صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَلْمُجَامَلَاتُ...لِمَاذَا؟! [١٢]
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   {وَلاَ تَتَحَفَّظُوا مِنِّي بِمَا يُتَحَفَّظُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِرَةِ، وَلاَ تُخَالِطُونِي بالْمُصَانَعَةِ}.

   في هذا النّصّ يُشيرُ أَميرُ المؤمنين (ع) الى سببَين أَساسيَّين للمُجاملاتِ الزّائدة التي تُضيِّع الحقوق؛

   السَّبب الاوَّل؛ يتعلَّقُ بالمسؤول الذي يقيمُ علاقتهُ مع النّاسِ وخاصّةً مع مَن حولهُ ومع الفريق الذي يعمل معهُ، على أَساس الخوف والرَّهبة!.

   السَّبب الثّاني؛ يتعلَّق بالنّاس وتحديداً بالحلقةِ الضَّيِّقة التي تتحلَّق حول المسؤول والتي تقيم علاقتها معهُ على أَساس المُداراة والمُجاملات والتملُّق!.

   بالنِّسبةِ للسَّبب الاوَّل فانَّ دوافعهُ عديدةً منها؛

   ١/ إِنَّ المسؤول لا يتبوَّأ موقعهُ بالمعايير الحقيقيَّة كالخبرةِ والتَّجربةِ والتَّخصُّص والقُدرةِ الإداريّةِ والكفاءةِ المهنيَّةِ والنّزاهة! وإِنّما بالمُحاصصةِ مثلاً والولاءِ للقائدِ الضَّرورة أَو بسببِ الانتماءِ القَبلي والحزبي أَو رُبما بسببِ علاقتهِ السَّببيَّة أَو النَّسبيَّة مع [الموما اليهِ]  كما هو الحالُ مع أَحد النُّوّاب الذين فازوا بمقعدٍ تحت قُبّة البرلمان في الدَّورة الحاليَّة لأَنّهُ كتبَ على لافتاتهِ الانتخابيَّة للتَّعريفِ بنفسهِ وبخبِراتهِ الجبّارة وشهاداتهِ العلميَّة العظيمة عبارة [زَوج بنت دولة رئيس الوزراء] وزميلهِ الآخر الذي كتبَ العبارة [إِبن أُخت دولة رئيس الوزراء]! لنفس السَّبب.

   إِنَّ مثل هذا المسؤول يشعرُ بالقلقِ دائماً وهوَ يتبوَّأ موقع المسؤوليَّة خوفاً من الفضيحةِ تارةً وخشيةَ إِزاحتهِ من الموقع لأيِّ سببٍ قانونيٍّ كان تارةً أُخرى! ولذلك يقيمُ علاقتهُ مع النّاسِ ومع مَن حولهُ على قاعدةِ الخوف والرَّهبة التي يُشرعنها بمصطلحِ الاحترامِ مثلاً أَو بما كان يسمِّيه أَحدهم بـ [أَخلاقيّات التَّماس]! أَو ما أَشبه! ليُغلق باب الحوار والنَّقد والمُساءلة أَمامَ أَيٍّ كانَ ليحمي نَفْسَهُ!.

   ولذلك ينبغي تصحيح معايير المسؤوليَّة لنقضي على هذهِ الحالة في مؤسَّسات الدَّولة!.

   ولعلَّ أَوَّل مؤسَّسة ينبغي تصحيح معاييرها هي مجلس النُّوّاب الذي هيمنت عليهِ المُجاملات بسبب سيطرةِ المعايير غير السَّليمة على كلِّ ما فيهِ، وتحديداً على طريقةِ حجز النّائب لمقعدهِ تحتَ قُبَّة البرلمان!.

   حتّى النُّصوص المُتعلِّقة بالغَيابات والواردة في قانون المجلس تمَّ تجميدها بشَكلٍ مُطلقٍ فلا يتمُّ العمل بها فلا يُعاقبُ النّائب مهما تكرَّرت غياباتهُ! على الرَّغم من أَنّ ذلك بمثابةِ فسادٍ ولصوصيَّةٍ وسرقةٍ بكلِّ المقاييس الشَّرعية والقانونيَّة!. 

   ومن هذا المُنطلق ينبغي تغيير قانون الانتخابات بما يُحقِّق مبدأ [صوتٌ واحِدٌ لمواطنٍ واحِدٍ] وتقسيم البلاد الى [٣١٨] دائرة إِنتخابيّة وهو عدد مقاعد البرلمان، وكلُّ ذلك من أَجل أَن يصعدَ للبرلمانِ نُوّاباً برصيدِهم الشَّخصي وبثقةِ النّاخب حصراً ليشعر بآدميَّتهِ وشخصيّتهِ المعنويّة ويتحسَّس مسؤوليّاتهُ وواجباتهُ عندما يحجز مقعدهُ تحت قُبَّة البرلمان بمعايير حضاريَّةٍ حقيقيَّةٍ وليس بالمعيار الوحيد القائم حاليّاً وأَقصد بهِ معيار الولاء لزَعيمِ القائمةِ الانتخابيَّة الذي يتفضَّل عليهِ بأَصواتهِ الإضافيَّة وبالتّالي سيحوِّلهُ الى عبدٍ يسوقهُ كيف يشاء كراعٍ يهشُّ على غنمهِ في حضيرةِ الدَّوابِّ أَو في المرعى!.

  ٢/ وقد تكون الصِّفات الشّخصيَّة السيِّئة وعلى رأسِها ومن أسوإِها سُرعة الغضب وضيق الصَّدر وعدم اتساعهِ للرّأي الآخر أَو لأَيِّ نقدٍ أَو حتّى إِستفسارٍ! هي الطّاغية على شخصيَّة المسؤول ولذلك يتعامل معَ مَن حولهُ بقاعدةِ الخوف والرُّعب والرَّهبة ليصنعَ من نَفْسهِ شخصيَّة الطّاغوت المستبدِّ الذي تكفي نظرةً مِنْهُ ليُخضِعَ كلّ مَن حولهُ ويستسلم لرأيهِ! الأَمرُ الذي يفرض عليهم التَّعامل معهُ بمجاملةٍ حدِّ النّفاق وإرجاء أَيَّ كلامٍ لا يُحبُّ ان يسمعهُ!.

   هذا النَّوع من المسؤولين يُسمِّيهم الامام عليه السّلام بـ {أَهْلِ الْبَادِرَةِ}. 

   وهنا تنمو الصَّنميَّة وعبادة الشّخصيَّة والتَّعامل مع المسؤول كنصفِ الهٍ أَو حتّى الهٌ! ما يُلغي شخصيَّة الآخرين! اذا ما استسلمَ المرء لصفاتهِ السَّيِّئة!. 

   *يتبع

   ٢٦ شباط ٢٠١٧

                       لِلتّواصُل؛

‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/27



كتابة تعليق لموضوع : أَلْمُجَامَلَاتُ...لِمَاذَا؟! [١٢]
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net