صفحة الكاتب : محمد زكي ابراهيم

المجالس البلدية ..
محمد زكي ابراهيم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
في أواخر عام 2007 بعثت بي الشركة التي أعمل فيها إلى إحدى المناطق الحدودية بغية التمهيد لبناء منشأة نفطية على أراضيها. وكان أحد أسباب انتدابي لهذه المهمة أنني أعرف المكان جيداً، وأعرف الكثير من ساكنيه.
وكان لا بد لي ولزميليّ اللذين كانا يرافقانني حينها، أن نعرج على المجلس البلدي، الذي كان يدير الناحية الملغاة. وأن نتشاور مع أعضائه، وهم في الأصل معلمون أوموظفون أو عاطلون عن العمل، لاستطلاع المكان المناسب. وقد حظيت أنا وزميلاي باستقبال فاتر من أعضاء المجلس. وكان هذا فألاً سيئاً. أما الانطباع الأول الذي خرجت به بعد لقاء هؤلاء السادة أن الموضوع لن يمر بسلام.
وحينما بدأنا بشرح الموضوع وأوضحنا الغرض منه، وكان قد أقر في مجلس الوزراء منذ وقت ليس باليسير، تغير وجه هؤلاء الشبان وأبدوا امتعاضهم منه. واجتمعت كلمتهم – باستثناء رئيس المجلس – على رفض التعاون لإقامة المشروع لأنه يخدم دولة من دول الجوار. وهدد أحدهم بإخراج الناس للتظاهر ضد المشروع.
ومع أنني صدمت للهجة التي كانوا يتكلمون بها، توهمت أول مرة أنني أمام  معارضة برلمانية تخطط  لإسقاط الحكومة. ولكنني أفقت من أوهامي عندما قال أحدهم : ماذا استفدنا من النفط كل هذه المدة وكل وارداته تذهب إلى جيوب السياسيين وكبار موظفي الحكومة؟
ومع تفاهة هذا الرد، وابتذال معانيه، إلا أنني استغربت  لجرأتهم على الحكومة وأجهزتها التنفيذية. وتساءلت في سري عن جدوى وجود أمثال هذه المجالس البائسة التي تتقاضى الرواتب أثناء وجودها "في السلطة" وبعد خروجها منه! وهي حلقة زائدة لا نفع منها على الإطلاق. بل إنها ليست إلا قوى معيقة للتقدم، جاء بها المهووسون بالديمقراطية بعد عام 2003، وكأن كل ما تحتاجه أريافنا ومدننا هو أناس منتخبون .. لا غير!
لقد أتاحت الحرية الزائدة التي جاء بها النظام الجديد الفرصة للكثيرين كي يمتهنوا السياسة من نوافذها المشرعة، عبر معارضة الحكومة لأي سبب كان. ويتحولوا إلى أدوات للتخلف والبؤس والتعاسة. وإذا كان مجلس بلدي صغير يستخف برأس الهرم ويرفض قراراته، فكيف لا يتجرأ مجلس محافظة أو محافظ على رأس الدولة، فيرفض ما يصدر عنه من أوامر، ويزدري ما يخرج عنه من قرارات؟
وهل يحق لنا بعد هذا أن ندعي أننا دولة ذات سيادة إذا كانت المرجعيات السياسية والإدارية لدينا تضرب عرض الحائط، وتتعرض لمثل هذا الامتهان؟
لقد فعلت ذلك محافظات كثيرة مثل الموصل والبصرة وكركوك والأنبار وواسط دون أن تنبري جهة ما لتنبيهها إلى اتباع أصول اللياقة في خطابها مع الحكومة المركزية، بحجة أنها هيئات منتخبة. ولا غرابة بعد ذلك إذا ما قام رئيس إقليم تابع للدولة بخرق القانون وإيواء الخارجين عنه، وإذا ما خرق الدستور واستعان بالأجانب، فهذا هو معنى الحرية في النظام الجديد! 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد زكي ابراهيم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/01/31



كتابة تعليق لموضوع : المجالس البلدية ..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net