صفحة الكاتب : اياد السماوي

لا حقوق للأقاليم على حساب السيادة الوطنية
اياد السماوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 في تطور جديد رفضت حكومة إقليم كردستان مشروع قانون النفط والغاز الجديد الذي اقره مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 28 من آب الماضي , ففي بيان لرئاسة الإقليم اعتبرت فيه إقرار الحكومة لمسودة قانون النفط والغاز الجديد ابعد ما يكون من الدستور الاتحادي والممارسة الديمقراطية التي تتضمن دور واستحقاق الأقاليم والمحافظات في حفظ التوازن مع دور الحكومة الاتحادية والذي نصّ عليه الدستور ضمانا لحقوق الشعب العراقي ووحدته , وأضاف البيان إن رئاسة إقليم كردستان إذ تستنكر هذه المناورة فإنها تدعو مجلس الوزراء لسحب هذه المسودة فورا .
 
وبالرغم من العبارات والتوصيفات المتشنجة التي وردت في بيان رئاسة الإقليم للحكومة الاتحادية والتهديدات الفارغة بمقاطعة جلسات مجلس النواب العراقي , فقد آن الأوان لتسليط الضوء على مجمل سياسات حكومة الإقليم والدور الذي تقوم به هذه الحكومة في إضعاف دور الحكومة الاتحادية في ممارسة دورها السيادي والقيام بواجباتها وصلاحياتها الحصرية الممنوحة لها بموجب الدستور العراقي .
 
فالعراقيون جميعا يأملون أن تكون ثروتهم النفطية إحدى العوامل المساعدة التي تمكنهم من النهوض من كبوتهم وإعادة بناء بلدهم المدمر بفعل سياسات حكوماته التي تعاقبت عليه واللحاق بركاب العالم المتقدم والمتحضر .
 
فالنفط والغاز وكل الثروات الطبيعية هي ملك الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات , وعائدات هذه الثروات توزع بشكل متساوي بين كل أبناء الشعب العراقي , فنفط البصرة والعمارة هو ملك أبناء الشعب العراقي في الأنبار وبغداد والموصل وأربيل والمثنى وباقي محافظات العراق وكذلك نفط كركوك وأربيل فهو أيضا ملك الشعب العراقي .
 
فإدارة هذه الثروات ورسم السياسات المتعلقة بها يدخل في صميم السياسة الاقتصادية للبلد , ورسم هذه السياسة هي من الاختصاصات الحصرية للحكومة الاتحادية كما نصّت عليه الفقرة أولا من المادة 110 من الدستور العراقي .
 
فهذه الهستريا في التصريحات وهذه التهديدات بمقاطعة جلسات البرلمان العراقي مردها هو عدم تمكين حكومة الإقليم بموجب مشروع هذا القانون من إبرام العقود مع شركات النفط العالمية وحصر هذا الأمر بوزارة النفط الاتحادية .
 
وهذا هو أحد أهم الخلافات السياسية بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان , حيث أبرمت الأخيرة العديد من هذه العقود مع شركات النفط العالمية دون علم وموافقة الحكومة الاتحادية , مما دفع الحكومة الاتحادية إلى عدم الموافقة على هذه العقود ورفضها , لأنها تجاوز صارخ على سيادة البلد في إدارة موارده الاقتصادية .
 
وربّ سائل يسأل لماذا تصر حكومة إقليم كردستان على هذا التجاوز على صلاحيات الحكومة الاتحادية المنصوص عليها في الدستور العراقي ؟ هل لأن إقليم كردستان لا يستلم حقوقه من عائدات هذه الثروة كاملة ؟ أم أن هنالك أسباب أخرى تدعوهم لتحويل هذا التجاوز إلى قانون ؟
 
والجميع يعلم أن حكومة إقليم كردستان تستلم 17% من ميزانية البلد العامة وهذا أكثر بكثير من حصة الإقليم التي لا تتجاوز أل 13% حسب نسبة سكان الإقليم بالنسبة لمجموع سكان العراق , ولو قارنا بين حصة الإقليم من الميزانية العامة وحصة أكبر ثلاث محافظات عراقية هي الموصل والبصرة وبابل , لشاهدنا الفارق الكبير بين المخصص لهذه المحافظات ومحافظات إقليم كردستان , فإذا كان الأمر كذلك وحكومة الإقليم تأخذ أكثر مما تستحق قياسا لنسبة السكان في الإقليم , فلماذا هذا الإصرار على إضعاف الحكومة الاتحادية ؟
 
والجواب على هذا السؤال لا يحتاج إلى مشقة , فحكومة إقليم كردستان جعلت من هذا الإقليم دولة مستقلة تماما وبكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى , واتخذت لنفسها سياسات بعيدة عن إشراف الحكومة الاتحادية ومتناقضة معها في كثير من الأحيان وكأنها دولة ذات سيادة , مستعينة ببعض الألغام التي وضعتها في الدستور العراقي في ظل الانقسام الحاد في المجتمع العراقي بعد سقوط النظام الديكتاتوري . فعمدت حكومة إقليم كردستان إلى كل ما من شانه الانتقاص من سيادة البلد والتجاوز على صلاحيات حكومته الاتحادية , مستغلة الصراع السياسي بين الكتل السياسية .
 
فلا غرابة من آن نشاهد رئيس الإقليم وأركان حكومته ينتفضون بهذا الشكل الهستيري ضد الحكومة الاتحادية التي تحاول أن تستعيد بعض من هذه السيادة المفقودة , فسكوت حكومة الإقليم على مشروع هذا القانون يعني تحطيم الحلم الكردي في إقامة كونفدرالية كردستان .  
 
وبالرغم من إن مسودة المشروع الجديد لم تنشر في الإعلام للاطلاع عليها من قبل الشعب , إلا إنه من غير الممكن القبول بالتجاوز على سيادة البلد .
 
وإذا كانت مصلحة حكومة إقليم كردستان تتمثل بالتجاوزات على هذه السيادة , فالشعب العراقي برمته غير مستعد للقبول بهذه التجاوزات ولن يسمح بها لا لحكومة إقليم كردستان ولا لأي حكومة محلية أخرى .
 
وعلى رئاسة حكومة إقليم كردستان أن تتذكر إن بغداد هي الرئة التي تتنفس منها أربيل
 
أياد السماوي / الدنمارك
 
 
 
   
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اياد السماوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/09/08



كتابة تعليق لموضوع : لا حقوق للأقاليم على حساب السيادة الوطنية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net