صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السّنةُ الرَّابِعَة (٩)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   {لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا}.

   ثلاث شرائح في المجتمع هي الأَشدُّ خطراً عليهِ؛

   الأُولى؛ المنافقون، وهم الذينَ يُعلنونَ شيئاً ويخفون نقيضهُ! يَعِدونَ ولا يلتزمونَ! يُقسمونَ بالعلنِ أَمام الملأ ويحنثونَ ويستغفرونَ بالسرِّ!.

   نواياهم تُناقض سرائرهم!.

   وإِذا أَردنا أَن نجدَ مصداقاً في واقعِنا المرير لوجدناها في السياسيِّين الذين لازالوا يقودونَ البلد من سيّءٍ الى أَسوء لانَّهم يقولون شيئاً ويفعلون عكسهُ! ويعِدوننا في حملتهِم الانتخابيَّة بأَشياءَ يعملونَ عكسها بالضَّبط طُوال المدَّة الدستوريَّة التي يقضونها في موقع المسؤوليَّة!.

   الثَّانية؛ المرضى، مرضى القلوبِ! ومن علاماتِ مرضِهم أَنَّهم يبرِّرون للشَّريحةِ الاولى (المنافقيون) من دون أَن يستفيدوا منهم شيئاً! ويتخاصمونَ مع الآخرين لصالحهِم ودفاعاً عنهم عالفاضي!.

   كذلك من علاماتِ المرض الذي في قلوبهِم هو أَنَّهم لا يتحمَّلون مسؤوليَّةً ولا يقبلونَ من الآخرين أَن يتحمَّلوا المسؤوليَّة! لا يأمرونَ بالمعروفِ ويثبِّطون الآخرين إِذَا فعلوا! وهم الذين يردِّدون دائماً عبارة [ميفيد] كلَّما حاول أَحدٌ الاصلاح وتحقيق التَّغيير المرجو! أَو على الأَقل حاول أَن يُفكِّر في ذلك إِن لم يُبادر بالفعل الى ذلك!.

   ومن ذلك جبنهُم وخوفهُم وتردُّدهم وحسدهم، والذي تشرحهُ الآيةِ المُباركة {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ}.

   الثَّالثة؛ المرجفونَ في المدينةِ وهم الذين شغلهُم نشر الإشاعات والدَّعايات والأَكاذيب لتثبيط النَّاسِ تارةً أَو لخلطِ الأَوراق أُخرى أَو لتضييع الحقائق تارةً ثالثةً!.

   وللأَسف الشَّديد فانَّ هذه الشَّريحة اليوم تُعدُّ أَكبر الشَّرائح الثَّلاث، وانَّ أَغلبِ العناصرِ المُنخرطة فيها يقدِّمون خدماتهم التَّدميريَّة للعدوِّ بالمجَّان! عندما يتطوَّعون بالعملِ على نشرِ أَكاذيب العِصابات بلا تدقيقٍ أَو رويَّةٍ أَو تثبُّت! ففي أَحسن الفروض ينشرونها بعد تذييلها بالعبارةِ [كما وصلني] أَو العبارة [منقول] وكأَن ذلك يرفعُ عنهم المسؤوليَّة الشَّرعية والوطنيَّة! أَو كأنه لا يزُجَّهم في خانةِ [المرجفونَ في المدينةِ]!.

   للأَسف، فانَّهم يمثِّلون أَوضح مصداقٍ لقولِ أَميرِ المؤمنين (ع) {وَاللهِ إِنَّ امْرَأً يُمَكِّنُ عَدُوَّهُ مِنْ نَفْسِهِ يَعْرُقُ لَحْمَهُ، وَيَهْشِمُ عَظْمَهُ، وَيَفْرِي جِلْدَهُ، لَعَظِيمٌ عَجْزُهُ، ضَعِيفٌ ماضُمَّتْ عَلَيْهِ جَوَانِحُ صَدْرِهِ}. 

   ولخطورةِ هذه الشَّرائح على المجتمع وعلى الرِّسالة فقد هدَّدهم الله تعالى بأَن يفضحهُم على رؤُوس الأَشهاد إِذا لم يتوقَّفوا عن تأدية الدَّور التَّخريبي الخطير في المجتمع!.

   أَمَّا اليوم؛ فمَن الذي ينبغي أَن يتصدَّى لفضحهِم وتعريتهم على رؤُوس الأَشهاد؟! على الأَقل لنقلِّل من خطرهم ومن دورهم التَّدميري والتَّخريبي؟!.

   النُّاسِ أَنفسهُم همُ الذين يجب أَن يتحمَّلوا هذه المسؤوليَّة، بالوعي والإدراك أَوَّلاً وبالتَّحلِّي بالشَّجاعة المطلوبة لفضحِ المنافقين [السياسيُّون الفاسدون والفاشِلون الذين يكذِبونَ على النَّاسِ ولا يفونَ بوعودهِم] وتنبيهِ الذين في قلوبهِم مرضٌ وكذلك المرجفونَ ليتوقَّفوا عن بثِّ الشَّائعات والأَكاذيب المثبِّطة من جهةٍ ومن خلال كشفِ الأَكاذيب للرَّأي العام من جهةٍ ثانيةٍ، وتلك هي مسؤوليَّة الإِعلام وأَصحاب الأَقلام الحرَّة والنَّزيهة والشَّريفة! التي تتمسَّك بشرفِ المهنةِ وقدسيَّة الرِّسالة، الذين وصفهُم القرآن الكريم بقولهِ {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا}.

   وللأَسف الشَّديد فانَّ واحدةً من مظاهر شريحة المُرجفين هو إِنخراط بعض المثقَّفين والواعين في عمليَّة تسويق الفاسدينَ والفاشلينَ عندما يثنونَ عليهِم أَمام الآخرين وهم يَعْلَمُونَ جيِّداً بأَنَّهم فاسدونَ وفاشلونَ لا يستحقُّون كلمة تأييدٍ أَو ثناءٍ واحدةٍ!.

   قد أُبرِّر للجاهلِ هذا الفِعْلِ وأَستوعبهُ من أُمِّيٍّ أَو مُغفَّلٍ أَو غشيمٍ أَو مصحوكٍ على ذقنهِ أَو حتَّى من مُستفيدٍ! ولكنَّني لم ولن أَغفرهُ لمن يدَّعي أَنَّهُ من طبقةِ الواعين والمثقَّفين الذين يُحاولونَ الاصلاح والتَّغيير! فكيفَ سيتحقَّق الاصلاح إِذا اعتمد على المُجاملات الزَّائدة التي تُضيِّع الحقَّ وتخلُط الأَوراق؟!.

   كيف سيتحقَّق التَّغيير إِذا كان المثقَّفُ جزءً من الواقع المُزري من حيث يشعر أَو لا يشعر؟! وهو يشعرُ بالتَّأكيد!.

   ٣ حزيران ٢٠١٧

                            لِلتّواصُل؛

‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/06/05



كتابة تعليق لموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السّنةُ الرَّابِعَة (٩)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net