صفحة الكاتب : د . رافد علاء الخزاعي

في مجلس المخزمي نزف الفريد سمعان ذاكرته
د . رافد علاء الخزاعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ان مجلس المخزومي في بغداد من المجالس الثقافية المميزة بخيارته وطروحاته في تكريم الاحياء من المبدعين من الرواد في الادب والفنون ,ويعتبر المجلس امتداد الى مجلس الارقم بن الارقم المخزومي في مكة الكرمة منذ عصر الرسالة الاسلامية ليمتد تاريخه في النجف ويستقر اخيرا في بغداد المنصور وبرعاية الاستاذ الدكتور عادل المخزومي ذو الوجه البشوش المرحب بالجميع بحفاوة والباقي واقفا على طول انقعاد المجلس احتراما لمرتاديه النابع من نبل اخلاقه وادارة السيد محمد  الجابري ذو الصوت الرخيم المحبب للسماع والادارة الهادئة كانت امسية هذا الشهر مميزة للاستاذ الشاعر الفريد سمعان الامين العام لادباء العراق الذي نزف ذاكرته الممتدة ثمانون سنة من تاريخ العراق البهي بالحوادث الجلل للحضور,ان الفريد سمعان خزين للكثير من الذكريات والاسرارلحقبة زمنية مهمة من تاريخ العراق السياسي والادبي ، وارشيف واسع للكثير من الاسماء الادبية وانجازاتها وتاريخها الفكري والادبي فتكلم عن بصمات المدن الذي تنقل فيها بحكم وظيفة والده كضابط جوازات فكان وليد الموصل سنة 1928/م وتعلم من والده بعض اللغات التي يتقنها العربية والكردية والانكليزية والالمانية وبعض من اللغة الفارسية فتنقل مع عائلته طفلا في خانقين وتعلم منها جمال الطبيعة المتفتحة بعين طفل وتلون سكنة اهلها بين عرب واكراد وتركمان ولينتقل الى الرمادي ليعيش على جانب الصحراء ويرى البدواة والطيبة والحياة القاسية ان اختلاف وتلون البئية اعطى للفريد سمعان شاعريته المبكرة التي تفتحت في فيحاء العراق البصرة التي فتحت ذهنه في اجواء الاستعداد للحرب العالمية الثانية والبصرة تعج بالجنود الانكليز والاسترالين والهنود والبحارة من مختلف الاجناس واجواء شط العرب واهل البصرة المنفتحين على الحياة وعلى مستقبله بافق مستقبلي بناء نتيجة التخطيط والادارة الانكليزية الناصحة انذاك للبصرة منجم النفط العالمي وميناءها الحيوي, تفتحت شاعريته في الغزل لبنات البصرة ومناوي  باشا وحي الارمن والطويسة والابلة والكورنيش المميز بالنوارس المهاجرة واصناف البشر الوافدة, وكان صوت التحرر الوطني  يدّوي ويدعو الشعوب الى التحرر من الاستعمار ورفض التيار النازي  المتجبر الأرعن فكان بداية الوعي السياسي له, وتجاوب  مع الحركة الوطنية  وخصوصا انه بداء يعمل اثناء الدراسة, وكانت هنالك أعمال كثيرة تحتاج  للكثير من الأيادي العاملة ... في هذا الوسط الكثيف سياسياً شرب من حافة الكأس ووجد نفسه في تيار اليسار  الحالم بوطن واحد وشعب سعيد في ظل التطور الاشتراكي والاهداف البراقة وفي نفس الوقت كانت الظروف تساعده على الاستمتاع بالأفلام السينمائية والمشاركة في حفلات نادي الميناء والسكك بتواضع  وفي نفس الوقت ، وقد ترك اثر فيه مدرسيه ومعلميه ولكن ابرازها كانت   اندفاعة فكرية خلقها لدى المرحوم الأستاذ يوسف صالح من الحلة الذي دخل صفه وهو يحمل  فكراً تقدمياً واضح الملامح ولم يحدثهم عن التاريخ المجرد الذي كان يقوم  بتدريسه بل حاورهم حول الثقافة التي يجب ان يتحلى بها الانسان ليحتل له موضعاً في الوسط الاجتماعي والثقافي وهكذا بدأت الرحلة الثقافية وكانت اجواء البصرة الاجتماعية المنفتحة تساعده على ذلك وقد احتضن مسيرته الثقافية في الثانوية المرحوم الدكتور رزوق فرج رزوق وكان زميلا ملازما للرائع محمود البريكان وعدد آخر من المهتمين بالادب والثقافة والذين كانوا كلهم متعطشين يتسابقون مع الزمن ولا يتركون فرصة لمتابعة القراءة والاطلاع على الافاق الجديدة والروايات العالمية والافكار المتنورة, وهو كان حريصا على الاشتراك في مجلتي الرسالة والثقافة المصريتين وصحف ومجلات عديدة كالصباح والكواكب .. وبعض المجلات العراقية منها الهاتف والنادي ،  ودفعه حبه للصحافة الى التسجيل في مدرسة الجواهري الصحفية وكانت بالمراسلة  ثم بداء ينشر بعض قصائده وكانت مقبولة مما شجعه على المضي في الرحلة الأدبية المتعبة اللذيذة  واول قصيدة نشرت له كانت بعنوان الحب الاول في جريدة الأديب الموصلية  وبعدها قصيدة القبلة الاولى .. وكانت من القصائد التي جلبت الاهتمام  قصيدة جميلة ( الجزائرية ) ومن أبياتها   
 
