صفحة الكاتب : حاتم عباس بصيلة

مسرحية شعرية من فصل واحد الأصنام
حاتم عباس بصيلة

(كتبت عام 2009)

شخصيات المسرحية:

1- الجوقة

2- الشاعر

3- صنم الأديب المتصابي

4- المرأة/كرمز مع الشاعر

5- الفاتنة الصغيرة

6- صنم السرقات الأدبية

7- الأم

8- صنم الناقد

9- صنم الروتين القاتل

10- الغراب 

11- صنم الكذب

12- صنم الرشوة

13- صنم الغدر

14- صنم القبح

15- صنم القرد

(يزال الستار عن قاعة المسرح التي تكون فارغة إلا من شاعر يجلس وراء طبلة حيث الأوراق الكثيرة والانهماك بكتابة شيء بإصرار, ومجموعة من الأصنام الموزعة على شكل قوس صغير على خشبة المسرح ليسمع صوت الجوقة من وراء الكواليس في أغنية يرجى أن يؤكد فيها الملحن على قوّة المفردة التعبيرية في الطرح)

الجوقة:

يا ويل كتابك تقرؤه

أصنام تعبد أصناما

يا ويل حروف راقصة

تتهامس حبا وسلاما

صنم معبود وزمان

سيمجد هذي الاصناما

وزمانك بدء وختام

يتشابك بدءا وختاما

أتظل وحيدا في كتب

سمراء وحرف ترسمه؟

أتظل العمر تهندسه؟

والجوع الكافر يلطمه

يا ويل شبابك تحرقه

أوراقك فيا تكتبه 

الشاعر:

(وقد استفز بهذا الكلام)

ولأني حطمت بكفي

صنما في ذاتي أعبده

سأظل أحطم أصناما

للمال تظل تمجده !!

ما شأن العالم في لغتي؟

إن كنت بصدق أرشده

أأخاف جمادا منقلبا

وحياة فانية المغزى

أأخاف كلابا عاوية؟

(يسمع صوت من بعيد لكلاب تعوي في الليل)

من ليل الشهوة تنحدر

ياويل حياة خادعة

ياويل دموع تنهمر!!

الجوقة:(أثناء كلامها تتحرك ملامح واحد من الأصنام على يمين الشاعر وكأن انفعال الحوار المتصاعد يحركه على وفق الشدة في المفردة التي تنال من الأصنام)

أجنون هذا؟!

الشاعر:

بل عقل يرسم معروفا!

الجوقة:

ستظل حزينا مرتبكا 

وتظل حروفك في شبك

من يسمع حرفا مشتبكا؟!!

الشاعر:

إن كان الخوف يكبلني

(تقاطعه الجوقة)

الجوقة:

بل قدر فوق غيوم الغيب

لا نعرف كيف يكبلنا

الشاعر:

قدر غيبي؟

إني أؤمن بالغيب ولكن!

لابد وأن ارسم

درب حياة خالدة

لابد و أن أتحرك

أغزو العالم بالأفكار!!

قدري أحمله في ذاتي

وسأرسم ذاتي كالقدر

وسأرسم ضحكة عصفور 

يتفيأ في ظل الشجر!

(يتحرك صنم رمزي يمثل أديبا متصابيا كلاسيكيا في المذهب والسلوك يتحك من وقفته الجامدة قليلا, زيه يشير إلى تصابيه, وردة تطل برأسها من الجيب , عطر ينساب منه , حركات توحي ب اللذائذ المادية في الحياة, يحاور ذاته)

الصنم المتصابي:

ماذا يتحدث هذا الزنديق؟

أمبايء في عصر

يتراكض خلف الأفخاذ؟

هل يعرف

هذا الغارق بالأوهام؟

هل يعرف؟

طعم النهد النافر من أنثى؟

هل يعرف؟

طعم شفاه في الليل؟

لكني أخشى سوط لسان

ناري الكلمات!

