18



كتابة تعليق لموضوع : إِنشِقَاقَاتٌ! عَنِ البِنَاءِ الحِزْبِي! [٢] وَالْأَخِيرَة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net