صفحة الكاتب : علي علي

واقع حال رغما عنا
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

  "الرؤية من دون تنفيذ مجرد حلم، والتنفيذ من دون رؤية مجرد مضيعة للوقت، أما الرؤية والتنفيذ مجتمعان، فيمكن أن يغيرا العالم".

  المقولة أعلاه قالها شخص، وفي الحقيقة هي أقرب الى الحكمة والموعظة منها الى المقولة، والشخص الذي قالها غني عن التعريف، بما يحمله من ثقافة عامة متراكمة، وكياسة في أحكامه وقراراته، ورؤية سياسية ثاقبة، فضلا عن روحه الوطنية، وحبه لبلده، وسعيه الى النهوض به، ودأبه على الاهتمام بشؤونه، وعدم التهاون بالتضحية من أجله، وبذل الممكن وغير الممكن في سبيله، كذلك هو غني عن التعريف بإخلاصه لشعبه، وتفانيه في خدمته، وإيثاره على نفسه، وتفضيل مآربه عليها، كما أنه ناءٍ عن المغريات التي يسيل أمامها لعاب كثيرين، ونزيه عن اتخاذ الطرق الملتوية للوصول الى مالايستحقه بتصوره، ومترفع عن الأخذ بصغائر الأمور البعيدة عن المصلحة العامة، إزاء نبذه الأمور التي تحقق له منافعه الخاصة، وغير ذلك من الشمائل المشهودة التي يتحلى بها هذا الرجل، والتي سجلها التأريخ في ذاكرة الشعوب.

   من المؤكد أن أحدا من قراء ماتقدم من صفات، لن تذهب مخيلته وحدسه الى أن هذا الرجل هو أحد ساسة العراق، إذ هم بقضّهم وقضيضهم، وزيدهم وعمرهم، وزينهم وشينهم، لن يبلغوا عشر معشار هذي الصفات، فشتان بينهم وبين الخصال الحميدة.

  إن الحكمة أعلاه قالها نيلسون مانديلا، وأرى أن أخذها على محمل الجد، والعمل بها، والامتثال لأحكامها، تقودنا الى التحرر من شرك الأحلام بعيدة التحقيق، وتبعد عنا شبح الأمنيات صعبة المنال، فضلا عن النأي بنا بعيدا عن المستحيل وسابع المستحيلات وعاشرها، وما الى ذلك من مبررات التقاعس وذرائع الكسل ومسوغات الفشل، ولاسيما عندنا نحن العراقيين، بعد أن خرجنا من تغيير عام 2003 خالي الوفاض حتى من خفي حنين، وعولنا على انقشاع نظام البعث باستبداله بنظام يأخذ بيد البلد الى حيث الأمان والاستقرار. إذ لم يأتِ ذاك التغيير أكله نضرة ولالذيذة كما ينبغي أن تكون، بل على العكس، فبعد ذاك العام ذقنا من المرار أصنافا، وضقنا ذرعا بأشكال البؤس والقلق وشظف العيش بأبشع صورها، فكأن لسان حالنا يقول:

ليس العذاب عندي صنفا واحدا

            عندي بحمد الله منه صنوف

وقطعا لم يكن هذا المآل وليد حكم صدام ونظامه فحسب، بل الفضل الكبير في تردي الحال ونكوصه المطرد يوما إثر يوم، يعود بالدرجة الأولى الى من أخلفوه على كرسي الزعامة والقيادة والترؤس، ولن أشير بإصبعي الى كرسي واحد او اثنين او عشرة، فبالتجربة وتكرارها أربعة عشر عاما، خير مؤشر على الكم الهائل منها، وفي مفاصل البلد جميعها. فما من مسؤول يتسنم منصبه في وزارة او مؤسسة، إلا وكان حزبه هو الآمر الناهي في أمره وأمر وزارته، إذ يوحي اليه بكل صغائرها وكبائرها، ويملي عليه همزاته ولمزاته التي تصب بتحصيل حاصل في مصب واحد لاغير، ذاك هو مآرب شخوص معينين، اتضحت صورهم وبانت ملامحهم جلية أمام الأنظار، كذلك انكشفت موجاتهم التي ركبوها على ظهر المواطن المسكين طيلة السنوات الخوالي، بأوامر من كتلهم وأحزابهم غير آبهين باستغاثته ونداءاته، وكيف يأبهون له وهم قادمون من أجل سرقته بتعميد وتأييد وتزكية من أرباب كتلهم وأحزابهم؟! لذا نراهم شمروا عن سواعدهم وصار بعضهم يوحي الى بعض، مجندين هممهم وإمكانياتهم لنهب خيرات البلد، فدبوا كدبيب النمل الى كل يانع ورطب، فيما أطبق واقع الحال هذا على المواطن رغما عنه، وهو يستصرخ بعد أن فاحت رائحة السرقات، وقد قالها شاعر الأبوذية رحيم الركابي:

حية كوبرا وبحشاي فاحيت

احترگت وريحة العطاب فاحيت

وأراك بهيئة سليمان فآحيت

الى جندك يلم النمل بيه

 

aliali6212g@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/07/08



كتابة تعليق لموضوع : واقع حال رغما عنا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net