صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

خمسون هزيمة وهزيمة!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من عجائبنا العربية أننا ما صدّقنا بأننا إنهزمنا حتى تشبثنا بالهزيمة وأمعنا بالإستثمار فيها وتوليدها هزائم تلو هزائم , فصارت أيامنا وأحوالنا دائرة مفرغة من الهزائم والمظالم.
وكأن المجتمعات والأمم والشعوب لا تنهزم , وإن إنهزمت فيعني الموت والفناء والإستنقاع بالهزائم المتواليات.

أ لم تنهزم اليابان , والصين وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وإنكلترا , وغيرها من دول العالم المتعددة؟!

والجواب: نعم إنهزمت , لكنها لم تستكنْ للهزيمة , وإنما إنطلقت متحدية في مشوارها الوطني وتفاعلاتها الحضارية , وتتدارست الهزيمة بعلمية وموضوعية ووضعت المعالجات لعدم تكراراها والنهوض منها نحو آفاق الإنتصار.

فالهزيمة ليست طامة كبرى كما يتصورها العرب ويمعنون بتكريسها وتدمير ذاتهم وموضوعهم بسببها , الهزيمة تحفز القدرات والقوة على النهوض الأعظم والإنطلاق الأسرع والأروع.

فالمجتمعات عندما تنهزم تحسب ذلك كبوة ولا تتوهم بأنه نهايتها , بينما العرب لايزالون يرتلون آيات الهزيمة حتى تراكمت عليهم الهزائم في جميع ميادين الحياة , وما عادوا سوى مستهلكين , بل أصبح تسويقهم للعالم على أنهم قنابل موقوتة , أو أباليس حياة , وأعداء حضارة ومدنية لأنهم مندحرون في عصور الظلمات , وفي الأجداث ينجحرون.

لماذا هذا الإمعان في السلوك الهزائمي؟!
إذ تجد المفكرين قد كرسوا مفهوم الهزيمة وكتبوا الكثير من الكتب والدراسات , التي يشرحون فيها أحوال العرب ويقرنوها بالهزيمة التي حصلت قبل نصف قرن , وكأنها القشة التي قصمت ظهر البعير.

فالمفكرون تمحوروا حول موضوع الهزيمة أو النكسة وغيرها من التسميات , وما قدموا صورة مغايرة لهذه النمطية في التفكير والقولبة الموميائة , الممعنة بالذل والهوان والشلل ومصادرة الإرادة والمصير.

فكلما توجه المفكر  نحو موضوع ذهب إلى إقرانه بالهزيمة , وما يجري اليوم يتم ربطه بما حصل قبل نصف قرن , وكأن الدنيا متصلدة وجامدة وما تغيرت وما تبدلت الأحوال من حال إلى أسوأ حال.

وهذا السلوك المترسخ المتكرر في الوعي  هو الذي جلب الهزائم الفتاكة التي حلت بالعرب وما توقف ناعورها , بل أنها في ذروتها منذ بداية القرن الحادي والعشرين الذي يمضي في ضراوته المتعاظمة , والعرب ينوحون ويلطمون ويتظلمون , وينادون إنها الهزيمة , وأنها النكسة التي حلت بنا وأقعدنا وعوقتنا وأخرجتنا عن سواء السبيل.

فإلى متى يترنمون بالهزائم ويعيشونها حيةً كل يوم؟!!
وإلى متى يتحدثون بلغة النكسة ومناهج الهزيمة؟!

إنه الألَس الأكبر لو كنتم تعلمون!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/06/07



كتابة تعليق لموضوع : خمسون هزيمة وهزيمة!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net