صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السّنةُ الرَّابِعَة (١٠)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   {وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ}.
   إِنَّ من أَعظم مصاديق رحمةِ الله تعالى بعبادهِ هو أَنَّهُ نقلَ لهم تجارب الأُمم السَّالفة لتكون درساً وعبرةً، يحتجُّ بها ربُّ العباد عليهِم في الدُّنيا والآخرة، وهي الدُّروس التي لا يستفيدُ منها إِلَا أَصحاب العقول الكبيرة!. 
   إِنَّها خِبرات إِنسانيًَّة مُتراكمة تُغطِّي كلَّ مناحي الحياة وتشعُّباتها وتعقيداتها على مرِّ التَّاريخ البشري، مع الأَخذ بنظرِ الاعتبار الخصوصيَّة!.   
   ولذلك كتب أَميرُ المؤمنين (ع) في وصيَّتهِ لولَده السِّبط الحَسن المجتبى (ع) {وَبَصِّرْهُ [قلبك] فَجَائِعَ الدُّنْيَا، وَحَذِّرْهُ صَوْلَةَ الدَّهْرِ وَفُحْشَ تَقَلُّبِ اللَّيَالِي وَالاَْيَّامِ، وَاعْرِضْ عَلَيْهِ أَخْبَارَ الْمَاضِينَ، وَذَكِّرْهُ بِمَا أَصَابَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ الاَْوَّلِينَ، وَسِرْ فِي دِيَارِهِمْ وَآثَارِهِمْ، فَانْظُرْ مَا فَعَلُواعَمَّا انْتَقَلُوا، وَأَيْنَ حَلُّوا وَنَزَلُوا! فَإِنَّكَ تَجِدُهُمْ انْتَقَلُوا عَنِ الاَْحِبَّةِ، وَحَلُّوا دَارَالْغُرْبَةِ، وَكَأَنَّكَ عَنْ قَلِيل قَدْ صِرْتَ كَأَحَدِهِمْ}.
   ويضيفُ (ع) في وصيَّتهِ المعروفة التي كتبها لَهُ في [حاضرين] عند انصرافهِ من صفِّين؛
   {أَيْ بُنَيَّ، إِنِّي وَإِنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلِي، فَقَدْ نَظَرْتُ فِي أَعْمَالِهِمْ، وَفَكَّرْتُ فِي أَخْبَارِهِمْ، وَسِرْتُ فِي آثَارِهِمْ، حَتَّى عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ، بَلْ كَأَنِّي بِمَا انْتَهَى إِلَيَّ مِنْ أُمُورِهِمْ قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ، فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذلِكَ مِنْ كَدَرِهِ، وَنَفْعَهُ مِنْ ضَرَرِهِ}.
   كلُّ هذا على الرَّغمِ من أَنّ أَميرَ المؤمنين (ع) لم يسكن لحظةً في مساكنِ الذين ظَلموا، إِلّا أَنَّ العقل والبصيرة والتفكُّر في العواقب، كلَّ ذلك قادهُ الى أَن يحذر النَّتائج ويتيقَّن بالمستقبل وأَهواله، فما بالُ الذين سكنوا مساكنَ الذين ظلموا كالعصابةِ الحاكمةِ اليوم في بغداد والتي استخلفها الله تعالى بَعْدَ زوالِ حُكمِ آخر ظالمٍ حكَم الْعِراقِ وأَقصد به الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين؟!.
   لماذا لم يتَّعظوا من العاقبةِ التي حلَّت بهِ؟! لماذا لم يتيقَّنوا بأَنَّ نتيجة الظُّلم هو الذلُّ والمهانة ولو بَعْدَ حينٍ؟! لماذا نسوا أَو تناسَوا مصيرهُ وهم الذين عاشوا تجربتهُ بحذافيرِها فلم يحدِّثهم أَحدٌ عنهُ؟! ولم يقرأُوا عنهُ في الكُتب أَو يرَون سيرتهُ في الأَفلام والمُسلسلات؟! وإِنَّما عاشوا التَّجربة ونِهاياتها لحظةً بلحظةٍ؟! فما بالهُم لا يتَّعظون؟! هل ظنُّوا أَنَّهم [غير شِكل]؟! هل ظنُّوا أَنّ بهِم على الله كرامةً فلم يأخذَهُم بظُلمهِم؟! أَم ظنُّوا أَنَّ الْعِراقَ خلا من الحُفَر والبالوعات فلم يبقَ منها شيءٌ لهُم؟! أَم تَحْسَبَنَّ أَنَّ {اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}.
   مالكُم كيف تحكُمون؟!.
   أَجزم أَنَّهم يعرفون جيِّداً عاقبة الظُّلم! وأَنَّهم على يقينٍ بنهاياتهم البائِسة! فهم يعرفونَ ذلك سواءً بدينهِم [إِن كان لهم بقايا دين] أَو بالفطرةِ أَو بالعقلِ [إِن كان لهم شيءٌ مِنْهُ] المهمُّ أَنَّهم يعرفونَ ذلك جيِّداً! فلماذا إِذن يغفَلون أَو يتغافلون؟!. 
   ينبغي أَن نتذكَّر دائماً بانَّ لكلِّ ظالمٍ موعد! فاذا تأَخَّر الموعدُ فهذا لا يعني أَبداً بأَنَّ الله أَهملهُ أَو نسيهُ، أَبداً، فلقد طمأَن الله تعالى عبادهُ المظلومينَ بقولهِ {وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا} إِلّا أَنَّ مشكلة الانسان أَنَّهُ عجولاً ويحبُّ العجَلة {خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ} وقولهُ تعالى {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ}.
   ٤ حزيران ٢٠١٧
                            لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/06/06



كتابة تعليق لموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السّنةُ الرَّابِعَة (١٠)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net