صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

إنطيه حبل!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
هذه فكرة أو حيلة يعرفها صيادوا الأسماك وخصوصا الأسماك الكبيرة أو ما نسميه "البز" , فلكي تصطاد السمكة الكبيرة عليك أن تعطيها الحبل أو الخيط , حتى تتوهم بأنها ليست مزنوقة بالشص فتستنفذ قواها وتتعب , وتكون سهلة الإصطياد , أما إذا أمسكت بالخيط وأخذتَ تتصارع معها فأنها ستفلت أو تنتصر عليك أو ربما تقطع الخيط.
 
وهذا الأسلوب يجري تطبيقه في عالم الساسة والسياسة , وبواسطته يتم إصطياد القادة والشعوب والأمم , وذلك وفقا لشعار " إنطيه حبل".
وفي مجتمعاتنا تكرر هذا السلوك وتساقط عدد من القادة بعد أن أعطوهم الحبل حتى إلتف على أعناقهم وأعناق شعوبهم بآليات إفتراسية فظيعة , والأمثلة معروفة وقريبة وبعيدة , وما يجري في العديد من الدول العربية المنكوبة بالكراسي يقع ضمن هذا السياق التدميري , الذي يتخذه قادتها الذين ينطبق عليهم منهج       " إنطيه حبل"!! 
وفي مجتمعات أخرى قد يتصدر القيادة فيها مَن لا ناقة لهم ولا جمل في السياسة , لكنهم محاطون بساسة محنكين , فيبدأ تطبيق مناهج " إنطيه حبل" عليهم , حتى لتجدهم بعد برهة قد إلتف الحبل حولهم وقيّدهم وجعلهم صيدا سهلا للآخرين , الذين سيرمونهم في شِباك صيدهم ويستعيضون عنهم بمن أدرى وأعرف , وأقدر على المناورات السياسية والحفاظ على التوازنات الإقتدارية.
 
ويبدو أن العالم يعيش في فترة عصيبة عنوانها " إنطيه حبل" , مما قد تتسبب بتداعيات إنفلاتية خطيرة ستزعزع أمن العالم , وستدفعه إلى تصارعات غير مسبوقة بأساليب غير مطروقة , مما ينذر بالوعيد الشديد والحروب الشعواء.
وهذه الفكرة الخطيرة يتم الإستثمار فيها مع السذجة وقليلي التجربة من الذين يتوهمون الدراية والمعرفة وهم لا يعرفون بأنهم لا يعرفون , فينزلقون بمطبّات جسيمة النتائج والتطورات , فمن أخطر ما تبتلى به الشعوب والأمم أن تولي سذجتها عليها وتوهمهم بأنهم يعرفون , وتزرع فيهم الشعور بالدراية وهم الجاهلون , لأنهم في هذه الحالة المتسمة بفراغ العقل وتأجج العاطفة وتوقد الإنفعال يصبحون من ألد أعداء أنفسهم وشعوبهم , ويساهمون في إستجلاب الأعداء وتمكينهم من أنفسهم ومجتمعاتهم , لقلة حيلتهم وغياب خبرتهم , وعدم قدرتهم على التحلي بالمشورة والإنصياع لذوي التجارب والخبرات الميدانية والإنسانية.
وأغلب القادة الذين أجرموا بحق أنفسهم وبلدانهم في مجتمعاتنا يقعون ضمن هذا التوصيف الذي يستثمر فيه أعداؤهم , ويحققون بهم مصالحهم ويستبيحون أوطانهم ويأخذون ثرواتهم ويذيقونهم سوء الدماروالخراب , فتراهم قد سقطوا بغتة وتهاوت معهم دولهم وأحزابهم , وباتت ديارهم ملكا مشاعا للطامعين بكل ما يتصل بهم ويرتبط بلادهم.
وواقعنا العربي المرير يعطينا الأمثلة المبينة , سواء في العراق , ليبيا , سوريا , اليمن ودول أخرى أخذت تمضي على سكة " إنطيه حبل".
فإلى متى لا نتعض من تجاربنا المريرة , وننكر أننا مشموطين بحبل ما , علينا أن نتعاون لقطعه ومنعه من إصطيادنا بشص لعين؟!!
إنطيه: إعطيه

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/01/31



كتابة تعليق لموضوع : إنطيه حبل!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net