صفحة الكاتب : داود السلمان

ودّع البزون شحمة
داود السلمان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

البزون – اي القط – او الهر، وفي اللهجة العراقية يُطلق عليه هذه التسمية (بزون)، اما لماذا وما هي المناسبة؟  فلا ادري، والبزون حيوان اليف معروف. وهناك عشيرة تسكن جنوب العراق تسمى (آل بزون) واما لماذا سميت بهذه التسمية؟ ايضا اجهل الامر.  

وفي (حياة الحيوان الكبرى) للعلامة كمال الدين الدميري تفاصيل عن البزون، حيث ذكر اوصاف هذا الحيوان وخصائصه وبعض طباعه وعاداته، وذكر ان علماء المسلمين حكموا بالإجماع على حرمة اكل لحمه، وتطرق ايضاً عن رؤيا الانسان للقط في الحلم وماذا تعني، وقضايا اخرى.

والبزون هو حيوان اليف (ويوجد ايضا بزون بري او وحشي) والليف محبوب ويعيش داخل البيوت، في المدن وفي القرى وغيرها، وعادة ما تربيه الاطفال وتنيمه في فراشها، وتستأنس به.

وفي طفولتي اتذكر قد ربيت اربع او ثلاث بزازين، كان بزون منهن يعرف صوتي ويميزه عن الاصوات الاخرى، وكذلك يعرف حركاتي ومداعباته له، ويمسح برأسه ظهري حينما اجلس على مائدة الغداء او العشاء او الافطار، وكأنه يطلب مني ان يشاركني المأكل!. وكنت اذا ما جئت ليلاً وطرقت الباب، فيسمع تلك  الطرقات فيجري مسرعاً يريد أن يفتح الباب لي، قبل أن تفتحه لي والدتي، فتقول لي: هذا بزونك يريد ان يفتح لك الباب!. وقد مات ذلك البزون بحادث مؤلف، ووقتها حزنت عليه حزناً شديداً. اما البزازين الاخرى التي ربيتها، فلكل منها حكاية وشأن. 

وفي الامثال لدينا مثل يقول: (ودع البزون شحمة)، فالبزون لا يتوانى أن وضعت امامه طعاماً الا وهجم عليه بلحظة واحدة، حيث لا يصبر على ذلك، ولا يحسب حساباً آخر، ولا يراع حرمة!، عكس الكلب تماماً. خصوصاً اذا كان الطعام قطعة من اللحم او الشحم، فلا تشعر الا وقد هجم عليها بلمح البصر، وفر بها خارج المنزل. ولهذا تضرب الناس المثل هذا بالإنسان منكر المعروف اذا ما ائتمنته على امانة فسرعان ما ينقض عليها ويأخذها لنفسه ويجعلها غنيمة!، ناسياً او متناسياً الشخص الذي ودعه هذه الامانة، ووضها في عنقه.   

 والمثل هذا ينطبق على ساستنا اليوم، اي بعد 2003، فهم منذ هذه الفترة والى يومنا هذا، حيث اودعناهم ووضعنا في اعناقهم اموالنا، ومنحناهم ثقتنا بانتخابات يقال لها نزيهة وديمقراطية، والنتيجة هذه المعروفة للجميع، للقاصي والداني، مليارات الدولارات سرقت وذهبت الى العديد من الدول الاجنبية، وثمة بطون عراقية لا عهد لها بالشبع، عوائل تسكن العراء، اطفال تركت المدارس وذهبت تبحث عن لقمة العيش فلا تجدها، ووضع مزري ومنهار ينذر بوضع اكثر دماراً. ولا زال ساستنا في صراع مستمر وقتال دائم على الكراسي والمناصب والامتيازات، كأنهم ليس مكتفين بالأموال التي سرقوها وهربوها.

ومع كل هذا نقول: ليس الذنب ذنب هؤلاء اللصوص!، بل الذنب كل الذنب ذنبنا نحن، لأننا من جاء بهم الى دفة السلطة وكرسي الحكم، والشعب هو الذي يتحمل كل ما يجري حيث ودع البزون شحمة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


داود السلمان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/16



كتابة تعليق لموضوع : ودّع البزون شحمة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net