صفحة الكاتب : زهير مهدي

المشروع الامريكي الجديد إعادة اعمار العراق مقابل نفطه
زهير مهدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يعيد المشروع الجديد الذي عرضه الرئيس ترامب على مجلس النواب الامريكي الى الاذهان تلك الاماني و الاحلام التي رسخها الرئيس الاسبق بوش في اذهان الناس ابان حرب اسقاط الدكتاتور صدام.
 
تلك الاوهام التي جعلت الناس تنتظر بزوغ شرق اوسط جديد يكون العراق فيه الولاية الامريكية رقم ٥١ في الرُقي و التطور و ان تأشيرة الدخول الى الاراضي العراقية ستكون من اغلى التأشيرات في العالم مقابل التحرير و الاستثمار.
 
حين قرأت بعضاً من فقرات المشروع المسربة في موقع على الانترنت كان نفس ذلك الموقع منهمكا بعرض اخر مستجداد حفل توزيع جائزة الاوسكار. 
 
لم اجد في الموقع بعد الفحص ما يشير ولو بخبر عابر عما يدور من العمليات العسكرية في الجانب الايمن من الموصل و التضحيات البطولية التي يقدمها الجيش العراقي و باقي القوات المقاتلة و الحشد الشعبي.
 
ذلك ليس بغريبٍ على موقع الكتروني مادام الرئيس الامريكي الجديد نفسه لا يعلم اين يقع العراق على الخارطة اصلا،  و غاية مبلغه من العلم ان : 
 
العراق = نفط = إرهاب
 
فإذا كانت بعض التسريبات تفيد بإعتبار كل من يحمل السلاح غير الجيش العراقي هو إرهابي في المشروع الجديد في اشارة الى فصآئل المقاومة؛
 
فكيف سيميز ترامب بين من هو (ارهابي) و بين من (يحارب الارهاب) اذا كانت طائراتهم بكل ما زُوِدت به من تقنية و اقمارهم بكل ما اوتيت من قدرة لم تستطع التمييز بين مواقع داعش و مواقع الجيش العراقي فتُنزل الذخيرة على الاول و تقصف الثاني.
 
كيف سيميز ترامب المليشيات الوقحة (كما يسميهم البعض) من المليشيات المؤدبة. 
ام كيف سيستطيع ان يقنع تلك المليشيات التي قدمت التضحيات و حققت انتصارات لم تحققها الولايات المتحدة لسنين عديدة؛
كيف سيقنعها بنزع اسلحتها و الوثوق بالسلاح الامريكي الذي سيرافق المشروع و يحميه لعشرات السنين اذا كان ترامب و ادارته لهذه اللحظة يسمونها مليشيات و ليس قوات رديفة للجيش الحكومي.
 
كيف سيتعامل المشروع مع جيوش الارامل و الايتام في محافظات الوسط و الجنوب و الذين فقدوا ابائهم و ابنائهم في المفخخات و في تحرير المدن الحاضنة لداعش اذا كان المشروع الامريكي يستهدف بالدرجة الاساس اعادة اعمار مدن حواضن داعش و تعويض اهلها و استغلال و بناء الصحراء الغربية ؟ 
 
ماذا عن تضحيات اهل الوسط و الجنوب التي لم يعرها المشروع اي اهتمام؟
 
ان الولايات المتحدة قد استعدت بهذا المشروع استعدادا ذكيا لمرحلة ما بعد الموصل بما يخدم مصالحها و مصالح حلفائها فقط؛ لتسحب بساط النصر من تحت اقدام العراقيين و لتحرص على ان تستبدل حلفاء روسيا على الارض العراقية مثل ايران و الصين بحلفاءها كآل سعود و الامارات و تركيا.
 
فلابد للمشروع من مقدمات تعزز تلك المصالح.
 
و ابرز تلك المقدمات هي :
 
١- تأخير تحرير كامل الاراضي الموصلية الى حين تسلم ترامب رئاسته و اعداده لمشروع ( ما بعد الموصل)  يرافقه غياب تام  للرؤية الاستراتيجية لدى الساسة العراقيين لتلك المرحلة.
 
٢-   تعزيز التواجد الامريكي في المنطقة بارسال قافلة سفن مع حاملة الطائرات المسلحة نووياً و المسماة  (جورج بوش) الى مياه الخليج العربي سبقه طرد ٣٥ دبلماسيا روسيا من الولايات المتحدة و التهديد الصريح لايران و الصين.
 
٣- ارسال رسائل تطمينية مغرية من الجانب الامريكي للجانب التركي كان ابرزها اول زيارة رسمية لرئيس المخابرات الامريكية الجديد خارج البلاد في محاولة قد يُكتب لها النجاح لاستعادة تركيا الى الركب الامريكي بعد محاولة اختطاف روسية ايرانية.
 
