صفحة الكاتب : عمار العامري

تداعيات الصراع بين الإسلام والألحاد
عمار العامري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   عقد ونصف خلت؛ والأحزاب والتيارات السياسية لم تستطع أقناع المواطن العراقي بأطروحتها, ما جعل التقدم الفكري لصالح كفة الألحاد السياسي, نتيجة فشل أحزاب السلطة, بتقديم أنموذج أصلح لقيادة الإسلام السياسي, فالابتعاد عن الشارع عقائدياً, وزج أفراده بالصراعات من أجل المناصب والمواقع, أظهر تراجعهم, وقدم الالحاد منافس قوي لهم بالساحة الفكرية.

   تحدثنا في مقال سابق بعنوان, (حقيقة الصراع الفكري في العراق), عن كيفية إدارة الدولة العراقية الحالية, التي تدار بأيادي الالحاديين والطائفيين والبعثيين, الماسكين مقاليد إدارة الدولة العميقة, رغم إقرار التشريعات التي تحضر وجودهم, ما أنعكس سلباً على الحياة بكل مجالاتها, وباتت النقمة على الاسلام الحقيقي, أكثر مما على المسببات لتوسع الانحراف الفكري والعقيدي, ونقصد بذلك الكيانات السياسية ذات الطابع الإسلامي.

   ما جعل تلك الكيانات, تبادر لتقدم أنموذج جديد, لمعالجة النفور الحاصل بالمجتمع اتجاهها, وهو "أطروحة المدنية المتأسلمه" ذات الصبغة الدينية, التي تمثل حالة التزاوج بين اللبرالية المنفتحة على الألحاد واللا دينية, وبين إسلامية معاوية, التي تمثل المعنى الحقيقي للإلحاد السياسي, عندما أنقلب معاوية على الدولة آنذاك, بعدما نقض أتفاقه مع الإمام الحسن "ع", مهد لتقديم نفسه "الرب الثاني" لأهل الشام.

   بذلك تجسدت نظرية العبودية للنظام السياسي ورجاله, وهكذا بدء الانحراف نحو قبول الأفكار الدخيلة, وجعلها بديل عن أحكام الإسلام, فالانفتاح الذي تمارسه الكيانات السياسية لقبول البديل, إن كان إسلامي مدني, أو مدني علماني, هو نتاج أتساع هوت الصراع الفكري, وقلة حجة برهان الإسلاميين في مواجهة الأدلة غير الواقعية, التي يقدمها التيار المدني, بتجاهله الواضح للقيم الحقيقية, والثوابت الراسخة للنظرية الإسلامية.

   ما جعل المساحات الخصبة في الجامعات والمراكز الثقافية, تتقبل ما هو جديد, وتنمي القدرات الذهنية للشباب والنخبة على الانحراف, وترسخ مفاهيم فشل الإسلاميين بإدارة الدولة, وتقديم نماذج سيئة عنهم, لذا أصبح الملتقي أكثر قناعة بأطروحتهم, أمام احتضان أحزاب الإسلام السياسي للانتهازيين والفاشلين, ودفاعها عن المفسدين, بالتزامن مع التلميع المستمر عبر وسائل الاعلام, لصورة رموز الالحاد السياسي المزيفة, وأربابه عبر التاريخ.

   لا نتجاهل حقيقة؛ إن المجتمع العراقي أكثر الشعوب تقبل للأفكار, وانسجاماً معها, والتجارب غنية بذلك, كون كل الأطروحات السابقة مع فسادها, أنتجت الحاداً سياسياً, يُعبد حد النخاع, ولنا في تجربة البعث القريبة مثالاً ملموس لذلك, اليوم موجة الاجتياح الإلحادي للمجتمع العراقي, ليست جديدة أمام الأمواج الأخرى في التاريخ المعاصر, لكن هذه المرة جاءت على أطلال فشل تجربة حكم الأحزاب الإسلامية.

   ما يعني؛ إن تلك الأحزاب, تتحمل العبء الأكبر للانحراف الفكري والعقائدي بالعراق, كون البلد محفوف بالقداسة, والحضارة الاسلامية مبنية على الثقافة والعلوم الراسخة, وتقبل أبنائه الفكر الإلحادي يجعل الجميع أمام مسؤولية تاريخية, تحفز المجتمع لمواجهة ذلك, فالفشل لا يتحمل الإسلام, بقدر ما يتحمله من أستخدم الإسلام غطاء لتحقيق مصالحه الدنيوية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عمار العامري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/08



كتابة تعليق لموضوع : تداعيات الصراع بين الإسلام والألحاد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net