فلأرجع نحو مكاني

لأراقب هذا الملعون

-يرجع إلى مكانه-

الشاعر:

سأحطم

أصنام الشهوة

سأدك معاقل فتنتها

من أين لروحي أغنية؟

لو صمت راح يكبلها

(الصنم المتصابي محركا عينيه من هنا وهناك , وقد مرت امرأة فاتنة الجسد, يتحرك جسدها حركات مثيرة- هنا لابد من موسيقى على وفق إيقاع الجسد الأنثوي في الحركة وصنم الأديب المتصابي ينساب في حركته وراء المرأة على إيقاع مشيتها بعد أن كان جامدا كالحائط)

صنم الأديب المتصابي:

على إيقاع مشيتها 

يدور الكون في الفلك

خذي روحي

خذي جسدي

خذي -ما ظل- في يدك !

مبادئ آه أكرها!

وأكره أن تعطلك !

أما يكفيك ضحكتها؟

(تسمع ضحكة مستهترة من وراء الكواليس)

لترسم روعة الضحك!

أيا شاعر هذا العصر

يا شاعر أوهام!

تساوى ذيلك المنساب

والأفكار في الهام

الشاعر:( ينتفض واقفا)

خسئت وأنت منقلب

كقرد دونما سبب!

حياتك كذبة رسمت

كخيط سل من هدب

أحب 

حضارة الأنثى

أحب الخصب من يدها

أحب طراوة الإحساس

قبل طراوة الجسد

أحب......أحب..كم دنيا

بثورتها على يدها!

صنم الأديب المتصابي:

هي المرأة في المخدع 

أحلى في لذائذها

فصغ ورقا على ورق

وكن قرقوز هذا العصر

كن ما شئت 

في الكتب!!

(يهدأ الشاعر ليعود إلى أوراقه جالسا وقد بدت عليه علامات الحيرة من هذا الأمر)

-صنم الأديب المتصابي-يتحرك حركة وهمية توحي بذوبانه المائع في قبل شتى وعناق منفعل ثم يطلق صوتا لقبلة في آخر الأمر- على المخرج إظهار صوت قبلة يرن في أرجاء المسرح-)

الجوقة:

ستحطم هذي الاصناما!!

(يهدأ كل شيء بعد ذلك ليسود ظلام ثم يظهر على الجانب الأيمن من المسرح صنم الأديب المتصابي مع فاتنة صغيرة وقد دار الحوار بينهما في أجواء غرامية!)

الفاتنة الصغيرة:

آه من شيبك يعجبني!

صنم الأديب المتصابي:

آه من شفة تلهبني

الفاتنة الصغيرة:

دعني

أتأمل عينيك الناعستين!!

ما هذا!؟

ضفدعة

ترقص وسط العينين!

ضفدعة

تقفز في بركة ماء!

صنم الأديب المتصابي:

يا للحظ المنكود

كنت أظن بأن حماما

سيطير من العينين

فإذا ضفدعة!!

الفاتنة الصغيرة:

ترقص في بركة ماء!

صنم الأديب المتصابي:(يفتح عينيه أكثر بطريقة كوميدية تدعو الى الضحك )

الفاتنة الصغيرة:

الوجه لديك يذكرني 

ببقايا بئر مهجور

وبقايا ثوب مهتريء!

صنم الأديب المتصابي:

بل هو كالمرآة صفاءا

الفاتنة الصغيرة:

كالمرآة صفاءا؟

صنم الأديب المتصابي:

مدي كفيك لتلمسه!

الفاتنة الصغيرة:(تمد يدها , تجفل من لمس الوجه فتصرخ)

أخريف هذا؟

أبقايا عفن في وجه مجدور!

(تخاطب نفسها)

يا لجمالك مضطهدا

يا لشبابك يتهاوى!

مابين خريف وخريف!

لو كان لمثلي

رجل كالفجر يغني 

لو كان!

صنم الأديب المتصابي

(يخرج قطعة نقدية من جيبه)

( مع ذاته)

 

-برنة هذي 

سوف أعيد ربيعا

يتوهج بالقبلات

وأعيد عناقا

ابدي اللمسات 

وسأصبح أكثر نورا

(ينتهي الحوار وقد خذلت الفاتنة صاحبها بذهابها وراء كواليس المسرح, يرجع صنم الأديب المتصابي إلى مكانه وهو منخذل كصنم بلا أية حركة, تسلط الإضاءة من جديد على الشاعر وهو جالس بين أوراقه وراء مكتبه!!)

الشاعر:

يتصابى شيخ مجنون!!