   ياجميلة الف مرحى
   صارت الحبة قمحا
   وارتقى المشلول سفحا
انه الزرع المتنامي للثورة يبداء فكرا غضا ليعطي ثماره المتعددة بعد حين والنضال هو رعاية النبته الفكرية بكل الطرق انها صورة تمثل بداية الوعي الجهادي لشاعرنا المتالق.
 وكذلك قصيدة ( سليني ) التي نشرت في جريدة العصور ومن ابياتها
   سليني كيف تنتصر الشعوب
   ويقصي عن مواطننا غريب
   ويبسم عن سواد الليل فجر
   شفيف النور ليس له نضوب
   نبذت الحب لن ابغي حبيباً
   فكل مناضلِ عندي حبيب   
انه حب الرموز الثورية الناهضة التي تاخذ بيد الوطن نحو فجر متالق جديد وطن ينعم من خلاله الشعب بالخيرات والامن ,انه بداية الحس الوطني الذي فرض خيارته على مسيرة شاعرنا المستقبلية.
ان شاعرنا كان مفعما بحب القراءة حد الشغف رغم ولعه بالرياضة ومتابعة الأفلام السينمائية وحبه للموسيقى التي حاول ان يتعلم احدى أدواتها فلم ينجح  لعدم وجود منهجية وضعف الامكانيات المادية وضيق الوقت لديه ، ترى ماذا يمكن ان يحدث لأنسان يحب الادب والقراءة ويهوى الرياضة ويمارسها بقوة ، كرة القدم ، الجمناستيك ، حب الموسيقى ، والافلام والاغاني  ليس سهلاً ان توفق بين كل هذه الاشياء وانت تمارس التجربة بنفسك ولكنه كان ينقصه الموجه والدليل للاخذ بيده نحو الابداع ، كان معجباً بطه حسين ومراسلته وهو مدير دار المعارف في القاهرة ويشرف على اكبر مؤسسة ثقافية  في البلاد العربية وكان متحمسا وقراء له الأيام فاثارت شجونه وحديث الاربعاء وتراجمه عن الفرنسية عن المسرح الفرنسي وكذلك كتاباته عن الثقافة اليونانية العريقة وقد اهتم ايضا بالعقاد، فقد ارسل رسالة لعباس محمود العقاد وطلب منه ان يجيبه على السؤال ( هل يمكن ان يكتفي الاديب او الذي يريد ان يصبح اديباً بلغته الخاصة ام يحتاج الى لغة اجنبية ) وقد اجابه الكاتب الكبير في مقال افتتاحي في مجلة الرسالة فتأمل لم يكن هنالك لا انترنيت ولا وسائل الأتصال  الحديثة انه بريد اعتيادي ولكن التواصل كان يتم ... والكبار يشجعون الصغار  وهو منتهى التضحية والابداع والوفاء والتواضع الرائع وقد  قراء ايضا لأبراهيم المصري ومحمود تيمور  وأمين يوسف غراب وكتب الجامعيين عبد الحميد جودة  السحار وادريس وعلى احمد باكثير .. وسواهم ... ثم انتقل لقراءة الى القصص المترجمة وقراء كل ما كانت تقع يديه عليه  مثل  غوركي وتشيخوف وتولستوي وهاوردفاست وهمنغواي وشكسبير وفكتور هوكو وديكنز وكل الكتاب البارزين وكانت بيروت تطبع والعراق يقراء بما يريد ويشتهي وكان متابعا لاصدارات دار اليقظة العربية في سوريا التي ترجمت عشرات الكتب الادبية لأبرز كتاب العالم واغنت المكتبة العربية بما قدمت من الشوامخ ولذلك فقد قراء مئات والوفً من القصص والروايات وكان محبا وشغوفا لقراءة هذا النمط الأدبي بشكل خاص اضافة للشعر الذي تواصل معه واحتجز وقته وهوايته وهيمن على كيانه في ظل المتاعب