صفحة الكاتب : احمد جابر محمد

الحشد الشعبي .... السباق على الموت ..ما اعظمها من شجاعة
احمد جابر محمد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

سمعت صوت أقدامه متسارعة على درجات سلم منزله , ورداء الوطن ملبسه , وتتراقص قطتين بين أقدامه يتنافسن للبقاء معه حتى خروجه من المنزل , واخذ يقبلهما بابتسامة وبعينيه امل عظيم  وهم كبير , فأما امله العظيم ان يقدم نفسه قربانا للوطن وأما الهم الكبير ماذا سيحل بهاتين الجملتين ان كتب الله لنا هذا الفراق , تمسك بأيديهن ليشعرهن بذلك الشي العملاق من الحنان الأبوي الذي لا يمكن سرده في سطور , وعلى ضحكاتهم تلقته امه بأعذب الكلمات التي باتت كأنها أنشودة غزل بين محب وحبيبته , قبلها من رأسها ويدها , ضمته اليها بقوة فقد كان يراودها المشهد الأول حينما احتضنته ساعة ولادته , ووضعت بيده حقيبته , وأخذت تتلوا ما حفظته من آيات القران الكريم , امتلأت عيناها بطوفان كاد يغرق تضاريس وجهها , لكنها حبسته في عيناها , كما حبس هو الأخر خبر ليلة امس باستشهاد أصدقاءه في ساحات الفخر والبطولة حينما حدث مواجهة مع أنجاس البشر ( داعش ), واخذ يميل بعينيه يمينا ويسارا لئلا تكتشف امه ذلك الخبر المسجون في فكه , فتماسك نفسه , ووضع يده خلف عنقها وتمتزج كلماتهم التودعية مع ضحكات ابنتيه اللتين لا يعلمن لصغر سنوات عمرهن ما يدور ,سار معها بخطوات هادئة فقادة عقله حيث الباب , فودعته وهي تسكب الماء من دورق أستقر في احد زوايا المنزل و قد وظف هو الأخر لهذا الأمر .

أخذت الفتاتين تتمايلان بثيابهما وتلوحان له بالتوديع , وكأنهن يعلمن أنها اخر مرة سيكتحلن برؤيته , وزوجته تضم تاج رأسه بين يديها وكانها تحتضنه وفيها لهفة الاشتياق لان ساعة الصفر قد حانت ,كان يسير وقلبه يعلم ان خلفه قلب يرتجف وعيون ترتقب العودة , فلم يلتف إلى الخلف مطلقا وتابع المسير .

كان باسم في العشرين من العمر , التحق بالحشد الشعبي , تلبيه  لنداء المرجعية الرشيدة بالذود عن الوطن والدفاع عنه وحماية مقدساته من دنس الاعداء , واي خطر خارجي يحدق بهم , ولقد كان اليتيم الوحيد لامه فقد استشهد والده وهو يدافع عن المراقد المقدسة  في سوريا, وحين وصوله الى وحدته العسكرية وما ان هم بوضع حقيبته , حتى اتجه متسابقا مع قدميه للوصول الى السواتر مكمن الرجال ومنبع الحب الحقيقي لأرض الوطن , القى تحيته  على إخوانه الذين جاءوا دعما كبديل عن الابطال الذين نالوا الشهادة , فامسك بسلاحه واحتضنه بين ذراعيه كعاشق أضناه الانتظار , وماهي الاسعات قليلة توج فيها شهيدا وقد لامست دماؤه العاد الذي كان محبوسا بين قدميه , فلقد كانت الصفة التي تلازمه دوما وعرف بها فيض الشجاعة , وملاحقة الجرذان حتى جحورها ,وقد فارق الحياة بثغر باسم وهنا ثبت علاقته اسمه بواقع حياته وحاله .

عاد باسم الى اهله وهو بقيافة اجمل , لقد لف جسده بكلمة ( الله اكبر ) ,تلك الكلمة التي هزت وهدمت عروش الطغاة , استقبلته امه على بنفس طريقة لقاءه كل مرة حينما يعود , لكن هذه المرة لها طعم ونكهة اخرى , فكانت تحمل بيدها كيسا من الملبسات ( الجكليت ) وأخذت تنثره على جسده داخل منزله الخشبي المؤقت , كأنها تنثر وردوا على عريس وهو بالفعل كذلك قد زف الى الجنان شهيدا , كانت ترتدي حجابا ابيضا , رسمت عليه سنوات الفقر أشكالا هندسية , تناغمت مع مع تجاعيد وجهها المتحدثة عن حجم الماسي التي ابتلعتها وحمد الله على كل حال والذي ينظر الى قدميها يجد فيها عبر تسطرها على جباه الجبناء , فلقد كانت تلبس بقدميها نعلين مختلفين بالاتجاه واللون , غادرت روحه بفخر وكرامة للسكن بجوار الرحمن وما اعظم تلك السكنى , تاركا خلفه أربعة ثكلى , لمصير مجهول , لايحتاجن فيه الى كلمات مواساة بقدر حاجتهن للعيش بعزة وسلام وامان .

 فليس هنالك رجال في العالم كرجال العراق ( الحشد الشعبي , الجيش ,الشرطة )

 وليس هنالك امهات ثكلى في العالم كامهات العراقيين ( امهات الشهداء ) 

فأنصفوا ابنائهم ليقولوا تخليت عن ابي لوطني ....

 ولاتخذلوهم فيقولوا تخليت عن ابي وتخلى عني وطني ....


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد جابر محمد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/05/10



كتابة تعليق لموضوع : الحشد الشعبي .... السباق على الموت ..ما اعظمها من شجاعة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net