صنم الأديب المتصابي:

العمر قصير

وأنا أغتنم اللحظة من عمري

ستظل ككأس فارغة

وأظل ككأس ممتلئه

ستظل وحيدا في قلق

وأعيد لعمري مبتدأه!!

الشاعر: 

لن يقدر لمسا لشباب

قد ولى أبدا 

لن يأتي

الخالد حرف تكتبه 

ينساب هواءا في رئة

أأديب يسلب فاتنة

عفتها؟!

أأديب يكسر في شجر

غصنا 

معتمرا بالثمر!؟

صنم الأديب المتصابي:

الجسد المنساب كأفعى

سيظل يعانق أغنيتي

ما شأنك 

ترفض معتقدا

(للجنس)

يسافر في لغتي!!؟

الشاعر: 

كم طفلة عشق يخدعها

صوت شعري ملتبس!

لا تعرف غير براءتها

تنساق بحرف يقتبس

كم تكتب شعرا 

رقّعه

رأي في فكرك

منغمس!

صنم الأديب المتصابي:

يتدخل هذا الزنديق

في أمر الحب فيلعنني!!

فلأصمت

خوفا من رجل

كالفأس

بحرف يضربني !!

الشاعر:

يا صنم الشهوة يا صنما!

سيحطم يوما منهزما !

لن تصمد يوما في لغة

فانية كالجسد الفاني 

أخلود يرجى من جسد

أسراب الدود تقطعه؟

أخلود هذا؟

أم قدر

يتضاحك منك

فنسمعه!

صنم الأديب المتصابي:

هذا رجل 

مختص بفضائح هذا العصر

مازال يقدس مبدأه

لا المال يغير أغنية

في شفة منه

يغنيها!

أبدا 

لا ضحكة فاتنة

تغريه بكل مفاتنها

وصمود كتاب يكتبه

مازال إليها يغريها

عجبا

ما زال يطرزه

والجوع يطارد أحلاما

في روح تعبد

باريها!

(يلتفت الصنم إلى مرآة يرى فيها ذاته)

صنم الأديب المتصابي

إني أحسده

أحسد هذا القلب الجامد 

كالصخر !

لكني

لا أفهم

في هذا العصر المأخوذ بفتنته

أن يبقى رجل

مبدؤه فوق عواطفه!

الشاعر:

مازال عذابي هو المطهر!

صنم الأديب المتصابي:

لكن ما شأني

إني رجل مأخوذ

بنساء

تحتضن المال بصدري

ما هم ّ

فإني

أحتضن نسائي منتشيا

لا يمكن

أن تذهب مني

قبلة فاتنة

سأطاردها 

كالطفل وراء فراشته

فلأصمت

حتى لا يسمعني

هذا الرجل الملعون!!(يستدرك)

كانت أمي فاتنة

تصطاد رجالا كالشبكه!

(موسيقى ساخرة)

(يعود صنم الأديب المتصابي ليقف صامتا كالحجر- يقف الشاعر وعيناه مسلطتان على الأوراق وبيده القلم, يحاول أن يكتب شيئا في أوراقه وهو يناقش ذاته)

الشاعر:

فلسفتي

أني لا أكتب شيئا

في الدنيا

إلا

والنور يخلّده

كم حرف صيغ على ورق

أحترق الأمس فجسده

معنى

في الروح على شفتي

فلسفتي

إن الأرض ستفنى

وسيبقى وجه الخالق

حيث النور مع الكلمات

والروح تسافر

في أعماق الغيم 

وراء خيال لا يفنى

لا تولد أغنية إلا

ومبادئ

تحرسها!!

(موسيقى تستنهض صنما على يسار الشاعر فيتحرك, يكون الصنم المتحرك رمزا لأديب يعيش على السرقات الأدبية, وللمخرج الحق في أن يتفنن في إظهار الرمز بطريقة جمالية تتلاءم ووظيفته, يتغير الإيقاع الشعري مع موسيقى ساخرة من الموضوع!!)

صنم السرقات الأدبية: 

سوف أحتاج

إلى وقت كثير

مازجا ما خلّفته الكلمات!!

لأديب ذات يوم 

ترك الحرف ومات!!

من سيأتي؟ 

كل شيء قد تولى

من ترى يكشف أوراقي وقد

سرقت

من شاعر صار رفات!!