السياسية والاجتماعية التي عشاها ... فهو يقول عن الشعر (رغم انها علمتني الكثير  ولو اتجهت  فعلاً لكتابة القصة لكان الآن  لدى عدة مجاميع منها وما زال هنالك متسع من الوقت لتقديم ما يمكن ان  يفصح عن هذا التعلق بالقصة ولكن الشعر يظل هاجسي الأول .. وانا حريص على ان أقدم ما استطيع مهما تعقدت الظروف وازداد انشغالي بأمور تنظيمية وإدارية ، واعتقد ان كل أديب ومبدع مسؤول عن تقديم أقصى مالديه من إمكانيات وان ينفض أفكاره على الورقة ويضيف ما يستطيع الى النهج الثقافي التقدمي وان يرسم صورة مشرقة لما نمتلك من مواهب وإمكانيات مشرقة ومضيئة) .
وعن بداية عشقه للمراءة والنصف الاخر وبوادر الحب المتولد من قراءته للروايات ومشاهدته لافلام السينمائية فهو يقول بصراحة مطلقة تنم عن ثقة للنفس....( ورغم ان السؤال يستهدف الكشف عن الاوراق الملونة وغير الملونة ايضاً اقول اني تعرفت باكثر من فتاة لم يتجاوب معي الا البعض وامتنعت الأخريات عن الاستجابة للمشاعر المتأججة ربما لانها لم تكن متأججة  فعلاً وربما لأن لهن ارتباطات بالآخرين ، المهم اني لم اكن اعيش في صحراء عاطفية وكان  لدي ما يساعد على  التقرب من الجنس الاخر  ، شاب ، يكتب الشعر ، رياضي ، يمارس أكثر من رياضة  ، متفتح للحياة  ، يجيد الرقص وهو في عمر الرابعة او الخامسة عشرة وتشعر من ترقص معه بانها تطير  في فضاءات جميلة  .. وتشعر بتعاطف مبكر مع هذا المراهق الجرئ في انسجامه مع مشاعر الآخرين بهذه السهولة والبساطة وبدون اية تعقيدات ولكن لم يكن هذا دليلاً على المضي ابعد من المسافة المحددة اجتماعياً وعاطفياً ...)
واما عن مسيرته الدراسية فانه انتقل للدراسة الاكاديمية في جامعة دمشق كلية الحقوق ولكنه لم يفلح وينسب ذلك لظلم احد الاساتذة له برسوبه نتيجة درجة واحدة كانت حاجزا عن النجاح وقد اسقطها شاعرنا لظروفه المالية والمعاشية والغربة ولكن الشام اغناه فكريا واعطاه رؤية سياسية واضحة لما كانت دمشق بعد الحرب العالمية الثانية في بداية النهوض والاستقلال وقد عاد لبغداد ليلتحق بكلية القانون  وهنا تعرف على بدر شاكر السياب وحسين مردان واخرون من  وقد شارك في نشاطات الحزب الشيوعي في دعمه لمظاهرات العمال في السكك والنفط ومظاهرات الكاظمية وانه حمل بدر شاكر السياب على كتفه في مظاهرات ضد اتفاقية بورت سمث في عام 1948م وقد سجن على اثرها سنة ونصف ويقول من ذاكرته النازفة الما انه كان يحاول ثقب باب السجن لكي يشاهد القائد فهد وسلام راضي الذين اعدموا انذاك وهو يروي كيف ان فهد ذهب شامخا الى حبل المشتقة وبرباطة جأش. 
 وهنا يقول شاعرنا عن ذكرياته الاخرى مع بدر شاكر السياب,
