صفحة الكاتب : باسم اللهيبي

حديث في العدل الالهي من صفحة أكسير الحكمة
باسم اللهيبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عقائد/المنشور رقم (١) في العدل الإلهي
[معنى العدل الإلهي]
العدل : هو تنزيه الباري تعالى عن فعل القبيح والاخلال بالواجب . (النافع يوم الحشر ٦٨)
والقبيح المنزه عنه الباري تعالى هو كالظلم والكذب وتكليف البشر بما لا يطيقون وغير ذلك .
والواجب الذي لايتركه الخالق تعالى هو كبعث الانبياء وتنصيب الحجة وانصاف المظلوم وغير ذلك .
ومعنى الواجب بالنسبة لله تعالى هو ما تقتضيه حكمته وكماله المطلق ، فلس هناك من يوجب عليه شيئا . 
والعدل هو صفة من صفات الله تعالى الثبوتية الكمالية ..
 
عقائد/المنشور رقم (٢) في العدل الالهي
[الدليل العقلي على العدل]
العقل يحكم بأن الله تعالى عادل لا يفعل القبيح ويفعل ما ينبغي فعله .
وذلك : ان الظلم له عوامل تقتضيه ، فإن الظالم لا يقدم على الظلم بكل انواعه الا اذا توفر احد هذه العوامل ، وهي :
١- العبث ، فان العابث غير الحكيم قد يرتكب القبيح تشهيا ولهوا وعبثا .
٢- الاحتياج ، فإن المحتاج قد يرتكب القبيح لجلب مصلحة او لدفع مفسدة .
٣- العجز والجبر ، فإن العاجز والمجبور قد يرتكب الظلم والقبيح اضطرارا ، ومن دون اختيار منه ..
٤- الجهل ، فإن الجاهل قد يرتكب الفعل القبيح ويترك الحسن لجهله وعدم معرفته بقبح القبيح وحُسن الحسن .
فكل ظلم لابد ان يصدر عن عامل من هذه العوامل ..
ولو طبقنا ذلك على الله تعالى لوجدنا انه تعالى منزه عن كل هذه العوامل التي تقتضي الظلم وفعل القبيح وترك الحسن .
لما ثبت في محله في حديثنا عن الصفات في مباحث التوحيد .
اذن ثبت انه تعالى منزه عن الظلم لتنزهه عن كل ما يستدعي الظلم ..
 
عقائد/المنشور رقم (٣) في العدل الالهي
[النصوص القرآنية التي تناولت العدل الإلهي]
وهذا الدليل يخاطب المسلمين باعتبارهم يؤمنون بحجية القرآن الكريم ..
الايات القرآنية الكريمة هي الاخرى تؤكد وتنبه على ان الله تعالى عادل لا يصدر عنه ظلم ، كما في قوله تعالى :
(شهد الله انه لا إله الا هو والملائكة والو العلم قائما بالقسط) آل عمران ١٨ . 
وقوله :(إن الله لا يظلم الناس شيئا) يونس ٤٤ .
وقوله تعالى :(إن الله لا يظلم مثقال ذرة) النساء ٤٠ .
وقوله :(وما الله يريد ظلما للعباد) المؤمن ٤١ .
وغير هذه الآيات التي تنبه على ان الله تعالى لايظلم احدا .
 