٤- تكليف الولايات المتحدة حلفائها في المنطقة بمد جسور المودة للعراق من خلال زيارات متسارعة ابرزها زيارتا رئيس الوزراء التركي ثم الاردني ولن تنتهي بزيارة وزير خارجية السعودية مؤخرا.
 
تلك التحضيرات قد لا يفهمها ساسة العراق ولا تشغل حيزا من تفكيرهم و تحسباتهم لان التوليفة السياسية العراقية القائمة تتسم بالانهماك في التعقيدات الداخلية (ليس الوطنية) و انما تعقيدات تقاسم السلطة وهي اشبه بالصراع النسوي المحتدم في البيت بين العمة العجوز و كنائنها (العجوز و الجناين) و لتحترق روما بشوارعها.
 
ففي الداخل قد تستغرق المفاوضات لاتفه الامور مثل (اقرار الميزانية) ( او تعديل قانون انتخابي) شهوراً بينما تحركات المحور الامريكي لا تنتظر احدا و خطواته تُحسب بالساعات و ليس بالايام.
 
لا استطيع توجيه اللائمة لبعض الاقتصاديين العراقيين  الذين راحوا يطبلون للمشروع الامريكي الجديد؛  فالعراق بين خيارين أحلاهما مر
بين البقاء تحت سلطة حفنة من الساسة الشرهين النهمين عديمي الخبرة في المطابخ السياسة العالمية و المحلية وبين تسليم البلد كمقاولة غير مشروطة للمقاول الامريكي الذي قل ما يصق.
 
لا اخفي شعوري بالخيبة حين ارى مركزا اقتصاديا مرموقا كالمركز الاقتصادي العراقي يتلقف فقرات المشروع كلها بعين الرضا و الغبطة من دون ادنى تمحيص.
 
حين تقرأ كلمات خبير اقتصادي عراقي يعرب عن فرحته بالمشروع فيضع التبريرات لبندٍ من بنوده و الذي يقضي:
( بان الرئيس ترمب يريد للعراق ان يكون "الشرق الأوسط الجديد" لكن لايتغلب على دولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية )
 
 فيبرر الخبير (( العراقي )) بالقول: 
 
(( كونهما حليفان ستراتيجيان لها ولا يمكن ان يخسر الدولتيين لمصالح اقتصادية تخص الولايات المتحدة الامريكية)) .
 
تخيل تلك النغمة التي يتكلم بها هذا الخبير العراقي الذي عين نفسه سكرتيرا للرئيس ترامب او ناطقا رسميا لما يخالج صدر الرئيس من اعذار.
 
هذه هي محنة العراق
(فمن عربدة و عنجهية صدام المدمرة لاقتصاد البلد)
الى (فساد ساسة لا خبرة لهم ولا يهمهم اقتصاد البلد)
الى (خبراء اقتصاد الغد الواعد الذين جل همهم مصالح و تحالفات "مقاول البلد" )
 
لا و لن تصدقنا اميركا و لا الخليج سواءا كنا معربدين او قليلي خبرة فاسدين او متملقين ولن يريدوا بنا خيرا.
 
و لن نسلم من الحروب .. لكن على الاقل نحن اليوم نحارب تحت فسطاط الحق المتمثل بمقاتلة الارهاب السلفي.
 اما في الغد عند إقرار المشروع فسنكون مكرهين بحكم الوصاية الامريكية على مقاتلة كل اعداء اميركا كإيران و سوريا و حزب الله و اليمن و ربما روسيا.
 
اي بالضبط كما استغلت بريطانيا الشعوب العربية و الهندية لمحاربة اعدائها في الحرب العالمية الثانية او سنكون اداة (حرب الوكالة) شأننا شأن جيوش الخليج و تركيا اليوم.
 
لا تفرحُن كثيرا بمشروع ترامب ولا تغرنكم صراحته فهي ملزمة لكم باي تعهد توقعونه.
 
مات العراق بلوكيميا النفط ولن تحييه جلسات تبديل النفط بالاعمار في المستشفى الامريكي الباهض الكلفة.
 
كل ما يحتاجه العراق " قائد معجزة" يولد من رحم المعانات تصان به الحقوق و تحط الحروب على كفيه اوزارها و يضع العراق وحده لا شريك له نصب عينيه و يبني علاقات متكافئة مع العالم اجمع.
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زهير مهدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/28



كتابة تعليق لموضوع : المشروع الامريكي الجديد إعادة اعمار العراق مقابل نفطه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net