صفحة الكاتب : علي علي

أما آن للمسافر من إياب؟
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
  منذ عقود والرقعة الجغرافية التي تسمى العراق منزوية عن كل ما يمت بصلة الى دعة الحياة ورفاهية العيش، في وقت تحوي كل ذرة تراب من أرضها، آثار حضارات دعت للسلم والسلام والعيش الرغيد، وسجلت بهذا سابقة بين الأمم فيما مضى، وما الفارقة هذه إلا من جراء سياسات الأنظمة المتوالية على حكمها، ومنها النظام البعثي الصدامي مفتعلا ومتقصدا. والأخير هذا لم يكن يتوانى عن اتخاذ كل وسائل البطش والفتك وغمط حقوق أبناء البلد، فيما كان سباقا لتقديم التسهيلات والخدمات للأغراب والأجانب الطارئين على البلد. وهذا ما قصده شاعرنا معروف الرصافي قبل نحو ثمانين عاما حين قال:
   عبيد للأجانب هم ولكن على أبناء جلدتهم أسود
  ومن المؤكد ان هذه سياسة مدروسة لتحطيم بنية الفرد العراقي، بعد أن صار له كيان وثقل بين دول المنطقة، العربية وغير العربية. فقد أصدر هذا النظام قرارات وقوانين تنم بصراحة عن تفضيل رعايا الدول الأجنبية على العراقيين في كثير من جوانب الحياة اليومية، فضلا عن تمتعهم بأولويات العمل في مؤسسات الدولة ودوائرها، ولأولادهم الأسبقية في القبول بالجامعات والمعاهد والمدارس، باستثناءات من ضوابط صارمة كان المواطن العراقي مشمولا بها. كذلك تمتعهم بقوانين خاصة تتيح لهم تحويل الأموال خارج العراق، فيما هو محذور ومحظور على العراقيين. كل هذه السياسات وغيرها الكثير دفعت عددا لايستهان به من العراقيين الى ترك وطنهم الأم مرغمين، والذهاب الى دول أجنبية باحثين عن المعيشة اولا.. والحياة الكريمة ثانيا.. وضمان مستقبلهم ومستقبل أولادهم ثالثا.
  اليوم وقد تغير الحال، وحل بدل عصر العنجهية والدكتاتورية عصر الديمقراطية والحكومة المنتخبة -كما يُفترض- لماذا لم يفكر اولئك الذين هاجروا وتركوا أرض وطنهم بالعودة اليه بعد زوال المسبب؟ إذ معلوم أن بزوال المسبب تزول الأسباب وتتغير النتائج، ومن غير المعقول ان يبقى هؤلاء يعانون الغربة، لاسيما أن كثيرا منهم لم يجد مكانا لائقا للعيش الكريم، في بلدان لها من التقاليد مالايشبه تقاليدنا نحن العراقيين. فهل سأل القائمون على أمر البلد، والماسكون ركائزه، وأصحاب القرار والبت فيه أنفسهم يوما؛ لماذا لايعود الغرباء الى أحضان وطنهم؟
  أظن الإجابة عن سؤال كهذا تحمل معها آلاما توازي آلام غربة هؤلاء، إذ هي تخيب الآمال فيما كان يتصوره أولئك المغتربون عن وطنهم. فالعائد الى بلده لايجد الأحضان مهيأة لاستقباله، ولا الأرضية مواتية للعيش الرغيد الذي يحلم به، إذ بدءًا لا يجد دارا تؤويه، وهو ماكان على الحكومة توفيره له وعلى وجه الخصوص أصحاب الشهادات العليا، كما أنه سيبحث عن مجال عمل ضمن اختصاصه دون جدوى، وسيضيع بين هذه المحنة وتلك، علاوة على تعرضه للتهديد والقتل من قبل عصابات مكلفة من أجندات مغرضة لإفراغ العراق من العقول والكفاءات العلمية. وبذا لن يجد له طريقا غير العودة من حيث أتى، حاملا معه آلام الغربة من جديد ومعاناة الفراق عن وطنه. 
  هذا حال المغتربين العراقيين.. فهل هناك أمل في الأفق يلوح لهم فيبتشرون خيرا في المستقبل بالعودة الى بلدهم وخدمة أهلهم؟ الإجابة عن هذا السؤال بيد المسؤولين وأصحاب القرار حصرا..! فهل هم مجيبون؟
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/24



كتابة تعليق لموضوع : أما آن للمسافر من إياب؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net