صفحة الكاتب : د . افنان القاسم

السعودية هذا الزمن البائد
د . افنان القاسم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

السعودية أينها من العلمانية؟

تقوم العلمانية على ثلاثة مبادئ: حرية الإدراك وحرية الاعتقاد، فصل المؤسسات العمومية عن المنظمات الدينية، مساواة الكل كل الناس أمام القانون أيةً كانت اعتقاداتهم أو اقتناعاتهم. تضمن العلمانية للمتدينين ولغير المتدينين الحق نفسه في حرية التعبير عن اقتناعاتهم، وتضمن كذلك حق تبديل دين مثلما تضمن حق الاهتداء إلى دين. تضمن حرية ممارسة العبادات، وحرية الأديان، ولكن كذلك الحرية إزاء الدين: حق احترام العقائد لا يجبر أحدًا أو حق احترام المنظمات الدينية. تفترض العلمانية فصل الدولة عن المنظمات الدينية، ويقوم النظام السياسي على سلطة شعب المواطنين وحدها، ولا تتدخل الدولة –التي لا تعترف بأي دين ولا تمول أي دين- في عمل المنظمات الدينية، ومن هذا الفصل تُستنبط حيادية الدولة والمحافظات والمرافق العمومية لا حيادية مستخدمي هذه المرافق، فلكل واحد ربه أو غير ربه. هكذا تضمن الدولة العلمانية المساواة بين المواطنين أمام المرافق العمومية أيةً كانت اقتناعاتهم أو اعتقاداتهم. العلمانية ليست رأيًا بين آراء، وإنما الحرية في أن يكون لي رأي من الآراء، وليست اقتناعًا، وإنما المبدأ الذي يسمح بكل الاقتناعات مع مراعاة حكم النظام العام.

 

السعودية أينها من ميثاق العلمانية؟

في فرنسا هناك ميثاق للعلمانية في المرافق العمومية أعده المجلس الأعلى للانسجام (تماثل واتساق في الفكر والعمل بين المواطنين)، يُذَكِّر هذا الميثاق بالإطار الذي يرسمه الحق في ضمان الاحترام، في المرافق العمومية، هذا الحق الذي هو جزء لا يتجزأ من مبدأ العلمانية، والذي هو مبدأ جوهري معترف به من طرف قوانين الدولة. هناك كذلك ميثاق للعلمانية في المدرسة، أُعِدَّ هذا الميثاق لأجل الموظفين والتلاميذ ومجموع أعضاء الجسم التعليمي. هناك أيضًا اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان قرب الحكومة، والتي تقوم بدور النصيحة والاقتراح في مجال حقوق الإنسان، الحق والعمل الإنساني واحترام الضمانات الجوهرية الممنوحة للمواطنين من أجل ممارسة حقوقهم العامة. هناك كذلك المجلس الأعلى للمساواة بين النساء والرجال، ومهمته ضمان التشاور مع المجتمع المدني وتشجيع الحوار العام حول التوجهات الكبرى لسياسة حقوق المرأة والمساواة، حول المقولبات، والمقولب هو السلوك المكرر على نحو لا يتغير تعوزه الصفات الفردية المميزة، حول الأدوار الاجتماعية، حول التكافؤ بين المرأة والرجل، راتب وعمل ومدة عمل ونوع عمل، حول العنف المرأة ضحيته، حول الصحة، حول الحقوق الجنسية والإنجابية. هناك أيضًا علمانية التعليم العمومي، وكود التربية المكرس لعلمانية التعليم العمومي، وللمواطنية التي هي الإخلاص للوطن، من خلال ربط التمييز العنصري بالمساواة، والبحث في التطور الدائم على أساس احترام البيئة، في الذاكرة، في التاريخ، في المساهمة في الحياة الديمقراطية، حق الانتخاب، كيفية الانتخاب، مؤسسات الدولة، سياسة فرنسا والديمقراطية في أوروبا.

 

السعودية أينها من أسس العلمانية؟

العلمانية من اختراع فرنسا، ثمرة تاريخها، وقدوة لتاريخ كل الشعوب المحبة للحرية للمساواة للأخوَّة، شعار ثورتها الثورة الأولى في تاريخ الإنسانية. في البداية أراد ملوك فرنسا أن تكون الكاثوليكية الدين الرسمي على حساب باقي الأديان، فكانت الحروب الدينية، وكأننا في المشرق نعيش من جديد هذا العهد البائد، ثم وضعت الثورة الفرنسية الحجر الأساس للحرية الدينية ولفصل الدولة عن الكنيسة. في السعودية وفي البلدان العربية لسنا في حاجة إلى ثورة فرنسية ثانية، والتكنولوجيا هي العهد الذي يصنع الثورات إن توفرت الشروط لذلك، وكل الشروط متوفرة، الفشل السعودي (والعربي) أول هذه الشروط، فشل في كل شيء، ديني وحياتي، علمي وثقافي، اجتماعي وسياسي، جنسي واستمنائي، لهذا ترك الله ملوك السعودية وحدهم، وتقوَّى عليهم بكل السعوديين، فالله ليس غبيًا غباء المهرجين في المحافل الدولية بعباءاتهم وكوفياتهم التي تُضحك العالم عليهم، الله إله حديث يرتدي القميص والبنطلون، ويتقن ما يتقنه كل منفتح على العلم على العالم، يستخدم الكمبيوتر أحسن من أي واحد، وعندما يريد أن يتسلى يلعب البوكر. هذا هو إله الإسلام العلماني، إله بكل عقله، بكل علمه، إله يؤمن بمبدأ العلمانية في الدستور كأحد أسس الدولة الحديثة.

ramus105@aliceadsl.fr


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . افنان القاسم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/13



كتابة تعليق لموضوع : السعودية هذا الزمن البائد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net