عقائد/المنشور رقم (٤) في العدل الإلهي
[الحُسن والقُبح العقليين]
رغم ان المذاهب الاسلامية قد اتفقت على انه تعالى عادل نظرا للآيات الواردة في ذلك التي ذكرنا بعضها في منشورنا السابق ، الا انهم اختلفوا في تفسيره .
بمعنى ، ان الله تعالى حين لا يفعل القبيح ولا يترك الحسن وما ينبغي فعله ، هل القبيح الذي لا يفعله ، والحسن الذي لا يتركه ، بمنظور العقل ؟ ام لا علاقة لتحديدات العقل ، بل المعوَّل عليه في تحديد الحُسن والقُبح هو الشرع والوحي ؟
ذهب (العدلية) وهم الشيعة والمعتزلة ، الى ان المقصود بالحَسَن الذي يفعله الله والقبيح الذي لا يفعله ، هما الحسن والقبيح الذي يكتشفهما العقل البشري ، فكل ماهو قبيح بنظر العقل ، يتنزه الله عن فعله ، وكل ماهو حَسَنٌ بنظر العقل ولا ينبغي تركه ، يفعله الله تعالى ، فالكذب والجور وكل قبيح بنظر العقل يتنزه الخالق عن فعله ، وانصاف الخلق واثابة المحسن وكل حسن لا ينبغي تركه
بنظر العقل يفعله الله .
وقد ذهب غيرهم ومنهم (الاشاعرة) الى ان تحديد الحسن والقبيح هو بمنظور الوحي والشرع ولا علاقة للعقل بذلك .
فالكذب قبيح اذا قبّحه الوحي ، وقد يكون حسناً اذا حسّنه الوحي ، والانصاف حسَنٌ اذا حسّنه الوحي ، وقد يكون قبيحاً اذا قبّحه الوحي ، فقد يثيب الله العاصي ويعتبر هذا الفعل حسن ، ويعذب المطيع . وليست هناك اي قواعد عقلية وفطرية تميّز القبيح من الحسن .
فرأي العدلية يسمى (الحسن والقبح العقليين) .
ورأي غيرهم يسمى (الحسن والقبح الشرعيين) .
والحق أن الحسن والقبح عقليان لا شرعيان ، بدليلٍ سوف نسوقه في المنشور رقم (٥) إن شاء الله تعالى .
انتظرونا ..
 
عقائد/المنشور رقم(٥) في العدل الإلهي
 
< أدلة كون الحُسن والقُبح عقليين لا شرعيين >
ذكرنا في المنشور السابق ان الشيعة ذهبوا الى ان العقل يمكنه ادراك الحُسن والقُبح ، وأن الخالق تعالى لا يفعل القبيح الذي مكّن العقل من ادراكه ولا يترك الحسن كذلك ، وهذا ما خالفنا به الاشاعرة ، حيث قالوا بان العقل عاجز عن ادراك حُسن وقُبح الافعال ، والمعرّف الوحيد في ذلك هو الشرع ، وعليه فإذا أدخل الله الصالح الى النار وادخل الطالح الى الجنة واعتبر ذلك حَسَنا كان ذلك عدلا .. بينما الشيعة يقولون هذا قبيح اكتشفه العقل ويستحيل ان يفعله الله ذو العدل العظيم ..
ولنقيم الدليل على ان الحُسن والقُبح عقليان لا شرعيان ، وهو مانذهب اليه :
الدليل الاول :
إن كل إنسان - مهما كان دينه ومسلكه ، واينما حل من بقاع الارض - يدرك بنفسه حسن العدل وقبح الظلم ، وكذلك يدرك حسن الوفاء بالعهد وقبح نقضه ، وحسن مقابلة الإحسان بالإحسان وقبح مقابلة الإحسان بالإساءة .
ودراسة التأريخ البشري تشهد بهذه الحقيقة وتؤكدها ، ولم يُرَ حتى اليوم عاقلٌ ينكرها قط .
انتظرونا في الحلقة القادمة لنطرح الدليل الآخر بإذن الله تعالى ..
 
عقائد/المنشور رقم (٦) في العدل الإلهي
 
اقامة الدليل على كون الحُسن والقُبح عقليين لا شرعيين
🌀الدليل الثاني🌀 
لو فرضنا أن العقل يعجز تماما عن ادراك حُسن الافعال وقُبحها ، وايحتاج الانسان في معرفة حُسن جميع الافعال وقُبحها الى الشرع ، يلزم من ذلك عدم امكان اثبات الحُسن والقُبح الشرعيين أيضا ذلك لأننا لو فرضنا إن الشارع اخبر عن حسن فعل او قبح آخر لا يمكننا أن نتوصل الى معرفة حسن ذلك الفعل او قبحه بواسطة هذا الإخبار ، مادمنا نحتمل الكذب في إخبار الشارع وكلامه الا اذا ثبت قبل ذلك قُبح الكذب وتنزّه الشارع عن هذه الصفة القبيحة ، ولا يمكن اثبات ذلك الا من طريق العقل .
انتظرونا في الدليل الثالث وهو عبارة عن آيات قرآنية . غدا إن شاء الله تعالى .
 