لغتي أجمل مما كتبت

فاعلاتن فاعلاتن فاعلات!!

الشاعر:

يا لهذا الصنم !!

أي كذب سوف يبقى؟!

صنم السرقات الأدبية:

من ترى يعرف في هذي الحياة؟

كذبتي

من سوف يدري؟

عالم يحتار في كسرة خبز 

بفم

كيف يدري قصة قد سرقت؟!

منذ خمسين سنه

إنني

ألعب هذي ألازمنه

الشاعر:

اللصوص الخونه!!

يتساوى 

كل من يسرق بيتا

من قصيده

أو رغيفا

من فم جاع ولم

يترك الأرض كجذر ألشجره

صنم السرقات الأدبية:

سوف أحتاج إلى من

يعبد الدينار ملهوفا عليه

سوف أعطيه الذي يرضيه حتى

تتجلّى العبقريه!!

عاش (دينار ) يغطي

سرقاتي الادبيه

الشاعر:(يتغير الإيقاع الشعري)

سأحطم هذي الاصناما

الجوقة:

ها أنت تعاني من زمن

تصطاد بوهم 

أوهاما!!

الشاعر:

تتألم روح عذبها

زمن لوراء يتمشى!!

لكني أقوى من جبل

يتصدى

للريح بكل عواصفه

سأظل

محبا لحياة

للحق

تظل تجسده!!

( يتحرك الشاعر نحو لوحة معلقة في جدار المسرح لامرأة اسطورية الملامح والجمال يدعوها بالأم)

الشاعر:

آه يا أما

رحلت عن عيني منذ سنين

ها أني أتحدى

كل ظلام

يأتي من أي مكان!!

ها أني

أدفع عمري

من أجل كتاب أكتبه

هل تعرف روحك

إن حياتي 

كانت تتوهج 

كالشمع بليل الكلمات؟!

هل يعرف 

هذا الوجه المرسوم

على الجدران؟

هل يعرف

كيف أدافع رغم الجوع

عن الإنسان!؟

فلماذا ذهبت كل كتاباتي

أتراني قصرت بحبك؟

أم أن زمانك غير زماني

لكني أتوهج

بالألم العاصر روحي

كالجمر!

ألعب بالأقدار

كشمشون الجبار

أتحدى لحظة يأس

وجنون يتلظى

أتحدى

كل مزاعم هذا العصر

يا أمي

يا رمز مبادئ هذي الأرض

يا جرح الحب الأول في التاريخ

(صوت للأم)

نم يا ولدي نم

وأهدأ من صخب العالم

هذا العالم 

أقسى من كف غادرة

بليال سوداء

الشاعر:

لن اهدأ حتى أنهي

آخر هذي الكلمات

(يرجع إلى مكانه وقد خطرت فكرة جديدة لديه)

لا يمكن أن نرسم إلا بالآهات

عجبا 

من هذا الفن الخالد 

لا تبرق جذوته

إلا بالمأساة

وقليل جدا 

من صوّر ترفا كالحلوى

هل يكمن

سر الشعر مع الآهات

لن ترسم قصة حب

إلا خلّدها 

ألم وكفاح وعذاب

أترى اللذة 

في المأساة؟!

أترى الواقع

ممزوجا بخيال أحلى؟!

(يتحرك صنم لناقد أدبي)

صنم الناقد:

ما هذا الهذر المتفلسف في الدنيا؟!

ولماذا

هذا الصوت الهادر بالمعنى؟

- يخاطب ذاته-

هذا الصوت الشعري

سيفضح آرائي

النقد تعرّض للنقد

والجيب سيهتك بالنقد!!

الجوقة:

كل مقال رائع

بحفنة من ذهب

يا أدبا قد باعه

من لم يكن في الأدب!!

صنم الناقد:

يبدو أن العالم

سيحطم حتى النقد

لن أكتب شيئا

حتى استلم المبلغ نقدا

وسأكتب حينئذ نقدا!!

لكني

سأمجد هذا الأدب النسوي!!

الجوقة:

كل مقال رائع 

على فتاة رائعه

بقبلة ترفعها

إلى سماء سابعه!!

