صفحة الكاتب : جمال الخرسان

تركيا، السعودية والانتقام من الحشد الشعبي في الموصل
جمال الخرسان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يبدو ان تحقيق الانتصارات المتسارعة على داعش من قبل القوات المسلحة العراقية بجميع صنوفها وبمؤازرة التشكيلات الاخرى المرتبطة بها والتي فرضتها ضرورات المعركة يبدو ان ذلك ازعج كثيرا الحلف السعودي التركي وبعض مناصريه في الساحة العراقية مما دفع ذلك المحور الذي اثير حديث كثير في اروقة السياسية عن علاقته المثيرة للجدل مع تنظيم داعش الى اتخاذ خطوات ميدانية على الارض تتجاوز الاعراف الدبلوماسية في علاقات البلدان وتنافي مبادئ حسن الجوار. 
ليس المستفز هو الوجود التركي فقط في شمال العراق وسوريا ايضا والذي اعتمد في وجوده على تخويل البرلمان التركي فحسب! بل المستفز ايضا سلسلة المواقف الصارخة بتدخلها في الشأن العراقي وبطريقة فرض الامر الواقع ولي الذراع. سلسلة مواقف وتصريحات تركية وسعودية تدعو علنا لرسم ملامح معركة تحرير الموصل، تركيا سمحت لنفسها ان تتدخل في تحديد القوة التي تشارك في التحرير، سمحت لنفسها ان تعلن مواعيد انطلاق المعارك، ان تعتبر كل مواقف العراق بالدفاع عن سيادته مجرد استفزاز لتركيا! 
لكن ما الذي يدفع تركيا وحلفائها الى هذا اتخاذ هذه المواقف التي تتدخل في شأن بلد مجاور بطريقة سافرة؟! الاجابة عن ذلك التساؤل قد تقود الى طموحات تركية قديمة في شمال العراق، وقد تقود ايضا الى نزعة تركيا للتحكم بمصادر المياه لكن البعد التاريخي ليس كافيا في تفسير هذا الاحتقان التركي المفاجئ، خصوصا وان ذرائع تركيا بوجود حزب العمال الكردستاني ليس لها مبرر لان الاخير موجود في مناطق بعينها وبتنسيق مع مسعود بارزاني الحليف التركي في كردستان ولا يعقل ان يتخذ مسعود خطوة من هذا النوع دون الاخذ بعين الاعتبار جون التنسيق مع الجانب التركي. 
ان المبرر الاساسي بالحقيقة لهذا الانفعال التركي المتناغم مع الانفعال الخليجي مما يحصل في العراق هو بروز قوة الحشد الشعبي، وهي قوة قتالية قادرة على بعثرة حسابات التدخلات التركية السعودية في العراق، قوة ليس من السهولة السيطرة عليها بقرار سياسي او التغلب عليها على الارض. ولتمرير ذلك العداء حاول الاعلام التركي والخليجي اضفاء صفة "العمالة لايران" او "مليشيات ايرانية" على تشكيلات الحشد الشعبي رغم انها مرتبطة مباشرة برئاسة الوزراء وفق الامر الديواني رقم (91)، الغرض من هذا التشويه المتعمد هو الانتقام من الحشد الشعبي ودوره الوطني البارز. 
ان الحشد الشعبي ورقة يجب التخلص منها باي ثمن، ويجب ابعاده عن الموصل، هكذا يرى اردوغان ففي ذلك رسالة سياسية بنفس طائفي صارخ موجهة الى جهات بعينها، من اجل استقطاب مزيد من الشرائح في المكون السني. ناهيك عن ان التدخل السافر بهذه الطريقة قد يمنح الدواعش وقتا اضافيا للعبث بمدينة الموصل وبمقدرات المواطنين. 
اردوغان يريد من خلال معركة الموصل ونصب العداء السافر للحشد الشعبي اعادة ترتيب المحور التركي الخليجي من جديد، انه يريد ولو تحقيق انتصارا معنويا يبقيه رمزا وبطلا "اخوانيا" بعد سلسلة من الهزائم والتحولات التي حصلت في سوريا وبعد الاتفاق الاخير مع روسيا. 
اردوغان كان يعد العدة لهذه اللحظة، الانقلاب الذي حصل في تركيا لم يمنع اردوغان من فتح خط ساخن مع المملكة السعودية بهدف تنسيق المواقف.  
لقد كان الحشد الشعبي القوة الضاربة التي حررت عشرات المدن والقرى التي وقعت بيد داعش او تمت محاصرتها من قبل داعش. معظم جنوب صلاح الدين تم تحريره من قبل الحشد الشعبي وفيه مدن سنية تماما لم نسمع عن مجازر ارتكبت بحقهم بل شاهدنا عبر شاشات التلفزيون فرحة الناس بتخليصهم من الدواعش، ومن يتواصل بشكل يومي مع سكان تلك المناطق يعرف حقيقة ما اقول، في بيجي وما حولها حررت مدن وقرى ولم نسمع عن مجازر ارتكبها الحشد الشعبي، اسألو اهل الضلوعية وهم من الطائفة السنية الكريمة هل ارتكبت بحقهم مجزرة؟! هل قتل منهم احد على يد الحشد الشعبي؟! هل هجروا بسبب الحشد الشعبي؟! هل اجبرهم الحشد الشعبي على شيء؟! في جنوب بغداد وشمال بابل بل حتى في بعض مناطق شرق الرمادي الملاصقة لبغداد وكربلاء وفي جميع تلك الاحداث كان الحشد الشعبي ابرز الفاعلين على الميدان. الاعتراضات كان دائما وابدا تأتي من قبل شريحة من السياسيين الذين لم نسمع عنهم الا المواقف المثيرة للجدل والتي لا تنسجم مع عراق ما بعد 2003 وكانوا يصدرون الاحكام المسبقة على معظم تشكيلات الدولة العراقية وليس الحشد فقط.  
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جمال الخرسان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/05/07



كتابة تعليق لموضوع : تركيا، السعودية والانتقام من الحشد الشعبي في الموصل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net