صفحة الكاتب : رسل جمال

خان جغان !
رسل جمال

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

خان جغان، كلمة تعود للعهد العثماني، تعني مكان مخصص للمسافرين، وعابري السبيل، بني خلال القرن الرابع عشر ميلادي، يعود بناؤه الى ايام الوالي "جغاله زاد سنان باشا"، كان من المتعارف عليه ايام حكم الدولة العثمانية.

 

كان يعرف عن البغدادين، أنهم اطلقوا مثلا شعبيا عنه، يوم قالوا متهكمين "هي الجنة خان جغان ياهو اليجي يدخلها؟" اشارة للمكان الذي تسوده الفوضوية، من التقاء وافتراق أناس جمعتهم الصدفة، لا يعني لهم الخان سوى نقطة استراحة، ليس اﻷ .

 

لم يبقى من أثار خان جغالة، سوى لوح من القاشاني الازرق، كتب عليه عمر هذا الخانمان ومافيه من البنيان، في ايام دولة السلطان "مراد خان" خلد الله ملكه وسلطانه، وأفاض على كافة العالمين عدله وأحسانه" الا ان ماتخلد من الملك تلك اللوحة فقط !

 

ان ما نستشعره في أيامنا هذه، أننا نتعامل مع الوطن معاملة "الخان" مكان نمكث فيه، متى ما ساءت الخدمة غادرناه، غير أسفين ، فمع انخفاض مناسيب الشعور بﻹنتماء للوطن ، ظهرت موجات من الهجرة الجماعية للشباب، الذين هم عماد البلد وذخيرة المستقبل.

 

ﻷن شعور الفرد بانه لا يملك من الوطن الكبير، شبر من الارض جعلت منه فردا عابثا بالشارع غير مكترث للنظافة، في حين انه حريص على النظافة في منزله، أضافة الى انها اصبحث ثقافة سائده، "اللامبالاة" بالصالح العام، كلها من الامور التي انعكست، على الطابع العام للشخصية العراقية، هذا ما نشهده من اعلى المستويات، الى ادنى فرد بالمجتمع.

 

اذ برزت على السطح ظاهرة المسؤول "المقاول" الذي همه العمولة فقط من  المنصب ، فاصبحت "الانا" هي الطاغية على المشهد، و الجميع بات اناني ،  من هنا يكون الوطن لقمة سائغة للطامعين، وهدف سهل للمسيئين، وتكثر التدخلات الخارجية، ﻷن ابناء البلد مشغولون بأطماعهم الخاصة وتناسوا، ماعاهدوا الله عليه من حفظ اموال الناس ومصالحهم.

 

اضف الى ذلك عدم توحيد الخطاب السياسي، وتعدد الاصوات المعارضة على كل شاردة ووارده، بغض النظر عن اصل الخلاف، فهو يعارض ﻷن اﻵخر لا تروق له ربطة عنقه!

 

اسهمت كل تلك المشاهد، ان تعطي لﻷخر فكرة،  ان الوضع الداخلي للعراق غير واضح ومشوش، فتطاول الاتراك بأرسال قوة عسكرية، بدون اي غطاء قانوني،او مسوغ شرعي الى الاراضي العراقية، وبتجاهل متعمد، لكل الجهود الدبلوماسية  العراقية،  لانهم توجسوا ضعف داخلي من الجانب العراقي، والا لما تجرؤا على تلك الخطوة المشينة.

 

تبعتها اساءات بوسائل الاعلام، طالت الشعائر الدينية

وبالخصوص"زيارة الاربعين" للامام الحسين ع، وكالعادة مرت الحادثة، بدون اي موقف قوي، يمثل رد الجانب العراقي لتلك الاساءات، وجاءت أخر مسلسل التجاوزات من إثارة الجانب الكويتي ﻷزمة "خور عبدالله" وما تزامن معها من ملابسات بوسائل الاعلام، حول عائدية الخور، ومما أزم الوضع اكثر تصريحات الجانب الكويتي بخطابات تفتقر للحس الدبلوماسي، وتحمل الكثير من الاساءات، ان دلت على شئ تدل على حقد دفين، وعقدة بالنقص، لم ولن يستطع الجانب الاخر ان يتجاوزها، ولا عجب في ذلك اذا علمنا ان الكويت البلد الوحيد الذي يملك ثلاث تقاويم، تقويم ميلادي وتقويم هجري وتقويم الغزو!   

 

ان السؤال الاهم هو، هل العراق ضعيف ام مستضعف؟ الجواب هو، لم  يكن العراق يومآ ضعيفا بل من اضعف جانبه هم  السيئين من ابنائه، فأصبح من هب ودب، يتطاول عليه من جيرانه،  لذا فان عدم تدارك الامر قبل فوات الاوان، يجعل العراق مثل خان جغان، ولا يبقى منه الا اثر لوح مكتوب بخط كوفي هنا ارض السواد، ولا سواد بالارض! 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رسل جمال
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/08



كتابة تعليق لموضوع : خان جغان !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net