صنم الناقد:

(يتحرك في المسرح مفتخرا)

ها انذا

بيديّ الشهرة أرسمها

لأديب يكتب قصته

أو أنثى تكتب قصتها

والفرق الواضح في قلم 

يتمنى منها قبلتها

الفرق كبير 

يا شاعر هذا العصر

بين خدود لامعة

بالجنس الطافح بالخير

وبين أديب

لا يرسم إلا القهر 

مع الكلمات

الشاعر:

كن رجلا وأكتب!!

صنم الناقد:

الإفلاس يعذب ذائقتي

مابين حقيقة ما أبغي

أو بين حروف تلعنني

الشاعر: 

كن رجلا وأكتب

صنم الناقد:

لا أصمد 

حين أشاهد جيبي

مفتوحا!!

كفم لعجوز أدرد

لا أملك نفسي!!

الشاعر :

من لا يملك ذاتا 

في جسد يحمله

لا يملك أي كلام!!

الجوقة:

/بصوت يرتل ترتيلا/

(إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)

الشاعر:

يارب

امنح حنجرتي

صوت نبي

سيجيء

أمنح قلمي

قوّة معنى

ليحوم على الأشجار

أمنح حنجرتي

صدقا 

يتخلل هذي الروح

ها أني

أتصفح أوراق حياتي

ناصعة كالفجر

ها أني

أرسم درب البسطاء

والفقراء على كفي

في رئتي

في نبض القلب

الهامس بالمعنى

لا أدب من غيرك 

يا صدق الكلمات!

لا أدب 

إن لم

يكسر ضلع

ليطل

الورد من الشرفات!!

وجميع كتابات الشعراء

وجميع كتابات الأدباء

إن لم

تتوهج بالصدق

المولود 

بأحضان الناس

ستكون هباءا بهباء!!

الجوقة:

صنم قد يأتي من صنم 

ونكون جميعا أصناما!!

(يتحرك صنم الروتين القاتل, يكون كلامه بطريقة آلية تدل على الملل والغباء , يفضل أن يكون بملابس رثة كناية عن القدم وعدم مواكبة العصر)

صنم الروتين القاتل:

أدور مثل قصة مكرره

كأنما تعيش بي

عوالم مكرره

كآلة تسير من جرّاء ما

تئن نحو المقبره

نركض نحو ذاتنا

من ذاتنا

مثل حمار قد مضى

يساق نحو المجزره

يأخذه طريقه

إلى جحيم ألآخره

يقتلني( الإبداع)

(والتجديد)(والمغامره)!!

في لحظة معينه

أشرب ما سأشرب

ولحظة معينه

أكتب ما سأكتب

قد رسم الزمان 

فوق خاطري مستعمره

كعنكبوت

عاجز عن الغناء من ترى

يمنحه

صهيل هذي الحنجره

اضبارة تنام فوق أختها

وأختها

من أختها محاصره!!

يا أيها الروتين

يا علامة 

للآخره!!

الشاعر:

الروتين القاتل

كم حطم أحلاما

كانت ستطير مع الأيام

كم حاول

تحنيط الشعراء

لكن الموت يطارده

الموت يطارد موتا

كي تمتثل الأشياء!

والشاعر يرفض تحنيطا

للروح الهائم بالكلمات

(يهرول الشاعر نحو رف ممتلئ بالكتب, يأخذ منها كتابا يقرأ فيه , يحاول تتبع الأسطر بإصبع يده)

الشاعر:

الشاعر يرفض ذاتا

تتكرر معنى وكلاما!1

فلأكسر

هذا الروتين القاتل

هذا المرمي

على كتفي

كبقايا جبل يتهاوى

للشاعر روح عذّبها

ألم

في الصدر تعذبه

أغنية

وصهيل للمهرة

وهي تفرّ بفارسها

الشاعر 

كل تراث

يتجدد روحا وسلاما

الجوقة:

