صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

قراءة في شعرية أياد كاظم الكربلائي
علي حسين الخباز

 

  تتوحدُ حيثياتُ واقعة الطف من حيث حداثة المفهوم التضحوي، ومكانة الرموز التي تضيف إلى الأداء الشعري مساعي معبرة عن مستويات ترفع القدرة التفصيلية، ولذلك تستساغ المباشرة بكونها تقتنص الشعرية من سمات المكون المعنوي، رغم أنها تختلف من تجربة لأخرى حسب مدركات الوعي وتقنيات الأسلوب، لوجود المنهل التاريخي المنفتح على العديد من الرؤى الشعرية.
  ثمة تجارب شبابية استطاعت العمل ضمن آليات المرتكز الروائي في أغلب المسارات الشعرية، مما يعطي حرية الحركة وحرية التعبير بعيداً عن (التأطير والانكماش) ضمن حدود منهجية جامدة، وإلا فكل ما في التاريخ هو شعري، لكن تبقى المسألة في كيفية الانتقاء، وهذا لا يتم إلا بأصالة التجربة وتناميها. ولا شك أن المؤثر الإدراكي والاجتماعي البيئي يمنحان الشاعرَ أبهى سماته المتأثرة بموثق شعري؛ فالشاعر أياد كاظم جاسم الكربلائي عام 1968م كربلاء، بدأت فطنة التأثر تتحول لديه إلى فطنة شعرية، وذلك في عام 1995م، ومن الطبيعي أن يكون المؤثرُ الخارجي الذي هو عبارة عن بيئة تصيح بنداءات الشعر: (هَلّه هَلّه حسين وينه...). 
 هذا الجرحُ الموروث من قرون حضارية بلور قيمته الوجدانية مأثرة، إضافة إلى عمق المؤثر الفني المهيمن من تجارب لها عنفوانها كتجربة كاظم المنظور، وعبود غفلة، وإبراهيم الشيخ حسون متخذة سمة التغلغل المؤثر الخارجي إلى الداخل النصي عبر المفردات العاشورائية مثل (حزن – جور – مصيبة – لوعة – نحيب- حنظل) ثم تأتي تجربة اكتساب الوعي أثر التقنيات المباشرة ذات الأثر الأكثر وقعاً في حياة أي تجربة، والتي كان معينها الشاعر مهدي هلال الكر بلائي، والشاعر فارس محمد غالي الوائلي... ومثل هذه التأثيرات تكون دليل وعي، لأن القصيدة الحسينية قصيدة فن.
  وقد سعى الشاعر أياد كاظم الكربلائي إلى عدة تقنيات مختلفة تبين علاقة الانسجام النصي بين سياق المبنى الجملي والفضاء العام للقصيدة، فيضيف لعملية الروي عدة طرق تضيف لقدرتها أبعادا فنية معبرة تتسع لاستيعاب البعد العمقي مثل (أنسنة) الأشياء لتحرك المساحة البوحية باتجاه كشف التفاصيل: 
(يا شهر خطار عندك...  أرض الغاضرية)
(وفرشت أرضك منايا إلهم...  بأعظم رزية)
فمفردة (خطار) أعطت مقاربة جوهرية فاعلة، مثلت الواقع الاجتماعي وهو تعامل حداثوي أنسني يركزها في العديد من الجمل الشعرية: 
(جورك لوّع الضيف... اسگيته من المنايا 
چنك تطلب الدين...  ترده بهالرزايا) 
كما يسعى لاستلهام الواقع المؤثر من خلال ذلك الرموز التي هيمنت شعورياً، فشكلت تلك الأسماء هوية ذات مكونات فنية مصحوبة بالمشاهد التضحوية المتوثبة في مخيلة كل متلقي (الحسين، علي الأكبر، جاسم القاسم) وهناك أيضاً (الهواشم، الحرم، الضحايا) محاولاً كسر النمطية الزمكانية باشتغالات حرة، مؤكدة أن قيمة الحدث في عمق استجابته الشعورية ومن متابعة لحركة الروي ستجدها تعمد على أسر الذاكرة، منطلقة من الحدث نفسه ومن الراوي أن يكون الأنا ليفعل الصورة الى المخاطب المتلقي الحاضر: 
(أنا أبن طه المؤتمن والمختار...  وأمي الزچية ووالدي حامي الجار)
ومنها ما يحتوي عل خطابات داخلية: 
(تخاطب الليل بألمهه تگله وين تريد بينه...  ريت لا شاهدنه فجرك ولا صبح صبحك علينه) 
وللمفهوم الزماني داخل اشتغالات الواقعة انعكاسات للكثير من المشاعر الداخلية، لتصبح نقطة الوعي خلق الصورة الواعية كمفهوم العتب الزينبي في التعامل السردي العام، والذي اعترض عليه مجموعة من النقاد بينما العتب الزينبي داخل السرد الخطابي قبل زمن وقوع السيف مشروع، ولكن بعد الواقعة حيث برهن الجميع على تضحياتهم العالية بحيث لا يبقى مجال للعتب والجميل أن أرى هذا الشاعر متيقظ لهذه الحالة: 
(يامئمن الخدري وعمد...  ماكو مثل خوّتك أبد 
 عباس أطلبك بالعهد...   وساعتهه حلّت الليله)
ويبقى السردُ الشعري هو المسعى التواصلي مع البنى المتبقية نتيجة موقف يحتوي الرموز من أجل الوصول الى العمق الشعوري:
(ليله ويه الأكبر هايمه...  وتهل مدامعهه دمه 
جاسم ورمله الحالمه...   شمعت المأتم ضواهه)
وهناك مساعي دقيقة داخل عملية الروي، حيث يتم مخاطبة الجمع الموجود في الأثر التاريخي: 
(أسگي الطفل شربة ماي...  لو هم إله طلابه)
ثم يعتدل ليقيم مخاطبة الجمع المتلقي فيكون النص الواقعي غائبا: 
(ما راعوا اليوم الدين...  ولا حسبوا لحسابه)
وكل هذه التنوعات تعمل أساساً في ربط العلاقة الشعورية بين المتلقي والرموز المقدسة، وهناك بعض السرديات المتنوعة مثل رواية الأم لابنها ليبقى المتلقي على مساحة الاستقبال المستقل: 
(مسحون گلبي بغيبتك...  يبني وثجيل مصابه
يا ريت تسمع نبضته...   وتهيج يمه صوابه)

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/23



كتابة تعليق لموضوع : قراءة في شعرية أياد كاظم الكربلائي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net