شباب الموصل يزيلون الركام عن جامعتهم

كانت "سرى عبد المجيد" في سنتها الدراسية الأخيرة في المرحلة الاعدادية، تواصل استعداداتها للامتحانات النهائية على أمل الدخول لجامعة الموصل، حيث حلمت أن تكون مهندسة.

لكن دخلت عصابات داعش" اثناء تلك الفترة الى المدينة. كانت سرى في المنزل في ذلك اليوم من العام 2014 عندما وصلت أخبار اقتحام المتطرفين للمدينة: "كنت أدرس وتوقفت عن ذلك لشعوري بصدمة مذهلة لسماع الخبر،" تقول سرى متذكرة.
كانت سرى تنظر لـ"زهاء حديد"، المعمارية الرائدة العراقية المولد والبريطانية الجنسية، كنموذج يقتدى به للنجاح، فزهاء كانت أول امراة تفوز بجائزة "بريتزكير" العالمية، وهو أرفع مراتب الهندسة المعمارية سموا؛ لكن على سرى الآن وضع أحلامها قيد التأجيل: "لا يمكن للبنات دراسة الهندسة في ظل حكم عصابات "داعش"، والأمر مقصور على الرجال فقط".
وتطلب الحال مرور ثلاث سنين قبل أن تشن القوات العراقية عمليات هجومية فاعلة ضد المتطرفين، لطرد مرتزقة "داعش"  وتحرير المدينة ، ومن بينها مقر للتنظيم الاجرامي في جامعة الموصل.
حاليا، تسعى سرى، 21 عاما، ومعها مئات من المتطوعين الشباب الآخرين لاصلاح مباني الجامعة التي أضرت بها الحرب، البعض منهم طلاب جامعيون تركوا مقاعد الدراسة عندما استولى المتطرفون على المدينة، وآخرون شباب أمثال سرى يأملون دخول الجامعة يوما ما. لكن في البداية، ينبغي عليهم استعادة ما كان في الماضي أحد أفضل مؤسسات التعليم العالي في العراق، فقد نهب الدواعش المجمع وسلبوا كل شيء ذي قيمة، من المخطوطات القديمة والكتب النادرة وأجهزة الحاسوب انتهاء بالأموال، كما قاموا بتلويث الجدران بالقار الأسود، وأحرقوا غالبية المباني مع فرارهم من أمام اندفاع القوات العراقية التي حررت الجامعة هذا العام؛ وتركت قذائف الهاون آثارها على المباني والشوارع، وتعرضت بعض البنايات للانهيار.
مخلفات قاتلة
ومع تخلي العدو عن المجمع، ترك أفراده أيضا "فخاخا لاصطياد المغفلين"، كما يقول "طلال قاسم"، استاذ الغابات بكلية الزراعة: " الجامعة كانت مليئة بالقنابل، بالتالي وبعد أن حرر الجيش الجامعة وطهرها، أشار الى أن المكان آمن ويمكننا العودة اليه، وبذلك عدنا."
غير أن أعمال التنظيف ربما تكون محفوفة بالمخاطر، والتحذيرات التي تركها الجيش بالدهان الأحمر تعطي علامات لبنايات لم يتم تطهيرها بعد من المتفجرات. لم يعق هذا الوضع المتطوعين الشباب عن مواصلة القدوم لاستصلاح مجمعهم. وفي يوم مشمس، كانت سرى من بين أكثر من عشر فتيات وضعف عددهن من الرجال يزيلون الأنقاض من المبنى الاداري للجامعة، ليتصاعد غبار كثيف أوجب عليهم ارتداء كمامات الأنف، وكان صوت تحطم الزجاج وخشخشة المعادن وسحب الحطام على الأرض متواصلا.
"نحن نسعى للمضي بحياتنا الى الأمام،" هكذا قالت سرى باللغة الانكليزية، واصفة أعمال التنظيف. وتستذكر سرى، التي تعلّمت الانكليزية من خلال مشاهدتها للبرامج التلفزيونية، عندما استحلت عصابات "داعش" المدينة: "الزمن كان متوقفا في تلك اللحظة. وكان العيش في ظل نظام حكم "داعش" بمثابة 
جحيم، فالأمر يشابه حياة في قفص، فلا يسعك الحركة ولا يمكنك فعل أي شيء، وعليك ارتداء ملابس سود من الرأس الى القدم. أنا لم أشعر بكوني حرة، فقد كنت أخرج من المنزل، وكل شيء كان عاديا، لكن بدون حريات، حياة طبيعية لكن مقيّدة."


غزو أيديولوجي
أما الاستاذ الجامعي قاسم، فيتذكر أنه حتى اثناء احتلال "داعش"، عاد بعض الطلبة والمدرسين الى الجامعة ليحتفظوا باحساس معيّن من الحالة السوية، وعمل الدواعش على جعل قاسم وأساتذة آخرين يواصلون تدريس بعض المواد، "لكن كان لديهم مدرسوهم المختصون بهم، وكانوا يدرسون موادهم المتعلقة بالفقه والمواد الدينية."
وتشير سرى، التي تطوعت أيضا مع مجاميع انسانية لمساعدة أهالي الموصل من الذين بقوا بدون مأوى بسبب الحرب، الى دفع والديها لها لأعمال تنظيف المجمع الجامعي، وكان والدها أستاذا في كلية الزراعة والغابات. وتسمع سرى أحيانا عن طلبة متطوعين من أمثالها يموتون بسبب مصائد المغفلين: "بالأمس، أصيبت بنت ورجل، لقد سمعت بذلك، وتوفيا على أثر تلك الاصابة. 
انه أمر يثير الحزن. وجدا شيئا غريبا، ولمساه لينفجر بهما."
وشأنها شأن الكثير جدا من سكنة الموصل، فقد عملت الحرب على جعل سرى أكثر صلابة، وتتحدث بواقعية حول المخاطر المحدقة بمدينتها: "لقد اعتدنا على هذا الوضع، ولا أعرف كيف يمكنني توضيح ذلك، لكن الأمر مفاجئ، فمع "داعش" يمكن أن تموت في أية دقيقة، فهم يدّعون بفعلك لشيء سيئ، وينبغي عليهم قتلك."
ليس لدى سرى نية لترك العمل في المجمع: "أنا لا أخاف إن مت، فهذا شرف لي بفعل شيء حسن بهذا المستوى، والموت لدي أمر طيّب."


صحيفة لوس انجليس تايمز الأميركية


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/07/13



كتابة تعليق لموضوع : شباب الموصل يزيلون الركام عن جامعتهم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net