صفحة الكاتب : واثق الجابري

البصرة .. زراعة العبوات وقلع النخيل
واثق الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لعل أسوأ العاملين في السياسة؛ أولئك اللذين لم يكتفوا بأكل ما أمامهم، وذهبوا الى هَدَّ مرتكزات الدولة وموروثارتها وما وهبتها السماء من نعمة، وكأنهم لم يفهموا أن بلد السواد يعني بلد الخيرات، وترجمة قوامسيهم سواد بسواد وأيام مكابدة وحزن، ومن بين السواد سيدة الأشجار النخلة، والتي حطمت كالعراقي لكي تموت أما مقطوعة الرأس او ميتة وقوفاً، وبدل زراعتها؛ رواج لزراعة العبوات وجذوع الأسحلة الثقلية والمتوسطة في البيوت بدل جذوع النخيل؟!
منذ أربعة عقود والبصرة تعاني من الإستهداف الممنهج ولعل أهم الاسباب كونها شريان العراق الإقتصادي، ومن نخليها أهم معالم خيرات العراق.
 مدينة يصعب عيش النباتات فيها؛ إلاّ أن النخيل كان فيها 350 نوع و 3.5 مليون نخلة في ثمانينات القرن الماضي، ووصل الى 1.250  مليون في الآونة الأخيرة، بين ما دمرته الحروب والأمراض التي لم تعالج، او ما بيع للخليج العربي، ومَنْ قُلع بمشاريع النفط وتحويل مزارعه الى سكنية، وكان إعتقاد البصرين؛ بأن مدينتهم ستتحول الى  مدينة  زهور لوفرة المياه التي تحتاج فقط لمعالجة الملوحة، وحلموا  بجلب البذور المهجنة التي تلائم بيئتهم، والأكثر ضنوا بإستيراد   الورود مسلفة كما هي الديموقراطية، وبذلك تتحمل ألسنة الملح والحرارة اللاهبة كما هي أجواء السياسة.
وقفت جهات متعددة أمام تنمية البصرة، ومن عقود توالت المعرقلات لمنعها أن تكون مدينة إقتصادية من قبل الحرب العراقية الأيرانية والى حرب الخليج، ثم ما بعد 2003م والسياسات المتقاطعة، التي وقفت في طريق تنميتها وجعلها منافسة لأكبر مدن الخليج بموقعها الإستراتيجي ومواردها المالية والبشرية، حتى قامت بتصدير فسائل نخيلها وأنتشرت في الآونة الأخيرة جهات مجهولة لخلق النزاعات والإختيالات وبيع المخدرات، ومن ثم تطور الأمر الى زراعة العبوات والقنابل الصوتية، وأنتشرت جهات لا يفهم من قصدها نشر السلاح الخفيف والمتوسط بالافراح والأحزان، ونشر الفوضى وإقتتال العشائر وربما يتطور الى تبادل إرسال السيارات المفخخة.
إن البصرة تمثل شريان العراق الإقتصادي والثقافي؛ لذا توالت المشاريع المشبوهة عليها، من إشغال العراق بحروب أداتها كان النظام السابق؛ الى محاولات إقتطعها عن العراق وحرمان العراق من وارداتها بعد 2003م، ومن ثم إشعال فتيل الحروب المجتمعية والعصابات، وإفقادها قيمتها التاريخية والمعنوية والإقتصادية للعراق.
تُرجم الإستهداف بشكل نشر الفوضى، وإخراج المدينة عن تقاليدها وموروثاتها، ونهب خيراتها بقوة السلاح.
مَنْ يستخدم سلاح ثقيل لسبب تافه؛ لا يتردد من زرع لغة الكراهية والعبوات؛ بدل زراعة النخيل والطيبة التي عُرفت بها البصرة، ومَنْ يقتل بريء بلا أسباب او يدفع نفسه للقتل بسبب العصبية؛ يمكن أن يكون إنتحارياً لنفس الأسباب، ومن  نتائج الأخطاء الكارثية التي إرتكبها بعض الساسة بحق البصرة وما يجاورها من محافظات؛ جعلت منها لقمة سائغة للعصابات والوحوش التي لا تقل عن ضرر الإرهاب، وهاهي البصرة بدل  أن تفكر بإعادة زراعة النخيل وتصدير منتوجاته؛ صار مدينة مستوردة للتمور وزارعة للعبوات الناسفة والقنابل الصوتية، وأن كثير من الساسة لا يفكرون سوى بأكل ما موجود؛ دون تخطيط إستراتيجي يجعل من إستقرار البصرة؛ مصدر تنمية إقتصادية للعراق والنتيجة سوادها خيرات.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


واثق الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/03/06



كتابة تعليق لموضوع : البصرة .. زراعة العبوات وقلع النخيل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net