ما أعظم هذا الإنسان

(يتحرك الشاعر متأملا الأصنام التي حاورها يقترب منها واحدا واحدا وعزم على تحطيمها يضرب ضربة توحي بأنه يحمل فأسا لتحطيم الأصنام , لكنه يعجز من محاولته فيرتد بعد كل محاولة متصببا عرقا – على المخرج إظهار الشقاء والتعب اللذين سينالان منه مع كل صنم- تشتد الموسيقى الدرامية تصاعديا في صراع تعبيري بين الشاعر وكل صنم من الأصنام وهو يحاول تحطيمه وفي نهاية الأمر يفشل في ذلك وقد تحركت الأصنام نحوه بحركة آلية توحي للمشاهد بقوة جبروتها علامة لقدمها منذ زمن بعيد , تحاول الأصنام أن تقتل الشاعر , لكن الشاعر يقاوم ذلك وبيده فأس وهمي يضرب فيه دون يأس من كل هذا فيفلت من سطوة الأصنام لتعود إلى مكانها متجمهرة ,- ينبغي أن تظهر الموسيقى التعبيرية ذلك بتناغم مع الإضاءة التي تشتد عندما يلتحم الصراع بين الشاعر وبين كل صنم مرّة , ومرة أخرى مع الأصنام جميعا-, وفي قمة هذا الصراع يظهر صوت الجوقة بإنشاد حماسي )

الجوقة:

حاول أن تضرب أكبرها

الشاعر:

سأجرب

لكنّ الأمر عسير

الصنم الأكبر يتحداني

منذ قرون 

وهو يحملق

في عينيّ الساهرتين

الجوقة:

الصنم الأكبر في ذاتك

فأضرب صنما

في الذات

لا تحفل 

ببقايا يأس سيذوب!!

(يسود ظلام في المسرح,الموسيقى ترتفع بتعبيرها الإيقاعي في الصراع حيث التركيز على آلة الطبل فتكون الضربات متلاحقة, الآهات, تتناثر من الشاعر في كل مكان من أماكن المسرح, وبعد هذا الارتفاع بالضربات والآهات,يبدأ كل شيء لتسلط الإضاءة على الشاعر وهو في حالة من الإرهاق والتعب حيث الملابس في فوضى مبعثرة وكذلك شعره المتناثر على وجه يتصبب عرقا, يفاجأ الشاعر بالأصنام التي حاربها جميعا بملامح ضاحكة حد السخرية, الجميع يضحك, يرتفع الضحك بشكل تدريجي حتى يضج المسرح به , فتظهر أصنام صغيرة جديدة, كل صنم يمثل معنى من المعاني0صنم للنفاق)(صنم للكذب)(صنم للرشوة)0صنم للغدر)........ للمخرج الحق في التصرّف بأشكالها الفنية حتى يتحقق لتعبير الملائم)

الشاعر:

ما هذا؟ 

الأصنام تفرّخ أصناما؟ 

يتناسل هذا الشر!!

فكيف لمبدأ روحي

أن يبقى؟

لكني

لن أتنازل 

عّما تبغيه الروح

- يخاطب ذاته-

فخلودك 

لن يحدث إلا بالخير

يا كلكامش هذا لعصر

إن(العشبة)

تملكها بالعمل الطيب

إن حياتك

سوف تظل إلى الأبد

شرط محبة هذي الناس

فأحضن أوراقك وأكتب

سر خلود الشعراء!!

(الأصنام تهمهم)

يتحرك الشاعر مرة أخرى رغم التعب أثناء حركته تنشد الجوقة

الجوقة:

يا شاعر هذا العصر

أرسم 

لوحتك البيضاء على الضوء

أرسم

معناك الهائم بالحب إلى

الدنيا

ارسم 

ما تبغيه حياتك

و افتح بابك

إن الباب المغلق 

يفتحه البسطاء!!

-يهم الشاعر بالسير نحو الأصنام, يحاول أن يحطم صنم الأديب المتصابي/ أثناء محاولته يظهر غراب يحاول عرقلة سير الشاعر بنعيق ممل يثير الاشمئزاز-

الشاعر:

آه من صوتك

كم عذب روح الشعراء

أغراب البين يعذبني

صوتك

كالموت يعذبني

ما لونك إلا مشنقة

سوداء

تطارد أحلامي!!

فاغرب عن روح ظامئة

مشأمة أنت إلى الأبد

- تصيح الأصنام بصوت واحد-

أمسك هذا المجرم

قد فضح الأسرار الكبرى!!

هذا الشاعر

أم هذا الساحر

قد قلب الدنيا

مبدؤه فوق عواطفه!!

صنم الكذب: 

سأحطمه!

وسأجعل أسراب الدود تطارده!!

