صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

سياسة النار والماء!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

السياسة ذات حدين لا توسط بينهما فأما أن تكون نارا أو ماءً , وسياسة النار هي السائدة في الأرض منذ الأزل , ذلك أن البشر ما أن يمتلك سلاحا حتى يبادر لإستخدامه , ولا يوجد سلاح في الدنيا لم يتم إطلاقه والتبجح بسطوته , والدول القوية هي الدول التي تمتلك قدرات تصنيع الأسلحة الأعظم تدميرا وفتكا.

فالقوة الحقيقية المؤثرة في الحياة ليست القوة الإقتصادية وإنما العسكرية , وهذا ديدن التفاعلات ما بين الدول والأمم والمجتمعات , فهي أولا وكل قوة أخرى تأتي بعدها وفقا لتسلسلات ذات تقديرات مكانية وزمانية.

فالمهيمن على السلوك السياسي هو لغة النار لأنها تعني القوة والقدرة على الفتك بالآخر , وما يتحقق اليوم عبارة عن التفاعل بهذه اللغة التي تعني أنها تعبر عن إرادة النار , أي أن سلوك النار هو الذي يُراد له أن يتحقق ويسري , فالنار تحرق وتتأجج وتمتد وتأكل الأخضر واليابس معا , وذلك يتناسب مع شدة سعيرها وتأجج لهيبها , كما أنها تطلق دخانا تتناسب كثافته مع نسبة الأخضر المحروق.

والنار السياسية تحتاج إلى أفراد يتميزون بالخرق والأنانية والنرجسية والإحساس بالعظمة وإمتلاك الإرادة المطلقة , وهذا متوفر في الأرض في هذا الزمان الحارق المارق , مما يعني أن الدنيا مقبلة على تفاعلات مروعة لم تحصل لها من قبل , وقد بدأت علائمها تلوح , وقواها أخذت تكشر عن أنيابها وتطلق ما عندها من آفات الدمار الفظيع , وقبل يومين تم إسقاط أكبر قنبلة في التأريخ تزن أحد عشر طنا , وما ياتي أفظع وأخطر.

تلك سياسة النار المشتعلة في الرؤوس والقلوب والنفوس , والتي ربما ستزداد إشتعالا.

أما سياسة الماء التي تعتمد على العقل والحلم والتفاعل الإنساني الرحيم , فأنها لا تنفع الدنيا ولا تصلح للحياة , ولهذا فأن الحروب متواصلة , والنزاعات لا تنقطع , والويلات تتوالد , والإفتراسات تتعاظم في أرجاء الأرض , وما أسهل التبرير والتسويغ للمآثم والخطايا والرزايا.

سياسة الماء فاشلة وخائبة , لأن سياسة النار في أجيج , وإقتدار فائق على التعبير عن نوازع المطمورات البشرية والرغبات السيئة المعتملة في الأعماق , تلك النوازع التي عجزت جميع الأديان والعقائد عن لجمها وتهذيبها وتوظيفها للحياة الآمنة السعيدة.

وساسة الماء فاشلون , وساسة النار مهيمنون , والأمم التي لا تحمل النار وتحرق غيرها ستحترق بنيران الآخرين , فالسياسة الدولية تتأرجح ما بين الحارق والمحروق , وتلك حقائق يتم إغفالها والتمويه حولها , وما ذلك إلا تضليل وخداع لمزيد من الإحراق والإنسجار في تنور الحارقين.

ومعظم مجتمعاتنا تحوّلت إلى سجير في سوح الحرق الإقتداري الهَيْمني الوقاد , وما عاد أمامها سوى خيار الرماد , إن لم تبادر إلى إدراك ضرورات سكب الماء على النيران الناشبة فيها , والنار لا تميز بين الأشياء , فكل شيئ سيكون طُعما للنيران , وتلك حقيقة الخسران!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/04/16



كتابة تعليق لموضوع : سياسة النار والماء!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net