عقائد/المنشور رقم (٧) في العدل الإلهي
 
اقامة الدليل على كون الحُسن والقُبح عقليين لا شرعيين
🌀الدليل الثالث🌀
علاوة على ماتقدم من ادلة على مبنى الشيعة في الحُسن والقُبح ، فإن آيات القرآن الكريم ايضا يستفاد منها ان العقل قادر على إدراك قُبح وحُسن بعض الافعال .. حيث احتكمت تلك الآيات للعقل في تحديد بعض الافعال كما في ( افنجعل المسلمين كالمجرمين . مالكم كيف تحكمون) القلم ٣٥ - ٣٦ . وكما في (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) الرحمن ٦٠ .
فان الآيتين الكريمتين جعلتا العقل هو الحاكم في الموضوعين المشار اليهما فيهما ..
 
تنبيه :
لا يتوهم شخص ليعتقد أن كل الافعال يستطيع ان يدرك العقل حسنها وقبحها ، بل هناك الكثير الكثير مما هو خافٍ على العقل ولا يستطيع ان يحكم بها ولذلك احتاج الى تدخل الشارع ليبتَّ في تلك الموضوعات ..
 
عقائد/المنشور رقم (٨) في العدل الإلهي
 
🌀سؤال وجواب🌀
 
السؤال : 
انكم قلتم أن الحُسن والقُبح عقليان لا شرعيان ، واقمتم الأدلة على ذلك ، ولكن قولكم هذا لا يتلائم مع قوله تعالى ( لا يُسئل عما يفعل وهم يُسئلون) فلا يُسأل الله تعالى عن اي فعل قام به ، والحال انه بناءً على كون الحُسن والقُبح عقليين اذا فعل الله ما يخالف العقل - افتراضا - سوف يُسأل ، ويقال : لماذا فعل الله هذا الفعل ؟ 
الجواب : 
انما لا يُسأل الله عن فعله لانه حكيم ، والحكيم لا يصدر منه القبيح قط ، ففعله ملازم للحكمة ابدا ، ولهذا لا يبقى هناك ما يستدعي المساءلة والإستفسار .
 
عقائد/ المنشور رقم (٩) في العدل الإلهي
 
🌀مظاهر العدل الإلهي - العدل التكويني🌀
 
إن للعدل الإلهي في مجالات التكوين والتشريع والإجزاء مظاهر مختلفة ، نبينها واحدة بعد أخرى .
مظهر العدل التكويني :
لقد أعطى الله تعالى لكل مخلوق خَلَقَه ماهو لائقٌ به ، ولازم له ، ولم تغب عنه القابليات عند الإفاضة والإيجاد ابدا .
يقول القرآن الكريم :(ربُّنا الذي أعطى كل شيء خَلْقَهُ ثم هدى) طه ٥٠ .
وهذا ما اكتشفه العلماء الفيزياويين والأحيائيين ، والطبيعيين والفلكيين والأطباء بمختلف تخصصاتهم ، وغيرهم . بل حتى الناس البسطاء بقدر معرفتهم .
 
عقائد/المنشور رقم(١٠) في العدل الإلهي
 
🌀مظاهر العدل الإلهي -العدل التشريعي🌀
 
لقد جعل الله تعالى في نفس الإنسان قابلية الرشد والتكامل واكتساب الكمالات المعنوية ، وبما أن العقل لوحده لا يستطيع أن يحدد كل ما يوصل الإنسان الى الكمال المنشود -لمحدوديته- ارسل الله تعالى انبيائه ورسله ، وشرّع القوانين السماوية لهداية الإنسان وكلّفه بتكاليف من شأنها ان توصله الى طريق تكامله المطلوب .
و كان من سمة تلك القوانين والسنن والتكاليف أنها بوسع الانسان أن ينفذها وليست فوق طاقته ( لايكلف الله نفساً إلا وسعها) . البقرة ٢٨٦ .
فالتكاليف هي لمصلحة الانسان ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكَّرون) النحل ٩٠ . فالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى توجب كمال الإنسان فأمر بها ، بينما الثلاثة الأخرى في الآية توجب سقوط الإنسان فنهى عنها ، إذن هذا التكليف هو لمصلحة الإنسان بالنهاية ، وهذه هي القاعدة العامة في تكاليف الشريعة ، ويجب ارجاع كل ما يشتبه فيه ( هل أنه بمصلحة الإنسان أو لا ؟ ) الى هذه القاعدة اعتماداً على حكمة المشرّع ، وتمامية المنظومة العقائدية التي أقيمت الأدلة القطعية عليها ... والتي ستحصل عليها - إن شاء الله تعالى - خلال متابعتك لصفحة #اكسير_الحكمة ، فالتشريع مظهر من مظاهر العدل الإلهي .
 