لتشوه أجمل لوحات الشعر

سأحطم مبدأه الغافي

فوق أديم الفقر

هذا الشاعر أم هذا الساحر

سوف يصيح بلا جدوى

صنم الرشوة: 

امّا قدري

سأحاول

بالرشوة أن انهي 

كل كتابات الصدق الهائم 

بالأوراق!

ستحيط الرشوة عينيه 

فتسد منافذ أذنيه!!

هذا الشاعر

لا يمكن أن يبقى أبدا

كالسحر في الدنيا!!

لابد وان

يضعف حيث الأموال

وحيث نساء تتراقص

كالموجة في البحر

(ينعق الغراب بصوته القبيح)

- الأصنام تصيح مؤيدة-

الأصنام جميعا :

هذا الشاعر !!

هذا الفاسد

هذا الناكر

لجميل يرقد في كفيه 

الشاعر:

(يتحرك بثقة حاملا فأسه الوهمي )

سأحطم هذي الاصناما

أغنية

حيرى

في شفة تسكب أنغاما

لن يرهب روحا هائمة 

بالصدق

نباح الأصنام 

ها أني

كالصبح الضاحك حيث النور

ها أني

أتحدى

كل عصور الليل المظلم 

الشاعر

صوت ضوئي

ينساب على الروح !!

الشاعر يغسل روحا

عذبها الصدق

بنور الشعر

الجوقة:

واصل أغنية في شفة

واصل بكتابة أشعار

الموج سيمسح أدرانا

لتذوب مع النهر الجاري

صنم الغدر:

(يتحرك خلف الشاعر محاولا طعنه بخنجر)

الجوقة:

حاذر من غدر ترسمه

أصنام الغدر

(يلتفت الشاعر)

ا لشاعر:

سأحطم هذي الاصناما

(يضرب صنم الغدر بالفأس فيسقط)

(يهم صنم الرشوة فيرمي الأوراق النقدية إلى الأعلى تتساقط على رأس الشاعر من كل مكان)

الشاعر:

المال خراب الدنيا

المال خراب بخراب

لن يغري روحا 

أمطرها المال عذابا بعذاب!!

صنم الرشوة:

أيصدق هذا؟

رجل لا يغريه المال

ولا الجنس الأخّاذ!

الشاعر:

في العالم شيء

أثمن مما يتصور قرد مثلك!!

صنم الرشوة:

يتهدم قلبي

تتساقط مني 

كل ملامح هذا الوجه

الشاعر:

فلتسقط 

كل ملامحك الشوهاء!!

ولأرسم

ببقايا نفس في رئتي

لوحة هذي الروح

الروح ستبقى خالدة

الروح تطل على الأفق

أغنية ترسم أغنية

بالنار 

على طرف الشفق!

الجوقة:

رجل وكتابة أشعار

أفيصمد رجل بالشعر؟

عجبا لمبايء رائعة 

كالموجة 

تدفع بالنهر!

صنم الرشوة :

يا للخيبة

رجل مجنون بالشعر

وبالكلمات المنفوخة

رجل

لا يملك إلا معنى

كالطير يهيم بليل الغرباء!!

رجل لا يملك شيئا

يتحدى كل العالم

كنت أظن

بأن الرشوة أقوى

الجوقة:

المعنى الصادق أقوى 

لا رشوة زنديق تهدمه 

لا كذب أو إغراء

صنم الكذب:

كم مرة

هدمت بيت الملوك

بكذبة لفقتها

كم عاشق

هدمت يوما بيته 

بكذبة تنطقها فاتنة

لكنّ هذا الشاعر المجنون

أضاعني 

في قصة 

يكثر في أعماقها الجنون!!

(يستمر الشاعر في محاولته لتحطيم الأصنام , يرفع فأسه , يضرب صنم السرقات الأدبية بضربة لكن الصنم لا يتأثر فيضربه مرة أخرى, يترنح الصنم قليلا ثم يعود صلبا)

الشاعر:

الصنم الأكبر في ذاتي

أأنا حطمت الصنم القائم في ذاتي؟

أم مازالت

في هذي الروح بقايا الأصنام؟!

الجوقة:

لا بد وأن 

تتخلص من هذا الصنم الباقي

صنم الروح القائم في الذات

خطير

أخطر من كل الأصنام!

