صفحة الكاتب : مير ئاكره يي

الغصب في الاسلام وقضية غصب كوردستان
مير ئاكره يي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لقد تناولت الشريعة الاسلامية قضية < الغصب > بكل عناية ودقة وإهتمام من النواحي العلمية ، الشرعية ، الحقوقية ، الدينية والأخلاقية . علاوة على إدانته وإستنكاره وإستقباحه ، ثم جدولته ضمن الجرائم العظمى والذنوب الكبرى ، مع إعتباره  - أي قضية الغصب – ظلما وعدوانا كبيرين بحق الناس وكرامتهم وآدميتهم وأموالهم وثرواتهم . 

قبل نحو عقدين من الزمان أجريت تحقيقا في أكثر من مئة كتاب فقهي للشريعة الاسلامية بشتى مذاهبها في شرق كوردستان المغتصب ، وفي ايران وباكستان أيضا ، فما وجدت كتابا فقهيا واحدا إلاّ وأنه بسط موضوع  < الغصب > وطرحه بشكل مستقل في إحدى فصوله وأبوابه ، ثم شرحه وناقشه بكل جدية ودقة ، مع طرح الحلول العادلة له ، أي إن الشريعة الاسلامية أدانت الغاصب وحرّمت فِعل الغصب كليا وقررت بوجوب إعادة ما غُصِبَ من الحقوق كاملة الى أصحابها ، وأيضا انها قررت وجوب مغادرة الغاصب ، أو الغاصبين وإنسحابهم من الأرض الغصبية التي إحتلونها بالإستيلاء القهري ! .  
وما لاشك فيه إطلاقا ان الاسلام قد حرّم الغصب والعدوان ، أو الاحتلال بالمفهوم المعاصر بجميع أشكاله وأنواعه تحريما كاملا وقاطعا ، وانه شدّد على الغاصبين وشن عليهم حربا لاهوادة فيها . وقد بلغت درجة تحريم الغصب ذروته في الاسلام الى عدم جواز وتحريم العبادات والواجبات الدينية المفروضة المنصوصة عليها من الكتاب والسنة على الأراضي الغصبية للغاصبين ، وفي مقدمتها الصلاة  . أي ان الله سبحانه يرفض أن تقام العبادات في أراض تعرّضت لعدوان الغصب مالم يتب الغاصب ، أو الغاصبون من فعلتهم المحرّمة ويتركوها لأهلها ! . 
الغصب على ثلاثة أنواع  ، هي : 
1-/ الغصب الجنسي كإغتصاب إمرأة ، أو غيرها بالإكراه ، أو بالإغراء نحو القاصرين الذين لم يبلغوا سن القانونية [ الرشد والبلوغ ] من الجنسين الذكر والأنثى . 
2-/ الغصب المحدود : وهو قيام فرد ، أو أكثر بغصب أموال خاصة لفرد ، أو أكثر عنوة وبالقهر ، مثل غصب القصور والدور والبساتين والسيارات وغيرها . وبرأيي إن الغصب الجنسي والغصب المحدود أولى بأن يسميا ب : < الغصب الأصغر > ، لأن هناك غصبا أكبر وأعظم وأخطر منهما على المستويات كافة ، حيث هذا الغصب هو الذي يعنينا وكتبنا من أجله هذه الدراسة . 
3-/ غصب شعب ، أو دولة لشعب ووطنه بالقسر والقوة والعدوان ، أو بأيّ وسيلة أخرى كانت ، ومثال ذلك : كوردستان المغتصبة من قبل المسلمين المجاورين ، أو الدول المجاورة لها . وهذا الغصب أحرى بتسميته في الفقه الاسلامي الجديد ب < الغصب الأكبر > ، وهو في الحقيقة أخطر وأكبر وأشنع أنواع الغصب على الاطلاق  ، لأنه يشمل كل أنواع الغصب وشرورها وسلبياتها ومساوئها ! . 
