صفحة الكاتب : اسعد عبدالله عبدعلي

سوالف ليل: سوء الحظ
اسعد عبدالله عبدعلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مازالت في مخيلتي قصة صديقي "عبود", الذي عشق فتاة بجنون, وعاش معها كقصص الروايات وشعراء الحب العذري, لكن كان هنالك صراع مرير من تردد أهلها بالقبول بشاب فقير, ومعارضة أهله من أن يتزوج غريبة, لكن بالإصرار والعزيمة رضخت العائلتين للعاشقين, وشرع الكل في الاستعداد للزواج, وكانت أيام مليئة بالسعادة, الى أن انتبه "عبود" ذات يوم, على صوت الناعي وهو ينعى حبيبته, فقط توقف قلبها فجأة وانتهت حياتها, كان قلبها اضعف من أن يتحمل سعادة بحجم الكون, وتكلم الناس كثيرا عن سوء حظ "عبود".

سوء الحظ يلاحقنا في الكثير من مفاصل عيشنا, كلما لاح بصيص أمل,عندها يطل علينا سوء الحظ, وسأحدثكم عن بعضها.

عند سقوط صدام, وبعد عقود من القهر والظلم, شعرنا كشعب بان الدنيا قررت أن تبتسم لنا, وان الحظ لأول مرة سيكون لجانبنا, وان زمن الجور سيغادرنا الى غير رجعة, حلمنا كثيرا بان نكون دولة كدول الخليج, بل توسع الحلم عند البعض فيحلم أن تصبح بغداد كالعواصم الأوربية, ومازالت اذكر حلم "حجي جمعة", الذي كان كل حلمه أن تصبح مفردات الحصة التموينية أربعين مادة, بحيث لا يحتاج أن يذهب للسوق, لكن سوء الحظ قرر العودة ليحيل أحلام العراقيين الى كوابيس, فإذا بثلة من اللصوص والانتهازيين والدواعر, يتسلطون على البلد, وتضيع على يديهم أموال البلد وأحلام العباد,  فلا الذين حكموا البلد شرفاء, ولا الحصة التموينية أزهرت بل ذبلت وماتت, فهل هناك انتكاسة بالحظ كالذي جرى للعراقيين؟

الحكاية لم تنتهي, بل لها فصول متنوعة, فسوء الحظ لم يترك باب الا طرقه, كأنه قرر السكن أبديا في العراق.

أحيانا نفكر أن الحظ قد يرتبط بالجوانب السياسية والاقتصادية فقط, لكن لا دخل له بالرياضة مثلا, وهكذا حلقنا بحلم الصعود لكاس العالم, فكل أربع سنوات نحلم ونحلم, لكن مع الايام نكتشف أننا نركض وراء وهم, ثلاث تصفيات لكاس العالم بددها عدنان حمد, ثم تلاه زيكو واتحاد الكرة الفاشل والفاسد, وها هو الحلم يغادرنا رويدا رويدا على يد شنيشل والاتحاد الغير كروي, عجيب أمر الحظ السيء الذي يرفض أن يغادر بغداد, حتى افسد طموحات فريقنا الوطني.

حكايات سوء الحظ كثيرة, وهي ما تحيل حياتنا الى كم كبير من التعاسة والحزن, فما نريده لا نصل أليه.

في احد  ليالي الشتاء كنا جمع من الكتاب, نشكو لبعض قلة الفرص وغياب الصحف التي تدعمنا, فخيبة الأمل كبيرة بواقع الصحافة العراقية, والتي يقود اغلبها اليوم, بعض أشباه الكتاب والمداحين, وفئة من فلول البعث والدواعر والعاهرات, فلا مكان لنا, "فالحظ للعوالم فقط" كما يقول إخوتنا المصريين, هل يعقل أن يكون الالتزام بالمبادئ والقيم هو السبب لسوء الحظ, ضحكنا كثيرا تلك الليلة عندما عرفنا أن الصعلوك "علاوي" يكسب بالدولار مقابل سطوره المرتخية, وجمله الجنسية وتحليلاته البليدة, هذا نتاج بلد تحكم به اللصوص والانتهازيين, فلا حظ لمن هو ليس لصا أو منافقا.

نختم حكاية سوء الحظ بقصة أبو جميل, العجوز الذي فكر بفتح دكان مستغلا حديقة بيته, خصوصا أن بيته على الشارع العام, وعندما افتتح دكان لبيع الفلافل والعصير, حصل على إيرادات كبيرة, وكبر الحلم في عينيه, فلما لا يكون هنالك سيارة وزوجة ثانية وقاط جديد, لكن فجأة تقرر الحكومة وضع صبات كونكريتية على جانبي الشارع العام, ليصبح من المستحيل الوصول للدكان, ليموت دكان أبو جميل, فهل هنالك أسوء من حظ أبو جميل.

لكن, سوء الحظ الحالي لن يمنعنا من أن نحلم بالحظ السعيد, فسيأتي الحظ يوما ما ويجعل من الأمس ذكرى للضحك.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسعد عبدالله عبدعلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/03/14



كتابة تعليق لموضوع : سوالف ليل: سوء الحظ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net