صفحة الكاتب : د . عبير يحيي

غزاةٌ محلّقون
د . عبير يحيي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ما بال السّماء غصّت بالمحلّقين حتى بتنا لا نرى شمساً ولا قمراً ولا نجوما؟ 
عتبي عليك يا عباس بن فرناس كبير جدّاً، هل تنكر أنك حسدت الطيور على ما حباها الله من أجنحة تطير بها، فحاولت تقليدها، لكنك فشلت لأنك أغفلت الذيل عضو التوازن والاتزان ؟ ألّا تعتبر محاولتك تلك بدعة قد يعاقبك الله عليها بصفتها ضلالة مصيرها النار ؟ أم أن أرض الله لم تسعك، ففكرت بفتح ممالك السّماء، وسبي الرعية ؟ أم أنك ظننت أنك تجتهد ولك باجتهادك إن أصبت حسنتان، وإن أخطأت فحسنة واحدة؟ وأن الكون خلقه الله لك لتسعد به، وتعمره، وما أراد الله  أن يربح عليك وإنما أراد أن تربح عليه ( خلقت الخلق ليربحوا عليّ لا لأربح عليهم) وصدق ذو الجلال والإكرام، فأين الإعمار؟ 
وغاب عن بالك  وأنت تغزو ممالك الله بخير نيّتك، أن الشّيطان لك بالمرصاد مقابلاً خيرك  بشرّه ؟ غفلت عن حقيقة أن الشر يستجدي عيشه في ساحات الخير، مقتاتاً على صرعى المعارك التي يضرم أوارها في يباس النفوس العامرة بكل شيء خلا الإنسانية ...؟!
آه يا ابن فرناس! ماذا أخبرك ، هل أخبرك أن فكرتك طبّقها غيرك متجاوزاً أخطاءك ونجح ؟ وأصبحت السّماء طرقات تتبختر فيها الطائرات ناقلة الخيرات والمقدرات والمخلوقات من و إلى الأقاصي في زمن قياسي ؟ لكنها سرعان ما أتُبعت بحاملات الفناء والشر المستطير ؟
ماعاد للطيور ممالك ! وما عادت السّماء حرة بل محتلة ! وأهلها مهجّرون، ولا مناطق آمنة، تطردها  المخلوقات التي تدبّ على الأرض، و يخيفها زعيق الشقاء، وعربدة الموت على سرير الحياة ...
وإلى هناك يطير من نشد الخلاص،  واهماً أن ابن فرناس قد ترك هناك إكسير الخلود، ناسياً أنه بعد أن حلّقَ قليلاً، نادته القشرة الصلبة لينام، حتى الطيور عندما تريد أن ترقد تنام على الثابت ، وعندما تجوع تهبط إلى اليابس، فعلامَ التّحليق إذاً ؟ 
وعلامَ التوهان، في مجاهل تعمهون فيها تبتغون فيها السُكر  والذُهان ؟
والأرض تستصرخكم لتهبطوا إليها، تخاف عليكم من الضياع في عوالم تغزونها بلا عدّة  ولا عتاد، ستغلبكم وتردّكم إلى أرضكم بارتطام وارتجاج...
كيف يطيب لكم المقام في نشوة خائنة و عالمكم مستباح بكل المهلكات؟ أي جنون هذا أم أي انفصال ؟
أما آن لكم أن تدركوا أن أفكاركم المحلّقة في العوالم المغزوّة هي ترداد في فراغ ؟ وأن الطيور تسد آذانها لأنها لا تدرك لغة هذا الهذيان ؟.
إن الأرض التي تفرّون منها ستلاقيكم ، ديدانها ستأكل استهتاركم، 
سيقتلكم سيفكم الخشبي يوماً، قبل أن يلقي بنفسه في النار المقدسة، معلناً تبرؤه  وطهارته من خمر عقولكم .. فاحذروا.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عبير يحيي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/05/08



كتابة تعليق لموضوع : غزاةٌ محلّقون
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net