صفحة الكاتب : عبد الرضا قمبر

إقـرأوا يا عـرب
عبد الرضا قمبر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أقدم الحضارات في العالم كانت على ضفاف وادي النيل وفي بلاد ما بين النهرين ، كنا نملك الكثير من الكتب التي تعددت أشكالها من الطينية إلى البردية والحجرية ومن ثم إلى الجلدية ثم الورقية ، الى أن تم حفظ الكتب في خزائن وتطورت بعد ذلك الى مكتبات ، وازدهرت الكتابة والترجمة والتأليف ، وانتقلت الكتب والمعارف بين بقاع الوطن العربي والعالم الإسلامي خلال القرون الوسطى .
مكتبة الإسكندرية أقيمت في عهد بطليموس الأول والثاني في القرن الثالث قبل الميلاد ، وتعد أكبر مكتبة في العالم القديم ، وتحتوي على نصف مليون من المخطوطات ، وكان الباحثون والمثقفون يزورون المكتبة من كل بقاع العالم ، بالإضافة الى المكتبات الخاصة بالفراعنة والكهنة ، ولكن احترقت وخسرنا الجزء الأهم من تاريخنا العربي والإسلامي .
وبعد تلك الخسارة الكبيرة ، اهتموا المصريين على إنشاء المكتبات في كل البلاد ، وما أن حل القرن العشرون الميلادي حتى كانت بكل مدينة مكتبة عامة ، ومع إنشاء جامعة القاهرة عام 1908م ، أنشئت مكتبة جامعية صغيرة ثم خصص لها مبنى ضخم عام 1925م وهي الآن تعد أكبر المكتبات الجامعية ، إلى أن أصبح في مصر الآن مكتبة في جميع المراحل الدراسية .
وفي العراق انتشرت الكتابة أبان الحضارتين السومرية والبابلية بالطريقة المسمارية على الطين ، وأنشأت قاعات خاصة لحفظ الكتب على رفوف حجرية ، وكانت تتمتع بتنظيم جيد يسهل الوصول الى أي رقم وأي موضوع ، ومن ثم تأسست بغداد الجديدة في العصر الاسلامي في القرن الثاني الهجري والثامن الميلادي، وسرعان ما أصبحت مركزاً ثقافياً مشهوراً تعددت فيه المكتبات العامة ، ومن ثم أسس "بيت الحكمة" الذي ضم مكتبة ضخمة وأنشأت مكتبات أخرى في البصرة والموصل ، ولكن .. أيضا تبددت كل هذه الثروات بهجوم "المغول" عام 1258م على المكتبات وطمس التاريخ والحضارة العربية من جديد ، وتعتبر هذه المرة الثانية التي يتم فيها دمار المكتبة بعد الهجوم التتار عليها لقمس التاريخ الإسلامي والعربي وتدمير وحرق الكتب كتفسير القرآن والحديث والفقه والعقيدة والأخلاق بالإضافة إلى كتب الطب والفلك والهندسة والكيمياء والفيزياء والجغرافيا وعلوم الإقتصاد والإجتماع والأدب والتاريخ والفلسفة وغير ذلك !
وكانت مكتبة بغداد مكتبة عظيمة بكل المقاييس ، ولم يقترب منها في العظمة إلا مكتبة قرطبة الإسلامية في الأندلس ، ولقد دمرت مكتبة قرطبة الإسلامية كما دمرت مكتبة بغداد !
تونس أيضاً وتحديداً في قرطاج أهم مستوطنة أنشأتها الحضارة الفينيقية التي سادت سوريا ولبنان قبل الميلاد بثلاث آلاف سنة ، وقد عثر خبراء الآثار على مراكز للوثائق ومكتبات ، إلا أن القائد الروماني سكيبون الأفريقي استولى على قرطاج ودمرها عام 146 قبل الميلاد وقام بتوزيع الكتب على الحكام الأفريقيين المجاورين الذين لم يعارضوا تقدم جيوشه .
لم تشهد تونس بعد ذلك حرصاً على الكتب والمكتبات إلا لفترات قليلة ، خاصة بعد إستقلالها عام 1956م ، حيث تأسست مكتبة عامة تضم الآن نصف مليون كتاب .
أما الأندلس .. وإلى جانب المكتبات في القاهرة وبغداد التي أشاعت النور في أرجاء العالم الإسلامي ، فكانت هناك مكتبة قرطبة التي تأسست 976م الذي احتل مكانة خاصة بين الحكام المتنورين المسلمين في تلك الآونة ، وقد حرص على أن يجمع في أقصر وقت أكبر كمية من الكتب القيمة ، فأرسل مبعوثين إلى القاهرة ودمشق وبغداد وغيرها من المدن ، وأمكنه أن يجمع في مكتبة قرطبة خلال مدة وجيزة 400 ألف مجلد ، ومن هذه المكتبة في الأندلس نقل الغرب في أوروبا أصول العلم والمعرفة الني نقلها العرب عن السابقين وأضافوا إليها .
يوافق تاريخ نشأة المكتبات تاريخ الكتابة في العالم ، حينما حفظت الكلمة المكتوبة على العظام والطين والمعادن والشمع والخشب والبردي والحرير والجلد والورق الجلدي والورق والأفلام والبلاستيك والأشرطة الممغنطة ، وخلال كل فترات هذا التطور حفظ الناس مجموعاتهم في المكتبات .
يشير المؤرخون إلى إزدهار الكتب والمكتبات في العهد الأموي والعباسي بعد ذلك ، وأنشأت المكتبات في اللاذقية وحلب والمكتبة الموجودة حاليا في جامعة دمشق .
كل الحضارات التي مرت على هذه الأرض إستعانت في الكتب الإسلامية والعلماء المسلمين لإستفادة منهم في الرياضيات والفلك والعلوم والطب والطيران والفضاء والفيزياء لخدمة الإنسانية ، إلا العرب في القرن الحديث ، فقد لهثوا خلف الغزوات والحروب والثورات والحكم وتركوا كتبهم ومكتباتهم وانتشر الجهل والتكفير وقطع الرؤوس ، كنا مثقفين مسلمين وعلماء واليوم أصبحنا الكتاب العربي .. المفقود ، إقرأوا وإقرأوا حتى تفقهوا جيداً وتعرفوا تاريخكم الذي فقد من زمن بعيد ، واهتموا بمكتباتكم التي أصبحت مهجورة كما هجرتم المساجد .
الله المستعان ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الرضا قمبر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/06/02



كتابة تعليق لموضوع : إقـرأوا يا عـرب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net