صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

مذكرات ناخب .. الحلقة الرابعة
ثامر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

     كنا خمسة شبان, لم يتجاوز أكبرنا السابعة والعشرين عاما, رغما على العوز والفقر, لم تفارق البسمة شفاهنا. والمزحة كانت حاضرة معنا, لم يتزوج احدنا بعد, ولكن الأمل كان يحدونا, في أن نرتبط مع من نحب .

    وبعد فترة؛ تزوج احد أصدقائنا, فكان واجبا علينا, أن نشاركه فرحته ونبارك له, فاجتمعنا وذهبنا الى بيته, القريب من كربلاء, فرحين مهنئين والضحكات تملأ المكان, ولم نترك بيت صديقنا, إلا بعد أن تناولنا وجبة الغداء, ثم ودعناه وأهله الذين كانوا مجتمعين عنده, على أمل اللقاء, مرة أخرى . 

    كان لزاما علينا, أن نسير الى الشارع القريب, على منزل صديقنا, وننتظر سيارة تقلنا, الى حيث نريد العودة, وصرنا نترقب, وما هي إلا لحظات, حتى وقفت عندنا سيارتين, تحملان ( الرفاق ), يرتدون ملابسهم الزيتوني, مدججين بأسلحتهم, أحاطوا بنا من كل جانب, فبادرنا كبيرهم بالسؤال الغليظ, والاستفسار عن هوياتنا, وماذا نفعل هنا ؟ فسارعنا بإبراز هوياتنا الأصولية, وأننا جئنا لنبارك لصديقنا العريس, الذي بيته قبالتنا, ولكنه أمسك بهوياتنا, وقال إننا ذاهبون لزيارة " كربلاء " ! وأمر من معه بإصعادنا الى سياراتهم, وأخذنا الى الفرقة الحزبية, وفي الطريق أقسم أنه " سيترفع برؤوسنا " ! .

    مابين مصدق؛ وغير مصدق بما يحصل, وصلنا الى الفرقة الحزبية, وأدخلونا على كبيرهم, الذي يكاد كرشه أن يصل الأرض, ورأسه كرأس ثور, والدخان الغليظ يتصاعد من سيجارته, فاخبروه : بأننا زوار الى كربلاء, جاءوا مشيا ! وأنهم ألقوا القبض علينا, فالتفت إلينا, فبادرناه بالنفي, وروينا قصتنا كاملة, فتعاطف معنا ! وأنه سوف يتم إطلاق سراحنا, ولكن ليس من هنا, بل مكتب الاستخبارات, فقد صار لديهم, علم بالأمر.

    وهكذا تركنا الفرقة الحزبية, وتم أخذنا الى مكتب الاستخبارات, مع تقرير الرفيق, الذي علمنا فيما بعد, أنه يؤكد فيه, إننا زوار لكربلاء ! وليته ذكر جريمة أخرى غيرها, فهذه الجريمة هي اكبر الجرائم, في زمن البعث, وعقوبتها ربما تصل بك للإعدام, فكان علينا أن نتحمل صنوف التعذيب, طيلة فترة التحقيق, عسى وان تنفع تدخلات أهلنا, و" واسطاتهم " لإخراجنا .

    بعد مرور شهرين, في الغرفة المظلمة, والضرب بالسياط والقهر والتنكيل, تنشقنا الهواء العليل, ونظرنا الى قرص الشمس, يملأ حدقات عيوننا, دون أن يؤذيها, وفرحة تملأ قلوبنا, فنحن في طريقنا الى القاضي, الذي  سيطلق سراحنا, وما أن دخلنا ووقفنا أمامه, نظر إلينا بتمعن, وقال هل انتم الزوار ؟ كان لزاما علينا, أن لا ننبس بكلمة, هكذا تم إخبارنا, ثم نظر الى أوراقنا, ورفع نظره إلينا وقال : لقد حكمتم المحكمة بسنة سجن غير قابلة للتمييز بتهمة التسول !! .

  وهكذا انتهت الأحلام وتلك الأمنيات, وضاعت الضحكات في دهاليز السجون, من اجل أن يترفع ذلك الرفيق, لكونه قبض على اخطر المجرمين, الذين يهددون امن الدولة, فقد كانت زيارة الحسين وأهل بيته عليهم السلام. في كربلاء تقض مضاجع البعث, وتؤرق نومهم وتهدد دولتهم, وبتلك الجريمة ذهب الكثير من الأبرياء, الى حبل المشنقة, أو غيبوا في دهاليز السجون.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/08



كتابة تعليق لموضوع : مذكرات ناخب .. الحلقة الرابعة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net