صفحة الكاتب : ادريس هاني

عصر التآمر على الدّماغ البشري
ادريس هاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لكي نخرج من عصر الميتوس إلى عصر اللوغوس لا بدّ من مرحلة انتقالية تؤمّن العبور بعنف القطيعة التي هي رد الفعل الطبيعي على صلابة الباراديغم القديم..إنّ عصر الرشد ليس هو عصرنا كما خمّن كانط، فتلك من بجاحات التحول الجديد الذي كان في بداياته الغامضة..العصر القادم ليس عصر اللوغوس، بل عصر اندماج الميتوس باللوغوس لصالح تركيب خلاّق، أعني عصر المديات الأوسع للمعرفة والانفجار الأعظم لقنبلة الدّماغ البشري عصر تقارب الملك والملكوت..قريبا سيقال : وداعا أيها المزاج السيّئ الذي هيمن على العقل البشري. كان الناس سعداء بأساطيرهم الأولى، ثم سرعان ما جاء أرباب الأساطير الجديدة، التي أوصلت العقل إلى القلق والريبية القاتلة والعجز الحرج لتفسير مظاهر جديدة على الأقل كانت الأساطير تلتف عليها بتفسيرات تعزّز النسق..اليوم وفي أكثر من حافة حرجة يقف العلم مشدوها، بل لا يفعل سوى أن يستعيد موقف الميتوس لفهم حقائق يفترض أنها تنتمي إلى حقل اللوغوس. وهكذا كم نحن مضطرون إلى العودة إلى ميدوزا كي نتمكن من حلّ غموض تجسّم الفوتون وتموجّه عند الملاحظة وعدمها..لحلّ لغز الكل والجزء حينما يكمن أحدهما في الآخر..في تماثل الأكوان وتعددها..لقد بات واضحا أنّ هناك إرادة للجم العلم..بل هناك من يتحدث بخلاف نتائجه المنطقية..ولا مجال للقلق من وضعيتنا الراهنة..إنها مرحلة انتقالية تكثر فيها الحيرة..ويهيمن عليها الشّك الطفولي..حالة انتقال من نموذج تاريخي إلى آخر..هذا وضع طبيعي إذا فهمناه في سياق تاريخ مستقبل العلم..
 إن الحديث عن السيطرة على الطبيعة أمر بالغ السخف..وكلما توسعنا ماكرويا وكلما نفذنا ميكراويا أدركنا أنّنا لم نفعل أكثر من أنّنا كنّا نعيش داخل وهم كبير..إنّ أوهام الحداثة لا تقل عن أوهام ما قبلها..وهذا ليس فقط أمر ندركه باستعمار التفكيك، بل هذا موقف العلوم البحتة..إنّ المعرفة التي قدمتها لنا مثلا فيزياء نيوتون لهي حقا شيء مثير للشفقة..إنّ النظرة الميكانيكية التقليدية للعالم شيء مخجل حينما نقف على الآفاق التي أقحمتنا فيها الكوانتيكا..وكل النتائج التي انبنت عليها خابت بلا رجعة..نتساءل عن أي طبيعة يتحدثون حينما يزعمون أنهم يعيشون عصر السيطرة على الطبيعة؟ والحقيقة هي أنهم لم يفتحوا بعد الباب على مصراعيه ليدخوا عالم الطبيعة الكبير والعميق، وهم يعيشون عالم صدام الأشياء وتجسّمها وثباتها، عالم جامد لا حركة فيه، تجري عليه قوانين واحدة لكنها خاطئة..لم يروا شيئا بعد ولكنهم تحدثوا بيقين الأطفال..إنّهم يعملون اليوم على التشويش على العلم لأنّ العلم بات يفضح مزاجهم السّيء..العلم يحتاج إلى قيم اعتراف وأخلاقيات تحرره من العناد الذي يستند إلى مسبقات لا زالت ترهن العلم لنموذجها المتكرر..يبدو لي أنّ العلم لم يتحرر من الحقد..حقد بعض العلماء الذين باتوا أشبه ما يكونوا بحراس معبد أيديولوجيا العلم الزائفة..حين تتاح الفرصة قد نثبت كيف أنّ أنشتاين لم يكن يهتم بحلّ مشكلة نظرية كل شيء، بل كان يدافع عن علم كلام فيزيائي خاف أن ينهار تحت أقدام الفتوحات الكوانتية التي تجاوزته، علم كلام فيزيائي إسمه: النسبية العامة، الأمر الذي اقتضى أن يداعبه زملاؤه ويطمئنوه بأنها صحيحة ولكن وفق رؤية أخرى..إنّ الإصرار على محاصرة زحف العلم لا سيما في مجال الكوانتا موقف أيديولوجي بالغ الخطورة..نحن نعيش عصر التآمر على الدماغ البشري

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ادريس هاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/24



كتابة تعليق لموضوع : عصر التآمر على الدّماغ البشري
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net