عقائد/المنشور رقم(١١) في العدل الإلهي
 
🌀مظاهر العدل الإلهي - العدل في الجزاء🌀
 
إن الله تعالى لا ينظر الى المؤمن والكافر والمحسن والمسيء - من حيث الجزاء - نظرة واحدة قطعا ، بل يجازي كلاً بحسب استحقاقه ووفقا لعمله فيثيب المحسن ويعاقب - لو شاء - المسيء .
ثم إنّ العقاب مشروط بإقامة الحجة وكونها بمتناول يد من يبحث عنها ، فلو فرضنا أنّ امة لم يبعث الله لهم حجةً ، فان الله تعالى لا يعذبهم قال تعالى : (وما كُنّا مُعذبين حتى نبعث رسولا) الإسراء ١٥ . وكذا لو فُرض أن إنساناً لم يستطع من إدراك الحجة لقصور عقلي ، فإن الله تعالى سوف لن يعذبه حتى مع ارتكابه لما نهى الله تعالى .
نعم من يستطيع أن يدرك الحجة الواصلة إليه ، ولم يُتعب نفسه إهمالاً وتقليداً بالاتكال على غيره فهو مُدان و"مستحق" للعقاب .
 
عقائد/المنشور رقم(١٢) في العدل الإلهي
 
🌀قاعدة اللطف🌀
 
إن الله تعالى خلق الإنسان لهدف خاص - وليس عبثا - وهو وصول الانسان إلى الكمال المطلوب .
ولو كان هذا الهدف متوقف على مقدمات ، هيأ الله سبحانه تلك المقدمات ، وسهّل له طريق الوصول الى الهدف ، وإلا كان خلق الإنسان عبثا خاليا عن الهدف .
من هنا بعث الله انبيائه ورسله ونصب الائمة الهدات ، وزودهم بالبينات والحجج  ، ثم إنه ترغيبا لعباده في الطاعة ، وتحذيرا لهم عن المعصية (وهما الواقعان في طريق كمال الانسان) ضمَّنَ تلك الرسالات وعدا ووعيدا ، فبشروا وانذروا .
وهذا الذي ذكرناه هو المسمّى ب(قاعدة اللطف) 
وهي  من عدله تعالى إذ خلق الانسان لهدف الكمال ولابد من أن يهيئ له سبل الوصول اليه كي لا يكون الخلق عبثيا .
وهذه القاعدة هي الأساس للكثير من القضايا العقائدية .
 
عقائد/المنشور رقم(١٣) في العدل الإلهي
 
🌀القضاء والقدر🌀
 
المعنى اللغوي :
القدر : هو المقدار  . والقضاء هو الحتم والجزم .
في الكافي عن الإمام الرضا ع : ( القدر هي الهندسة ، ووضع الحدود من البقاء والفناء .
والقضاء هو الإبرام وإقامة العين ) .
 
وسنبسط الكلام في القضاء والقدر في عدة منشورات :
- معناهما حسب المصطلح الديني .
- تقسيماتهما .
- عدم التنافي بين القضاء والقدر وقضية الإختيار .
- إقامة الأدلة على ذلك .
تابعونا ...
 
عقائد/ المنشور رقم(١٤) في العدل الإلهي
 
🌀القضاء والقدر - في القرآن الكريم🌀
 
إن القضاء والقدر من المسلَّمات القرآنية التي وردت في الكثير من الآيات ، وإليك بعضاً منها :
قوله تعالى في القدر : ( إنا كل شيءٍ خلقناه بقدر ) القمر ٤٩ .
كذلك قوله تعالى : ( وإن من شيءٍ الا عندنا خزائنه وما نُنَزِّلُهُ إلا بقدرٍ معلوم ) الحجر ٢١ .
وفي القضاء قوله تعالى : ( وإذا قضى أمرا إنما يقول له كن فيكون ) البقرة ١١٧ .
وأيضا قوله تعالى :( هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا ) الأنعام ٢ .
ولاجل هذه الآيات وكذا متواتر الروايات لا يصح لمسلم انكار القضاء والقدر .. 
نعم لا يجب عليه الخوض في مسائلهما ، والإلمام بتفاصيلهما ..
فإن مسائل القضاء والقدر مسائل دقيقة .. والنصيحة لمن لا يستطيع إدراكها أن يتجنبها .
 
