صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

المجال الدلالي في القصيدة الحسينية قصائد كاظم علي الكماچي أنموذجاَ
علي حسين الخباز

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

ترتبط اللغة في الشعر الحسيني ارتباطاً وثيقاً لأحداث الجرح التاريخي، وبشعائر الطقوس الولائية المعبرة بطبيعتها عن نظم الثقافة المكونة لمثل هذا الأدب، وحياة الشاعر الحسيني هي أيضا تمثل حقلا دلاليا يبرز أهمية النشأة وأهمية الجدر الحي الذي يغذي باقي المحفزات الوجدانية وقراءة منجز الشاعر الحسيني (كاظم علي محمد اسماعيل الكماچي) مواليد 1953م كربلاء المقدسة شاعر سبعيني تأثر في المحيط البيئي الكربلائي ليكتب أولى قصائده المنبرية: 
(نار گلبي مسعرة وحايرة اليوم *** عيني ظلت ساهرة وناكرة النوم 
سهم فگدك يوليدي عاميني *** مادريت بكربله ترميني)
وإذا أردنا تقييم أولى هذه القصائد لابد أن نرتكز على تجربة الرادود الكبير حمزة الزغير الانتقائية والتي قرأها فعلقت في ذاكرة الناس على أنها إحدى قصائد الشاعر المرحوم (كاظم المنذور) وهذه دلالتان تمثلان منطلق التجربة.
يفرض تماثل التاريخ قائمة من المفردات المشتركة بين الواقع التاريخي والنصي ودلالات تداولية بين التدوين والقرائي مع وجود ما يشبه الاتفاق الضمني حول توظيف واستخدام كل مفردة وكل موضوع له متعلقاته شبه الثابتة مع وجود إمكانية التلاعب بالدلالات حسب إمكانية كل تجربة ففي قصيدة القاسم عليه السلام سنجد مفردات مثل (عرس، حوفة، فرح، شموع، حنة، زفة) فنقرأ: 
(يحسين هذي حوفته *** وشموع عرسه وحنته
هذي حنته والدمع همال *** وانحنه مني الضلع وتغير الحال)
فالمعنى هنا محدد وفق الظواهر التاريخية القابلة للتماهي مع الموضوع المعروض، وهذا بدوره سيحدد لنا طريقة التخاطب لكل مقطع من المقاطع الشعرية، فمنها ما يأتي على شكل خطاب سردي خبري ثم يتحول في المقطع الثاني الى المخاطبة المباشرة، لتشكل لغة القصيدة خطاباً وتبني تواصل فنياً؛ إذ يتوسط الشاعر بعض الأساليب ليتنامى من خلالها الفعل الشعري كتوسطه مساحة الأمنيات: 
(ريت يبني الحسن يحضر زفتك بالغاضرية 
 يفرح بعرسك وبيده يعلگ شمع هالمسية)
يداعب وجدان المتلقي بثراء شعوري، فلو نظرنا الى الصور المعروضة في هذه القصيدة لوجدنا (طفل، آلام، تعب، سهر، حسبات وحسابات، ضم وشم ولهفة) ولكل مفردة فعل دلالي، وجميع هذه المفردات تمتلك الصلة الواضحة داخل المكون النصي من حيث الاثر الواقعي، ولهذا يعتبر الشعر الحسيني من أصعب المساعي الشعرية التدوينية لكون الصورة كاملة الدلالة في ذهنية المتلقي، فكيف ستتم عملية المباغتة أو الاستفزاز أو الإدهاش؛ فاللغة الشعرية المستخدمة هنا لغة تسعى للتأثير المباشر: 
(ليش المنايا خطفتك ** حرمتني لذة زفتك
عزت عليه شوفتك *** آه من دهري رماني)
والملاحظ هنا أن مع كل هذا التشخيص فهي تعمل ضمن حقل دلالي مستحكم بقواعد تأويلية تشغل ذهن المتلقي فلو تابعنا على سبيل المثال بعض مفردات قصيدة (ردينه) ونأخذ مفردة (منعوا) فمن المؤكد سيكون أي مقطع شعري قريب جداً عن ذهنية المتلقي لكون الاشتغال سيحتوي على انعكاسات هذه المفردة (منعوا عن خيمنه الماي) ومفردة (فزعوا) و(علينه فزعوا الكفار) ومفردة (شبوا) فلا يمكن أن تنتج ذهنية المتلقي سوى جملة (شبوا بالخيام النار). 
وهذه العملية برمتها تسمى في النقد توازن المعجمي مع التصوري، فلذلك نجد أن بعض القصائد تكون مرتكزا للتنوع روافد حرة تصب في المجرى الكلي للقصيدة، وهذا السعي تبرره الفكرة وخاصة المستبدة من قلب التأريخ كلقاء السجاد عليه السلام بجابر بن عبد الله الأنصاري، ليصبح البوح حراً يتناور في كل مقطع رمزا أو أكثر. 
(هنا ذبحوا علي الأكبر شبيه المصطفى المختار)
وفي المقطع الثاني نجد رمزا آخر: 
(تحنه من دمه نحره *** شباب وزفته الأبرار) 
وتجد في مقطع آخر يستذكر فيه الامام زين العابدين عمه العباس عليهم السلام: 
(هناك اعله النهر عباس ***  فاگد يمنته ويسار
صوب عينه سهم البين ***  بصوابه اشتفه الغدار)
وهذا يعني أن الشاعر الحسيني يحتاج الى منطقة حرة تبعد عنه الرضوخ في الجزء المعجمي، وتأخذه نحو اشتغالات ضمن مكونات تكسر نمطية التلقي، والشاعر الكماچي اشتغل على عدة اعتبارات لتحقيق هذه المضمون منها الحقل الاستفهامي: 
(شلون طالت أيدي ميه *** وبيهه صابت جبهتك)
واستخدم الصور المتخيلة بواسطة الاستخدام الدلالي: 
(سالت أدموم الرسالة *** وخضبتها لشيبتك)
أو لنقرأ: 
(رضرضت صدر النبوة *** حين داست جبهتك)
كما نقرأ استخدام لمفردة (جني) ذات العلاقات المتنوعة الكبيرة التي توزع دلالاتها بجميع الاتجاهات تختصر الزمن والمكان وتدمج الحالة الشعورية وكأننا نرى الموقف: 
(چني بالحرة تنادي *** خوية جيتنه بشيمتك
گوم ردنه لوطن جدنه ***  صعب نحمل فرگتك)
ثم نجد هناك الكثير من الرؤى لتي تشكل المجال الدلالي لتجربة الشاعر الكماچي.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/04/29



كتابة تعليق لموضوع : المجال الدلالي في القصيدة الحسينية قصائد كاظم علي الكماچي أنموذجاَ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net