صفحة الكاتب : جعفر زنكنة

العمامة فخرٌ وكرامة
جعفر زنكنة

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عندما نتصفح تاريخ العراق المُعاصر وأحداثه المصيرية من ثوراته وحركاته التحررية إلى المؤامرات الداخلية والخارجية لدول الاستكبار العالمي عليه، نجد أن للعمامة الدور الأبرز في كل تلك الأحدث. وبالرغم من أن البعض يحاول حصر دورها في مجال الحلال والحرام فقط، إلا أن الجمهور الواعي اليوم يدرُك جيداً ما قدمته العمامة المحمدية من تضحيات أفشلت جميع المخططات الاستكبارية ويدرُك أيضاً أنها من صنعت الحياة من جديد.
ولو استعرضنا دور العمامة ومواقفها على مدى التاريخ سنجد ذلك الدور واضحاً من خلال مواقف مراجعنا الربانيين بالتصدي لكل خطر كان يُهدد العراق والإسلام، ففي الحرب العالمية الأولى رأى مجتهدو النجف الأشرف في هجوم الإنكليز على العراق تدخلاً سافراً على وطنهم، فأفتوا بالجهاد لينخرط الشعب بأطيافه كافة، بما فيهم العلماء وطلبة العلم، بثورات شعبية دفاعاً عن وطنهم ومقدساتهم من الاحتلال الإنكليزي. وبعد إعلان حالة الانتداب دعا المرجع الشيخ ميرزا محمد تقي الشيرازي الشعب العراقي إلى مقاومة الاحتلال والثورة على الانتداب، فهب الشعب حاملاً سلاحه، فكانت الثورة العراقية الكبرى التي أرغمت الإنكليز على إعلان الحكم الوطني.
وظلت العمامة مستمرة بالتصدي إلى حين سقوط الطاغية صدام، وبالرغم من أن العمامة السياسية كان لها الدور الأبرز في إسقاط ذلك الصنم الذي كان يتربع على صدر العراق والذي شن حرباً مكشوفة ضد العمامة بشكل رئيس مما أدى إلى قتل العلماء وتهجيرهم، إلا أن البعض دعا إلى حصر دورها في المسجد فقط.
وبعد سقوط نظام الديكتاتور لم تسلم العمامة من الحرب الناعمة والخشنة عليها من الاستكبار العالمي المتمثل بأمريكا وإسرائيل، فكان أول استهداف بشكل علني في عملية إرهابية سافرة للعمامة السياسية في العراق، وفي الوقت الذي أخذ فيه الكثير يميل للقبول بفكرة الأمريكي المُخلّص من الحصار والداعي إلى استيراد دستور ورئيس بوصايا أمريكية، وقفت العمامة بوجه ذلك المخطط، ودعت إلى كتابة الدستور بأيادٍ عراقية، وفرض إرادة الشعب في تقرير مصيره.
بعد أيام من إجراء الانتخابات، ظهرت تيارات جديدة بعمل جديد ومُنظم، كان هدفها تعبئة الشارع ضد العملية السياسية وإرجاع كل فشل إلى العمامة المتمثلة بالمرجعية، لتتضح من هناك البصمات الواضحة للأيادي الأمريكية لإدراكهم دور المرجعية وقدرتها على إفشال مخططاتهم، فكان العمل هو دعم تلك التيارات، مثل العلمانية الفقيرة التي ليس لديها شيء سوى الترويج لفكرتها القديمة الجديدة (فصل الدين عن السياسة)، وبعض الحركات الدينية المصطنعة التي كانت تحمل أفكاراً عقائدية منحرفة كان الهدف منها ضرب العمامة في العراق.
وعند دخول عصابات داعش الأراضي العراقية، ووصولها الى أسوار بغداد، اختفت أصوات العلمانيين والليبراليين، لتهب العمائم السود والبيض بفتوى المرجعية الدينية لتلقين الجماعات الإرهابية دروساً من بطولات سيد الشهداء ووفاء أبي الفضل ÷، فتحققت الانتصارات. ومع عودة الحياة بفضل العمائم ورجالها، عادت الأصوات النشاز بالشعار الجديد (باسم الدين باگونا الحرامية) الذي أرادوا منه تسقيط الدين من خلال إسقاط المتدينين عن طريق تسويق كلمتين من هذا الشعار (الدين، الحرامية) لتترسخ في العقل اللاواعي للجمهور أن الدين مُلازم للحرامية فيكون المتدين في نظر الجمهور هو الحرامي، والمدني (اللا متدين) هو الشريف والحريص على وطنه، وإن أردتم التخلص من الحرامية فاتركوا الدين، وهذا ما كان يرمي إليه هذا الشعار ومروجوه والجمهور الناعق الذي لم يكن يعي خطورة هذا المخطط.
قلنا سابقاً، وما زلنا نقول، إن السراق لبسوا لباس الدين، سواء من أجل مصالحهم أم من أجل تنفيذ مخططات كُلّفوا بها بتمويل خارجي، ومن أراد أن يعرف أصحاب العمائم المحمدية الأصيلة فلينظر اليوم لمن يقف على سواتر العزة والكرامة في جبهات المعارك لتطهير الأرض ممن احتلها وسخّر أهلها وأرضخهم لأفكاره السوداوية، ومن ينظر بعين الوعي يدرك عظمة تلك العمائم التي استظل العراق بظلها طوال هذه السنوات لما قدمته من تضحيات في سبيل العيش بعزة وفخر وكرامة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جعفر زنكنة
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/05/26



كتابة تعليق لموضوع : العمامة فخرٌ وكرامة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net