عقائد/ المنشور رقم (١٥) في العدل الإلهي
 
🌀القضاء والقدر - معنى القدر عقائدياً🌀
 
القدر في الإصطلاح العقائدي ، يعني تقدير وتحديد خصوصيات الاشياء المخلوقة لله تعالى .
فإن لكل مخلوق من مخلوقاته تعالى خصوصيات وحدود بها يتميّز هذا المخلوق عن غيره ، فلوجود الجماد مثلا حد خاص ، ومقدار معين ، وهكذا النبات والحيوان ، كلٌّ له حدود معينة وخصوصيات ، ومقادير .
ثم إن الوجود المقدّر لكل شيء هو بدوره مخلوق لله تعالى ، لذا فإن من الطبيعي أن يكون التقدير والتحديد نفسه تقديرا إلهياً .
وهذا التقدير باعتباره فعلا لله تعالى يسمى ( التقدير الفعلي ) .
وباعتبار هذا التقدير معلوماً لله تعالى قبل خلقه ، يسمّى ( التقدير العلمي ) .
وفي الحقيقة :
إن الاعتقاد بالقدر هو اعتقاد بخالقية الله من جهة تحديد خصوصيات الأشياء .
ولمّا كان هذا التقدير الفعلي للخصوصيات مستند الى علم الله تعالى الأزلي ، كان الإعتقاد بالقدر اعتقاد بعلم الله الازلي أيضا .
تامّل جيدا ،  فإن البحث دقيق .. انتظرونا لتعرفوا معنى القضاء .
 
عقائد/ المنشور رقم(١٦) في العدل الإلهي
 
🌀القضاء والقدر - معنى القضاء عقائدياً🌀
 
ومعنى القضاء في الاصطلاح العقائدي ، هو تحقيق الشيء في الخارج .
ولا يتحقق الشيء ابداً إلا بتحقق علته التامة ، وبما أن سلسلة العلل تنتهي الى علة العلل وهو الله تعالى ، فيكون تحقق اي شيء وحتمية وقوعه يستند في الحقيقة الى قدرة الله تعالى ومشيئته .
فيكون معنى القضاء هو تحقق الأشياء وحتميتة وقوعها بإذن الله تعالى ومشيئته . وهذا ما يسمّى بالقضاء ( الفعلي ) لانه يتعلق بفعله تعالى .
ثم إن علم الله تعالى الأزلي بهذه الحتمية ، يسمّى (القضاء العلمي) أو الذاتي . 
ثم لا تشتبه بأن معنى ذلك أن الانسان مجبور على افعاله مادام الله هو الذي يقدر ويقضي ، لأنك ستعرف أن الله تعالى قدّر أن يكون الإنسان مختارا ثم حقق ذلك وقضاه وحتمه . 
تابعونا لمعرفة المزيد .
 
عقائد/المنشور رقم (١٧) في العدل الإلهي
 
🌀العلاقة بين القضاء والقدر🌀
 
بعد أن عرفنا معنى القدر ومعنى القضاء وأنهما ينقسمان الى (الفعلي) و(العلمي) تبيّن لنا جميعا أن علاقة القدر بالقضاء هي علاقة المقدمية ، بمعنى أن القدر هو مقدمة للقضاء ، وذلك لان تحديد خصوصيات الشيء وأنه على أي مقدار وحد وصفة سيوجد ، وهو القدر ، هذا سيكون مقدمة لتحقيقه في الخارج وحتميته ، وهو القضاء .
 
عقائد/المنشور رقم (١٨) في العدل الإلهي
 
🌀لا تنافي بين القضاء والقدر وبين الإختيار🌀
 
إن القضاء والقدر في مجال أفعال الإنسان لا ينافيان اختياره وحريته في الفعل والترك أبداً .
وذلك :
لأن التقدير الإلهي بالنسبة للإنسان هو فاعليته واختياره وإرادته ، وأن يكون فعله وتركه تحت اختياره وإرادته .
وأن القضاء الإلهي بالنسبة لفعل الإنسان هو حتميته وتحققه بعد اختيار الانسان له بإرادته .
وبعبارة اخرى :
إن خِلقَة الإنسان مجبولة على الإختيار ، ومزيجة بحرية الإرادة ومقدّرة بذلك ، وإن القضاء الإلهي ليس إلا ذلك ، وهو أن الإنسان متى ما أوجد أسباب وقوع فعل ما  تمَّ التنفيذ الإلهي من هذا الطريق .
 