والغصب بإيجازشديد جدا هو إستخدام القوة ، أو بسط اليد والسيطرة جبرا وقهرا ، أو الاستيلاء عنوة وعنفا ، أو حتى الاستيلاء بغير عنف من قِبَلِ فرد ، أو جماعة ، أو شعب ، أو دولة على حقوق وثروات وأراضي وسيادة فرد ، أو جماعة ، أو شعب أو دولة ما ، سواء كانت تلك الحقوق تتعلق بالمياه والبحار والأنهار وثرواتها ، أو تتعلق بالأرض وخيراتها ، ولافرق أبدا في الحكم الشرعي أكانت الحقوق الممغتصبة قليلة ، أو كثيرة ! . 
إن السبب الأساسي الذي ألح عليّ كتابة هذه الدراسة هو وجود قضية الغصب بين العرب [ العراق وسوريا ] والأتراك والفرس من جهة ، وبين الكورد من جهة ثانية مُذ عقود طويلة ، بل منذ عدة قرون مضت ، حتى يومنا هذا . وللأسف والأسى الشديدين إن الأمة الكطوردية كانت طيلة الحقب المريرة والمأساوية الماضية هي المغصوبة المستعمَرة ، وهكذا فإ جميع حقوقها المادية والمعنوية المشروعة بالشرائع السماوية والبشرية الوضعية كانت ومازالت مغتصبة ومحتلة من قِبَلِ جيرانها المسلمين ، بحيث إنهم ، يالَلحسرة لم يقدروها حق قدرها ، ولم يراعوا فيها عهدا ولاإيمانا ولاضميرا ولاخُلُقا ! . والذي هو معلوم للقاصي والداني إن الدول والأنظمة العربية السورية والعراقية والتركية والايرانية هي غاصبة لوطن الكورد وأرضه وما فيها من خيرات وثروات هائلة ، مع التنكر البشع لهويته القومية والوطنية المشروعة . وهم مازالوا يصرون بكل إستكبار على الاستمرار في غصبهم وإحتلالهم القهري للكورد وكوردستان . أما الأنكى من هذا كله ان الأحزاب والحركات الاسلامية العربية والايرانية والتركية ، مضافا الكثير من علمائهم وفقهائهم ومشايخهم ومفكريهم يؤيدون غصب وإحتلال الدول المذكورة لكوردستان ويرونه حلالا زلالا. بالحقيقة إنهم قد إقترفوا ، ومازالوا إثما مبينا وذنبا عظيما بإباحتهم الحرام ومخالفتهم الصريحة للكتاب والسنة والإجماع ! .
إن الشعب الكوردي هو شعب لاريب فيه واقع تحت طائلة الغصب والاحتلال المحرّمين الآثمين ، وهو شعب مسلم بغالبية ، والشعوب المجاورة له هي شعوب مسلمة بغالبية ، وإن حكوماتها أيضا تدعي بالاسلام ، لكنهم غاصبون منذ عقود طويلة مضت لوطن الكورد وما عليه من ثروات هائلة رأيت لزاما المحاولة – من جانبي – في طرح نوع من الحل لهذه القضية الخطيرة والمستعصية ، وهي قضية إستمرار جيران الكورد في إستعماره وإحتلاله وغصب بلاده كوردستان . وذلك على أمل أن تصبح هذه الدراسة سببا في إحياء الضمائر للحكومات العربية والايرانية والتركية وحركاتهم وأحزابهم الاسلامية لكي يعترفوا بكل شجاعة وإيمان بأن الكورد أيضا هم أمة مثلهم لها كامل الحق والمشروعية في الحرية والاستقلال والتحرر من الاحتلال والتمزق كما يحبون ذلك لهم ! .  
 
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مير ئاكره يي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/08/24



كتابة تعليق لموضوع : الغصب في الاسلام وقضية غصب كوردستان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net