(عرفت بدر السياب  عندما كان طالباً في دار المعلمين العالية وكان ياتي مع زملائه من طلبة الكليات  الى البصرة ويتواجدون في مقاه محدودة وكنا نحن طلاب الثانوية نتهيب  منهم وننظر لهم نظرات مهابة وإعجاب ولعل فكرة أننا سنكون غداً ضمن قافلتهم راودتنا وبعد انتقالنا الى بغداد كنت أزوره في الدائرة المعروفة باسم ( المستوردة ) وكان مديرها العام ناظم الزهاوي وتضم طائفة كبيرة من العناصر اليسارية وقد تم تعيينهم بتوجيهات من نوري السعيد بالذات باعتبار ان اليساريين يتمسكون بمبادئ الصدق ويرفضون الرشوة وهو يعلم ان التجار الذين يراجعون هذه الدائرة للاستيراد لا بد ان يلجأوا لاستخدام ( الهدايا ) المالية ( الرشاوي ) لتمشية أعمالهم بأسرع ما يمكن وكان من بين الموظفين عامر عبد الله والشاعر كاظم السماوي وبدر السياب وباقة كبيرة من امثال الذين ذكرناهم  وفي وثبة كانون المجيدة عام 1948 توطدت العلاقة وكنت احمله على كتفي في شارع الرشيد وهو يلقي قصائده كما كنا نخرج أحيانا لنسهر في شارع ابي نؤاس في مشرب ( بلقيس ) وقد حذرته في حينها من الاتصال بسميرة عزام كاتبة القصة والمذيعة سابقاً في راديو الشرق الأدنى الذي أغلقت في فلسطين واستفادت الإذاعة العراقية من بعض وجوهها حين دعيته للقاء ثقافي وقلت له انها محاولة لسحب اقدامه  الى ساحة جديدة لا تنسجم وتوجهاته اليسارية وكان حاضراً الجلسة الشاعر محمود الريفي ... ثم التقينا في مواقف أخرى كمظاهرات تشييع الشهداء والانتصار على الرجعية وقد استأجرت له دار في المنطقة التي كنا نسكنها بعد ان تزوج من السيدة اقبال والتقينا ايضا في مجالات عديدة وقد كتب لي مقدمة ديواني الشعري الاول ( في طريق الحياة ) ولكني اواخذه على الانتقال المفاجئ من اليسار الى اليمين دون مبرر.. وبعد ان دعى الى بيروت من قبل مجلة حوار ويقال انه تعرض  لحياة اجتماعية غير مألوفة لديه لانه كان منهمكاً بالمرأة عاشقا ضعيفاً جدا امام النساء وكان يعترف بان الطلاب في دار المعلمين العالية كانوا يستمعون الى قصائده في حديقة الكلية وبعد ان ينتهي من ذلك يذهب الطلاب كل مع زميلته او صديقته  ويتركونه وحيداً في الساحة مما كان يثير مشاعره ويجعله يتحامل عليهم ويكتم غضبه الجامح ؟
 ان اهم نقطة ضعف كانت لدى السياب هي تعطشه الى المراة وبدون اية شروط وكان يطمح بصداقة حميمة مع احداهن ولكن هذا لم يحصل الا من قبيل الإعجاب الشعري فقط وبعدها ينتهي المطاف... ومما يثير المي هو تحوله غير الاعتيادي فمن المعروف انه ذهب للعلاج الى لندن على حساب الدولة العراقية وبامر من قائد ثورة 14 تموز المجيدة عبد الكريم قاسم وكان من الوفاء ان يقدم الشكر على ذلك ولكنه وهو على فراش الموت كتب قصيدة يتشفى فيها من عبد الكريم  وهو موقف يدين تصرفات شاعر عرف بالصدق والأمانة والدفاع عن الإنسان والإنسانية وقد كتب احلى وأروع قصائده التي جعلت منه علماً شعريا بارزاً عندما كان يسارياً مثل حفار القبور والموس العمياء وسواهما من القصائد المشهورة ولي صورة معه على سياج المقبرة الكائنة في الباب المعظم مقابل وزارة  الصحة وقد رفعت يدي متحمساً عندما قال:
 