إن اعتبار عصيان شخص ما ناشئ من التقدير الإلهي ، ويتصور أنه لا يستطيع أن يسلك طريقا آخر ، هذا الإعتقاد مخالف لحكم العقل والوجدان والوحي أيضا ، وذلك لأن العقل يقضي بأن الانسان هو الذي يختار بنفسه مصيره ، والوجدان كذلك ، لاننا نجد من انفسنا اننا مختارون غير مجبورين على فعل الخير او الشر ، بل بمحض ارادتنا كل ما يصدر عنّا ، كذلك الوحي ، فإنه يرى أن الإنسان باستطاعته أن يسلك سبيل الخير وسُبُل الشر ، قال تعالى : ( إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً) الإنسان ٣ .
حتى أنه انكر على من يعتقد من المشركين أن ضلالهم ناشئ من المشيئة الإلهية ( سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آبائنا ولا حرّمنا من شيء) الأنعام ١٤٨ وردّ عليهم ( كذلك كذّب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا ) .
 
عقائد/ المنشور رقم(١٩)في العدل الإلهي
 
🌀الانسان مختار وغير مجبور في أفعاله🌀
 
إن اختيار الإنسان وحرية إرادته ، حقيقة مسلّمة وواضحة ، وفي مقدور كل أحد أن يدرك ذلك من خلال ما سنشير إليه :
أولا : إن وجدان كل شخص يشهد بأنه قادر أن يختار احد الأمرين - الفعل او الترك - والمفروض ان لا تردد لدى الانسان السوي العاقل بهذه البديهة .
ثانيا : أنه لو كان الانسان مجبورا على افعاله واليس مختارا فيها ، لأصبحت مخاطبته الأوامر والنواهي الشرعية من المحرمات والواجبات عبثا ، باعتبار أنه ليس بمقدوره ان ينفذ ما أمر به ولا ينتهي عما نهي عنه .
ثالثا : أنه على فرضية عدم الإختيار يكون الثواب والعقاب بل الوعد والوعيد بهما امرا لا معنى له ، إذ من غير الممكن ان تعد شخصا بالجنة او تتوعده بالنار والحال أن الفعل يصدر عنه مجبورا وبلا اختيار منه .
رابعا : تصبح دعاوي الإصلاح - حسب نظرية سلب الاختيار - وكذا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر المأمور بهما شرعا ، تصبح كل هذه الامور لاغية ولا قيمة لها بعد كون الانسان مجبورا على افعاله ، مع اننا نجد تحولا في بعض المجتمعات تأثرا بدعوات الإصلاح ، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، مما يدلل بصورة جلية على ان الإنسان مختار في الفعل والترك .
علاوة على ذلك النصوص الدالة على ان الإنسان باستطاعته اختيار سبيل الخير أو سبُل الكفر .
 
عقائد/المنشور رقم (٢٠) في العدل الالهي
 
🌀لا جبر ولا تفويض بل امر بين امرين🌀
 
بعد وفاة النبي ص طرحت مسائل خاصة بالمجتمع الاسلامي ، منها :
 كيفية صدور الفعل من الانسان ، فقد ذهب فريق الى اختيار عقيدة الجبر
وأن الإنسان فاعل مجبور مسيّر ، وذهب آخرون الى التفويض وأن الانسان كائن متروك لحاله مفوَّض اليه وأن افعاله لاتستند الى الله مطلقاً .
ان كلا الفريقين تصورا في الحقيقة ان الفعل إما ان يستند الى الانسان او يستند الى الله (اي إما أن تكون القدرة البشريه هي المؤثرة وإما ان تكون القدرة الإلهية هي المؤثرة ولا خيار ثالث)  في حين هناك خيار ثالث ارشدنا اليه الائمة المعصومون ع .. يقول ابو عبد الله : (لا جبر ولا تفويض ولكن امر بين الامرين ) بمعنى أن فعل الإنسان في حال كونه مستندا الى العبد مستند الى الله تعالى ايضا ، لانّ الفعل صادر من الفاعل وهو الانسان وفي نفس الوقت يكون الانسان وقدرته على الفعل مخلوقين لله تعالى ، فكيف يمكن ان ينقطع عن الله تعالى .
إن طريقة أهل البيت ع في بيان حقيقة الفعل البشري تتطابق تماما مع ما جاء في القرآن الكريم ، فربما نسب القرآن فعلا - مع نسبته واسناده الى فاعله - الى الله تعالى ايضا ، يعني أن القرآن يقبل كلا الاسنادين وكلتا النسبتين اذ يقول ( وما رميتَ إذ رميتَ ولكنّ اللهَ رمى ) والمراد هو أن النبي الاكرم ص عندما قام بفعلٍ لم يفعله بنفسه بل فعله بالقدرة الالهية وعلى هذا الأساس تصح كلتا النسبتين .
وأما ما ذهب إليه الأشاعرة وهو الجبر فيؤدي الى الاعتقاد  بسلب عدالة الله تعالى الله عما يقولون .
واما ما ذهب اليه المعتزلة وهو التفويض فيؤدي الى الاعتقاد بتحديد حاكمية الله تعالى الله عما يصفون .
والحق هو ماذهب اليه الامامية اعزهم الله .
 
