صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الأصغرُ المتفاعلُ أكبرٌ متفائلُ!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

المعضلة التي تواجه الأنظمة العربية أنها مركزية مشحونة بالروح التسلطية , مما يمنعها من تحقيق البناء وتشييد منارات الأمل والرجاء.

 

فالواقع العربي يشير إلى أنه أبوي إعتمادي يجرد الفرد من طاقاته ودوره وإبدعاته وإسهاماته في الحياة على جميع المستويات الإدارية والإجتماعية , حتى ليتحول إلى آلة منفذة لما يخطر على بال الكراسي المتسلطة على مصيره والمتحكمة بأيامه.

 

فعلى سبيل المثال في الدول المتقدمة , يمتلك المواطن إرادة متفاعلة مع غيره للوصول بالحالة التي هو فيها إلى أفضل ما يمكن تحقيقه , ففي محلته وزقاقه وقريته ومدينته هناك آليات تفاعلية لتلبية الحاجات الإنسانية , إنطلاقا من رؤاه ونشاطاته وجده وإجتهاده.

 

فتجد في كل وحدة إدارية جمعيات ومجالس تمثل أبناء المنطقة أو القرية أو أي محلة أصغر أو أكبر , ويتم فيها تدارس الإحتياجات وتوفير الموارد والقدرات الكفيلة بالإنجاز.

 

قبل أعوام وفي مدينة صغيرة إرتأى مجلسها المحلي أنها بحاجة لنادي رياضي جديد , لأن النادي الرياضي الذي فيها قد أصبح قديما ولا يفي بالحاجات المعاصرة , فما كان من أبناء المدينة إلا أن تدارسوا المشروع في المجلس وبعد عرضه على الناس وإقراره , بدأ أبناء المدينة بالتبرع لإنجاز المشروع , وقد تم بالفعل التنفيذ والإنجاز في أقل من عام واحد.

 

وهذا قد تحقق بعيدا عن الحكومة المركزية أو حكومة المقاطعة أو الإقليم أو الولاية , إنه نشاط أبناء المكان أيا كانت توصيفاته الإدارية.

 

وفي مدينة صغيرة أخرى كانت تعاني من قلة الموارد , فإجتمع مجلسها وتدارس المقترحات , وكيف يتم تحقيق نقلة إقتصادية نوعية فيها , وما كان منهم إلا أن فكروا بإنشاء كازينو , وتكاتفت جهود أبنائها وجمعوا ما جمعوه من المال , وبنيت الكازينو , وصارت ذات نشاط متواصل , فتطورت حولها المشاريع , من مطاعم وأسواق وفنادق , فإزدهر الوضع المالي فيها , وهذا النشاط أيضا بعيد عن السلطات بدرجاتها المتفاوتة , لكن القائمين بالعمل تمكنوا فقط من الحصول على موافقة للشروع بالمشروع وفقا للقانون.

 

وما أريد قوله , أن المجتمعات العربية ربما تكون مجردة من المسؤولية الفردية والجماعية , وتحسب كل شيئ يجب أن توفره الحكومة المركزية , وهذا الإقتراب يتسبب بتداعيات متواصلة وخرابات متنامية , تقضي على روح البناء والتقدم والرقاء.

 

فلو أن أبناء كل محلة يفكرون بما يمكنهم أن يقوموا به لتطوير محلتهم بجهودهم المتظافرة المتكاتفة , لإزدهرت القرى والمدن وتطورت , وبتقدمها جميعا تزدهر البلاد وتتقدم وتكون أقوى وأجمل.

 

إن الأوطان لا تبينها الكراسي خصوصا عندما تكون ذات نزعات أنانية سلطوية فئوية وتحزبية , وإنما يبنيها الأبناء الذين بجهودهم المتفاعلة يتمكنون من التحكم بالكراسي وتوجيه نشاطاتها نحو الصالح العام والوطن المقتدر العصام.

 

وهكذا فأن النشاطات الإيجابية الصغيرة أو المحلية ستؤدي إلى بناء وطني شامخ وراسخ , وعليه فأن المطلوب أن تتحفز القدرات والطاقات وينمو الشعور بالدور والمساهمة لدى المواطن العربي , لكي يخرج من محنة الإنصفاد بالعجز والإتكال على الحكومات المتكلة على الآخرين.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/03/17



كتابة تعليق لموضوع : الأصغرُ المتفاعلُ أكبرٌ متفائلُ!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net