صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

بغداد حريق وغريق
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مدينة خيرها لغيرها كالبلد الذي هي عاصمته الأبدية، لم تر الراحة مذ رأت نور الحياة على يد الخليفة البخيل أبي جعفر المنصور الدوانيقي الذي كان الدانق وهو عملة مشهورة في زمان الخليفة قريبا الى نفسه أكثر من سواه مما يحب ويفضل.

ولطالما غرقت بغداد، ولطالما حزنت، وإحترقت بالصراعات والمشاكل والبلاء الراتب والحروب، فكم من مرة غزاها العتاة من طواغيت الأرض، وحكمها الطغاة، فأحرقوا قلوب ناسها وعذبوهم، وأذاقوهم الويلات، ونفوهم في البلدان، وملئوا منهم السجون، وتركوهم مشردين في العراء، وفي كل زمن بلاء، ولافرق بين حاكم وحاكم، فكلما مرت الدهور تعاظمت الخطوب، وتناوشتهم بأصناف البلاء والوباء.

عقود من السنين يعاني العراقيون من حكام عتاة فجرة ولصوص وسراق وطغاة ومولعين بالدماء ولذة التعذيب والترهيب، والناس عندهم جرذان وحشرات، وأصناف من الأوبئة يجب الخلاص منها، والقضاء عليها، فهم زائدون عن الحاجة، ولاضير أن تطحنهم الحروب والفيضانات والمجاعات، وكان كل حاكم يسوقهم الى محرقة ويتفرج عليهم وهم يذوبون كالحديد المنصهر ويباهي بهم وبرجولتهم التي تسحق على السواتر وفي الخنادق، بينما نساؤهم تترمل، وأطفالهم تيتم وأمهاتهم ثكالى يبكين غدر الزمان، والقدر المحتوم الذي لايتجاوز العراقيين حتى يأخذ منهم مايريد.

الشتاء يأخذ من العراقيين أمانهم فيصيبهم بالفيضانات التي لاتأتي من بحر، أو نهر، بل بالمطر وآلة العجز التي عليها دوائر الخدمات الفاسدة والمترهلة والفاقدة للمسؤولية الأخلاقية والمهنية، وفي الصيف تسلبهم الحرارة راحتهم، وتثير أعصابهم فيكونوا مثل العليل الذي لايجد راحة من مرض، ولاتسكن أوجاعه، ويظل الوجع يعصر بروحه حتى يهلكها، وحين يشكو يتهمونه بالخيانة والتآمر على الوطن، بينما هو ناقم على من يحكم الوطن، ولاينشر عدلا في ربوعه، فتغيب العدالة، وتموت رويدا، ويكون القانون كرجل مصاب بالجذام ينفيه الناس فيسير لوحده في دروب الحياة.

بغداد بين حريق وغريق، وألم عتيق، لايكاد ينتهي حتى ينبعث من جديد على شكل وجع محتدم، وألم منتظم ينشر الفوضى في الجموع، ويتركها تتصادم مثل سفن غارقة في بحر لجي، وفي ظلام دامس.

لك الله ياوطن العذابات.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/07/16



كتابة تعليق لموضوع : بغداد حريق وغريق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net