عقائد/ المنشور رقم (٢١) في العدل الإلهي
 
🌀ﻻتنافي بين علم الله الأزلي  وحرية الأنسان🌀
  
نحن مع اعتقادنا  باختيار  الأنسان وحرية ارادته نعتقد ان الله كان عالما  بفعلنا  من الأول  وﻻ منافاة   بين العقيدتين فان على الذين  ﻻيمكنهم  الجمع بين هذين الاعتقادين  ان يعلموا  ان علم الله  الأزلي  تعلق بصدور  الفعل من الأنسان على نحو الاختيار ومن الطبيعي ان ﻻيتنافى مثل هذا العلم  مع حرية الأنسان وكونه  مختارا 
وبعبارة  أخرى :ان  العلم الالهي كما تعلق باصل صدور الفعل من الأنسان 
تعلق كذلك بكيفية صدور الفعل  عنه (وهو اختيار الأنسان  و انتخابه بنفسه)
ان مثل هذا العلم الأزلي ليس فقط ﻻيتنافى مع اختيار الأنسان بل يثبت  ذلك ويؤكد ه ﻻن الفعل  اذا لم يصدر من اختيار الأنسان لم يكن علم الله  آنذاك كاشفا عن الواقع  ﻻن كاشفية العلم أنما تكون  اذا  تحققت على النحو  الذي تعلق بالشيء ومن الطبيعي ان العلم الالهي تعلق بصدور  الفعل البشري على النحو الاختياري يعني ان يقوم الأنسان بهذا العمل بصورة حرة وباختياره وارادته ففي هذه الصورة يجب ان يقع الفعل ويتحقق بهذه الخصوصية ﻻعلى نحو الجبر و  الاضطرار  
من هذا  البيان اتضح عدم  تنافي ارادة  الله الازلية  مع اختيار الأنسان و كونه حرا في ارادته .
 
عقائد/ المنشور رقم (٢٢) في العدل الإلهي
 
🌀فلسفة الحوادث الأليمة🌀
 
لقد تبين في المنشورات السابقة أن الله تعالى لا يمكن أن يظلم عباده وقد اقمنا الدليل على ذلك .
ولكن هناك من يسأل ، كيف نوافق بين العدل الالهي وبين الحوادث الاليمة التي تحصل كالفيضانات ةالزلازل والكوارث الطبيعية الأخرى ؟
والجواب : 
نحن نعلم وفق ماتقدم في التوحيد حكمة الله تعالى وأنه لا يفعل أي شيء الا وفي ذلك حكمة اقتضت هذا الفعل ، ولو راحعنا شيئا من الحوادث التي يذكرها القرآن الكريم عن الأمم السابقة التي حصلت فيها مثل تلك الحوادث لاكتشفنا شيئا من تلك الحكمة ، يقول الله تعالى في الكتاب الكريم « فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود » هود ٨٢ ، فالآية الكريمة تتحدث عن بُعدٍ عقابي لهذه الحوادث .
وفي موضع آخر يقول عزّ اسمه « فاعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم » سبأ ١٦ .
ويأتي بعض هذه الحوادث لأجل إيقاظ الإنسان وإعادته الى طريق الحق كما قال : « ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلّهم يرجعون » الروم ٤١ .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باسم اللهيبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/14



كتابة تعليق لموضوع : حديث في العدل الالهي من صفحة أكسير الحكمة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net