ان هم بالإفصاح قالوا مجرم 
خطر العقيدة احمر الجلبات 
واما عن علاقته بالشاعر مظفر النواب فابحر بنا شاعرنا في ذكرياته النازفة..( مظفر النواب، صديقي، منذ تأسيس اتحاد الأدباء عام 1959 وكانت الصلات حميمة كما هو معروف بين الشعراء والأدباء الذين يحملون فكراً ناضجاً ويلتقون عند مرافئ  لا اختلاف عليها ... وكنت املك سيارة ( دوج ) قديمة وكثيراً ما كنت انقله مع محمد صالح بحر العلوم من اتحاد الأدباء الى الكاظمية ولا اتركه الا بعد ان اتاكد انه دخل الدار وكنت أمرّ عبر الاعظمية وكانت ساحة خطر لليساريين والمسافة غير قصيرة ولكن المحبة والحرص والتحدي كان يدفعنا لممارسة أعمال لاتخلو من الخطورة والتحدي .. كان مظفر في بداية رحلته في الشعر الشعبي وفي قصيدة للريل وحمد وقد أحدثت ضجة كبيرة  وكانت لوناً متميزا استطاع ان يتفوق على الشعر الشعبي  المألوف ... إضافة لقصيدة ( حمد ) وسواها ولم يكن معروفاً كشاعر فصحى ولكنه كان مثقفا ومتمكناً وذكياً ولديه مزاج موسيقي وغنائي خاص ، ودارت بنا الأيام والقي القبض على مظفر النواب وجاؤا به إلى سجن نقرة السلمان ووجد مكانه في القاعة رقم ( 10 ) التي كنت مسؤولاً عنها هو وسعدي الحديثي وكذلك الشاعر فائز الزبيدي ومجموعة  من الضباط الشباب وسواهم ... كنا نقيم أمسيات ثقافية وكانت اللجنة الثقافية مؤلفة من فاضل ثامر ،  محمد الجزائري والفريد سمعان ، وكنا نكلف مظفر بإلقاء قصيدة في المناسبات وهنا ظهرت موهبته في مجال الشعر الفصيح  وكان عنيفاً  ومحرضا من نوع خاص كما كان يهتم بالمطالعة  واستقبال الأصدقاء إضافة الى اهتمامه بحفلات  ام كلثوم التي كانت تقدم شهرياً ونستمع اليها بأجهزة الراديو الصغيرة المتوفرة لدينا وكان يرافق الاستماع تهيئة الطعام ضمن الأجواء وضمن واقع الحال .. وبعد فترة نقل عدد كبير من السجناء الى سجن الحلة وبقي ( الخطرون ) وكنت واحداً منهم وتقلص العدد من الفي سجين الى ( 350 ) سجيناً وشعرنا بالوحشة والانقباض ثم نقلنا بعد فترة والتقينا في سجن الحلة وكان معنا  هاشم الطعان وهاشم صاحب وفاضل ثامر وجاسم جوي  ومنعم المخزومي والأستاذ نعيم بدوي وباقة اخرى من الأدباء والشعراء والضباط وقد ساهم مظفر في تهريب اكثر من واحد من سجن الحلة حيث صنع من ( بقايا الصمون ) رأسا وألبسناه (الغترة )  ونام وكان يحسب في  حين ان الشخص الحقيقي كان خارج السجن ... ثم التقينا ثانية بعد الخروج من السجن وكانت العلاقات قد سادها بعض البرود الا انها تجددت بنفس الحرارة والحماس) .
