نذور - قصة قصيرة

قصة قصيرة بمناسبة عيد العمال  

 

 

كان يحلم بشربة ماء عذبة بعد يوم شاق يستهلك أنفاسه, وهو يستمع الى ضحكات اطفاله يطاردون بعضهم, كان يحلم ان لا يفكر ولا يأكله القلق على إطعامهم , إلباسهم يترقب الشتاء الملعون الذي سيقضم اطراف اصابعهم الصغيرة .. كم من الأدعية والنذور رددها في قلبه حتى تَخدر لسانه بها كلما اخلد الى النوم وكم من التوسلات والتضرعات الى الاولياء ان يشفعوا له فتمر السنة دون قلق او الم او انتظار يخنق اخر دمعة في عينيه.

 

لا بأس ان اشتد عليه التعب ولا بأس ان لفحته الشمس او قضمه البرد, ولا بأس ان ركن شهادته التي اقلقت والدته في انتظارها, ورقع والده ما تبقى من اسماله ليوفر له القليل الذي لا يسد الكثير.. ولا بأس ان يمزق كل عام حلما كتبه وهو صغير على ورقة اصفرت واهترأت لكثرة طياتها , قابعة دون حراك في جيبه, لا بأس في كل هذا طالما لا ينبت طلب على السنتهم يمزقون به اخر ما تبقى له من كرامة .

 

فالأوراق كثيرة والكلمات لا تنتهي والاحلام كحبات عرقه التي تتجمع وتسيل كلما اشتد التعب .. تَعلم منذ سنوات ان يختلس حلما من ساعة هنا او هناك خلال النهار فلم يعد يذكر متى استطاع ان يحلم في الليل, فهو ينام متهالكا ... حالما يغمض جفنه لا يشعر الا وقد انتزعته الشمس من نومه ..

 

فمثل كل عام مر عليه هذا اليوم بطيئا يجر ساعاته , كما يجر عربة ثقيلة .. وهو يعلم انه سيمر كما يمر غيره, يسمع منذ الصباح الإذاعات وهي تصدح بروعة هذا اليوم, ويرى مظاهر احتفال هنا وهناك والتهاني يتبادلها الاخرون .. عنه , ومع انه لم يعد يتابع ما يكتب في هذا اليوم في الصحف فقد حفظ كل ما ردده الكتاب منذ عشرات السنوات فلم يعد الامر يعنيه , سيمر عليه اول هذا الشهر كما ستمر بقية أوائل الأشهر, وهو لا يزال ينذر لشربة ماءٍ عذبة وحلم في ليل دون قلق من نهار متعب آخر لا يخلف الا أوراقا صفراء تقبع في جيبه دون حراك.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/05/03



كتابة تعليق لموضوع : نذور - قصة قصيرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net