صفحة الكاتب : حسن الهاشمي

ما الذي يزين صاحبه ويشين فاقده؟!
حسن الهاشمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يكاد رأسي ينفجر وقواي تنهار وأعصابي تتحطم حينما اتطلع الى أناس ينسبون أنفسهم إلى الاسلام وهم وحوش كاسرة، قد غادر الرفق واللين ذواتهم منذ زمن طويل! هذه الفئة الضالة بتصرفاتهم المشينة من ذبح وحرق وتدمير وتخريب عرفوا الاسلام بأنه دين سيف وعنف ولكنه دين رحمة ورفق، عرفوه بأن الرسول الاعظم قال حسب زعمهم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله محمد رسول الله، ولكنه دين يدعو الى الحكمة والموعظة الحسنة، قدموه للبشرية على أنه دين قائم على الغلظة والاذلال والتهتك والظلم والقهر والاسفاف، ولكنه فاتهم بأن النصوص الصحيحة كلها تؤكد على أنه دين قائم على اللين والكرامة والعزة والعدل والتطور والرفاه، أين دين التكفيريين من دين الكتاب والعترة؟! أين الذبح والحرق والسبي والتعذيب والتنكيل من قول الرسول الاعظم عندما تمكن من أهل مكة في عام الفتح وبالرغم مما لاقاه منهم من عنت وظلم، قوله: اذهبوا فانتم الطلقاء، هذه هي سماحة الاسلام، انه دين رأفة ورفق ومداراة وليس دين حقد وقتل والغاء، وما ينسبه التكفيريون من أعمال مشينة للإسلام، فإن الله ورسوله والأئمة الهداة بل جميع الأنبياء والمرسلين براء من تلك التصرفات الوحشية التي باتت شاخصة بأنها تحاول النيل من عظمة الاسلام لحاجة في نفس يعقوب قضاها، وهي بالتالي تصب في مصالحهم التي تتعارض بالفعل مع عدالة الاسلام الأصيل.  
وها هو رسول الرحمة قد وضع الفاصل بين أولئك الذين يتحلون بالرفق واللين والرأفة والذين يتصفون بالشقاق والنفاق والغلظة بقوله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله ‌وسلم: (الرفق رأس الحكمة، اللّهم من وليَ شيئاً من أمور أُمتي فرفق بهم، فارفق به، ومن شقق عليهم فاشقق عليه). (بحار الانوار ٧٥ : ٣٥٢) الرفق هو التعامل اللطيف مع العدو فضلا عن الصديق، قال تعالى: (اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ، فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ). (طه، 43 ـ 44) والحكمة كما لا يخفى هي وضع الشيء في محله، ولما كان الرفق هو من محامد الصفات التي يتصف بها الخالق المتعال وأنبياءه الكرام وذوي الحجى والالباب، وبه يعالجون سقم الناس، فهو الدواء المحكمة مراهمه، والبلسم الناجح شفاؤه، ينفع مع الفرد في تطبيبه وتهذيبه، ومع الاُمّة في تدبير أمرها وسَوْسها، فكم من واقعة استطاع النبي الاعظم وأهل بيته الكرام ومن خلال الرفق ليس بالمؤمنين فحسب بل حتى بغير المسلمين والمنافقين ان يكسب ودهم ويجرهم الى حياض الاسلام بطيب خاطر وقناعة واذعان وليس بالتهديد والسجن والارهاب، فالنبي الأعظم بعد أن يعرّف الرفق بأنه رأس الحكمة، يتوجه إلى ربه بالدعاء بالرفق لمن يرفق بالناس، وبالمشقة على من يشق عليهم، ولاشك أن دعوة المصطفى حبيب الله هي دعوة مستجابة حتماً، وهي في الوقت نفسه كشف عن قانون وإرادة سماوية في المكافأة والمجازاة على الأفعال. 
الاسلام دعا الى الرفق ليس بين المسلم وعدوه فحسب بل دعا الى الرفق في كل مناحي الحياة حتى الصحبة في الله فإنها عمل ممدوح، باركه الإسلام كثيراً، وحثّ عليه، وبشّر أهله بالثواب الجزيل والمنزلة الرفيعة، لكن بين المتصاحبين في الله تفاضل، فأحدهما أرفع منزلة وأعظم أجراً من أخيه، فبأيّ مزيّة نال هذا التفضيل؟! رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله ‌وسلم يكشف لنا عن سرِّ هذه المفاضلة، فيقول: (ما اصطحب اثنان إلاّ كان أعظمهما أجراً وأحبّهما إلى الله عزَّ وجل: أرفقهما بصاحبه). (الكافي ٢ : ١٢٠ / ١٥ باب الرفق) الرفق إذن هو الذي رفع أحد الصاحبين على أخيه درجةً، وشرّفه بمنزلة من حبّ الله أعلى، واذا ضرب هذا الخلق الرفيع بأطنابه جميع الشرائح من زوج وزوجة ورئيس ومرؤوس وموظف ومراجع وكبير وصغير، أن يتحكم بأوساطنا جميعا الرفق واللين والتواضع، لصمدنا أمام المشاكل ولعظظنا على الجراح حتى تندمل وتكون انطلاقتنا نحو النجاح أسرع مما نتخيل، وطريقة تقبل الآخر لنا تكون مذهلة، كيف لا والرفق يدخل الى القلب من دون استئذان، وكفاه فخرا انه يزين صاحبه ويشين فاقده؟!.    


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسن الهاشمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/06/20



كتابة تعليق لموضوع : ما الذي يزين صاحبه ويشين فاقده؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net