وبعدها تكلم عن اكماله كلية الحقوق بعد ثورة 1958 م وتخرجه سنة 1961 م والتحاقه ضابطا مجندا وكيف انه كان مسول الصندوق في اتحاد الادباء مع الجواهري وحميد سعيد وانه سجن في سجن رقم واحد بعد انقلاب 1963م وعن ذكرياته عن العريف حسن سريع ومحاولته السيطرة على السجن وتحريرهم من السجن ولكن عدم التخطيط الصحيح والثورية العالية افشلت المحاولة واعتقل سريع واعدم اما هم السجناء من الضباط وعددهم اربعة عشر ضابطا فقد اتت سيارات خشبية لنقلهم الى محطة القطار ومنها اوضعوا في فالكون للقطار لنقل البضائع مغلق باحكام واوصوا سائق القطار بالسير ببطء  فيقول في الليل لم نحس ولم نعلم جهتنا ولكن عند ارتفاع الشمس والحرارة اللاهبة التي صادفت في 4 تموز الحار جدا في العراق فكان عشرة من انوف السجناء من خلال فتحات صغيرة جدا لكي يتنفسوا منها واصيبوا بالاعياء حيث فقد البعض وعيهم ولكنهم في الحلة بدواء بالصراخ لاسماع اصواتهم للمواطنين وانهم ضباط معتقلون مما وصل الخبر لسائق القطار الذي بداء بالاسرع والوصول للسماوة بسرعة وقد استقبلهم الناس بالماء المبرد رغم رقابة السلطة وان هنالك كان معهم الرائد الطبيب رافد صبحي اديب الذي اوصاهم بشرب الماء مع الملح لمكافحة الاعياء ثم اقتيدوا الى سجن نقرة السلمان للحكم عليهم عشرة سنوات وبعد خروجهم من السجن وثورة تموز 1968 اعتزل العمل الادبي النقابي واتجه الى المحاماة التي ابدع بها زكان محاميا بارعا بشهادة احد الحضور في الندوة وهو الشيخ سالار ال باجلان الذي تداخل مع شاعرنا وكما تداخل بعض الحضور منهم الباحث العارضي  وتكلم شاعرنا عن معاناة اتحاد الادباء المالية ومحاولة السلطة السيطرة على الاتحاد وان راتب كل منتسبي الاتحاد من موظفين لايتجاوز راتب شرطيين وان الاتحاد لديه ست فعاليات اسبوعيا وهو مستقل ولايرتبط باي جهة سياسية ومحاولة مجلس محافظة بغداد بانشاء اتحاد بديل غير شرعي لاغراض حزبية ضيقة وعن مساهمة ال بابطين في دعم الاتحاد مما ساهم في طبع عشركتب لادباء شباب واخيرا كانت مداخلتي وعتبي على الاتحاد عن ادب السجناء وتوثيق ادب السجون عبر العصور لان هنالك الكثير من الحقائق غائبة عن الجيل الجديد ويجب التوثيق حتى تبقى خالدة في ذاكرة العراق النازفة بالالم فكم من جندي مجهول ضاع دمه في السجون ولم يذكر ,ان ادب السجون هو ادب مختص بمعاناة الانسان في سبيل الحرية والرقي ويجب وجود مهرجان له وقد شاطرني الراءي الحضور,ان المجالس الثقافية البغدادية هي متنفس لاعادة كتابة الذاكرة العراقية المثقوبة
واخير بقى شاعرنا يتحلم بالمراءة ....المراءة الحرية الحلم
يستطيب حوار الفراشات
 
حين تراوده اطلالة الشمس
 
وهي تزف نداء المواعيد
 
تعلن أن الصباح سيأتي".
 
كما جاء في ختامها :
 
"أريد جذلى
 
لأنك حين تكونين جذلى
 
تكونين أشهى
 
تكونين أحلى".
انه الحلم في عراق جديد ينعم بالثقافة والرقي والازدهار ولينعم دم الشهداء في محاربه.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . رافد علاء الخزاعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/09/18



كتابة تعليق لموضوع : في مجلس المخزمي نزف الفريد سمعان ذاكرته
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net