0ينتفض الشاعر على ذاته فيحرك شفاها لا تظهر أي كلام, ثم يظهر خيال يمثل ذات الشاعر فيهم بضربه-ينبغي على المخرج إظهار خيال الشاعر بوضوح من خلال الإضاءة ويكون الخيال رمزا لصنم القبح , في لحظة ضربه للخيال يظهر صوت انهيار لمرآة تكون إشارة إلى تحطيم الصنم في ذات الإنسان الشاعر, يهدأ الشاعر بعد تحطيمه صنم الذات ثم يواصل التحطيم بضرب صنم السرقات الأدبية, يتهاوى الصنم)

الشاعر:

لا يمكن للسارق

أن يبقى أبدا مخفيا

لابد وان يأتي يوم

يفضحه الصدق ...... فيهوي

فتحطم

يا صنم السرقات الأدبيه

وتحطم 

بين بقايا الأصنام الهمجيه

(يتهاوى صنم السرقات الأدبية)

صنم الناقد الأدبي:

ما هذا؟

سيحطم كل حساباتي 

يا رجل الشعر تمهل

إني 

لم أكتب إلا من فرط أساي 

محتاج للمال 

وللعاطفة الحمراء

فكتبت كتاباتي!!

الشاعر:

قبلك كان الموت يطاردني

والجوع يسافر في لغتي

لكنّ

المبدأ يرسمه الحرمان!

فلماذا

شوهت بقايا الإنسان؟

ولماذا؟

لم تكتب عن صور الإبداع الكبرى

تحت ظلال النسيان

ها أنت بإغراء المال وإغراء نساء

لا تعرف معنى أدبيا

تنهار كمعنى!

يتوهج بالإيمان

لن ينفع منك كلام

لن أسمع هذا الهذيان

( يضربه يتهاوى صنم الناقد الأدبي)

صنم الناقد الأدبي:

آه......آه

الشاعر:

لن أرحم حتى الآه!!

(الغراب ينعق)

الغراب:

لن يبقى أحد 

من أصنام الشر

سأراقب ما يحدث!!

الشاعر:

أمنيتي

أن يولد في كل مكان

رجل تتجلى فيه رموز الإنسان!

أمنيتي

أن تبقى

في الروح بقايا الروح

أن يسمو الفكر مع الإيمان

ما همّ 

بأن تفقد عينيك

أو تفقد كفيك ولكن

لن تفقد معنى الإنسان

الجوقة:

الإنسان هو الإنسان

لن يتغير جوهره

في كل زمان

لكنا

نبحث عن عذر لخطايانا

الشاعر:

فاضرب بالفأس

بقايا الشيطان

ها أني 

المح في كل مكان

شيطانا

يتجلى 

في ضحكة عاهرة

خلف كواليس الأيام!

أو رشوة مال

خلف ظلام

يلبس ثوب ظلام!

يتراقص معناه في كل مكان

كل خطايانا

تبدأ بالمعنى

فأنقذ هذا المعنى

قبل حلولك 

في الموت

إن الروح هي المعنى

(يستمر الشاعر بتحطيم الأصنام فتتهاوى صنما إثر صنم حتى لا يبقى في ظن الشاعر أي صنم منها, لا يخفى ما للموسيقى من أثر في إظهار عنف سقوط الأصنام بينما يظل الغراب يراقب الأمور وقد ظهر من أعلى الجدار........ بعد تحطيم الأصنام تظهر امرأة جمالها مثالي يأخذ يدها يقبلها ثم يقول:

الشاعر:

يا توأم روحي

ها أني

أرسم في عينيك طريق البسطاء

ها أني أولد

كالضوء من الماء

الجوقة:

(إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)

يسود صمت

يذهب الشاعر مع امرأته تاركا خشبة المسرح!

-يظهر صنم صغير في وسط المسرح, ملامحه مثل القرد, يطلق صرخات مضحكة مع قفزات تثير السخرية والضحك من كل ما حدث!

أمّا الغراب فانه يظل يراقب الأمور ثم ينعق نعيقا متقطعا وهنا يسدل الستار

- انتهت المسرحية-


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حاتم عباس بصيلة
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/01/12



كتابة تعليق لموضوع : مسرحية شعرية من فصل واحد الأصنام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net