صفحة الكاتب : د . يحيى محمد ركاج

كيف تقرأ أمريكا الانتصار في حلب
د . يحيى محمد ركاج

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حلب، اسم بالدم انكتب، رسمت ملامحه أجساد شعب انهالت عليه قذائف وصواريخ الإرهاب ولكنه لم يرضخ ولم يخنع وصمد، وسطّرت حروفه دماء شهداء روت أرض الملامح والبطولات فأخرجت اسطورة في العقيدة والصمود والتكتيك، هزت أركان الكيان الصهيوني فكان الحراك العاجل من أمريكا إلى إيران إلى تدمر وقد يكون القادم تهور وتفجير لمشاعر الغضب. 
فعلى الرغم من اتفاق الجميع بأنه لا يمكن اعتبار قوة أي جيش على حاله بين أول الحرب ونهاياتها، والأمر ينطبق أيضاً على الجيش العربي السوري، إلا أن ما يميز هذا الجيش وتشكيلات المقاومة التي تحارب معه هو أنها تكتسب يوماً بعد يوم خبرات قتالية في طرق وأدوات جديدة لا يمكن لأي جيش أن يكتسبها بسهولة وضمن فترات زمنية ليست بالطويلة. الأمر الذي يجعل الحلف الصهيوأمريكي المعادي له يتابع كل تحركاته بحذر وبخطوات استباقية جديدة تحد من الاستثمار الفعال للجيش العربي السوري لهذه الانتصارات التي يحققها، الأمر الذي ينطبق على الانتصارات العظيمة التي يحققه الجيش العربي السوري في مدينة الشهباء حلب. 
فقد أدركت الولايات المتحدة وحلفاؤها أهمية ما تم تحقيقه في حلب، وسارعت مباشرة للحد من هذه الانتصارات بمشروع قرار يطالب بوقف العمليات بدوافع ظاهرها إنساني وأساسها تمويل ودعم الفصائل الإرهابية وإخراج العناصر السرية من بين الفصائل المقاتلة في حلب، أتبعته بإشغال المجتمع الدولي وحلف المقاومة بمشروع تجديد العقوبات الاقتصادية على إيران، في محاولة إعادة إجراءاتها السابقة في فرض سيطرتها على المجتمعات، كما حدث إبان حرب الخليج الثانية في بداية العقد الأخير من القرن الماضي، والذي أتبعه إسقاط العراق بعد قرابة العقد من الحصار، فالولايات المتحدة ترى أن الحصار حتى يتم ثماره التي يرغبونها يجب أن يتعدى حدود دولة واحدة كما هي في حلف المواجهات. 
كما أتبعت أيضاً مشروعها لوقف العمليات في حلب في توجيه ارهابييها نحو إشغال الجيش العربي السوري وحلفائه في مناطق متفرقة من الداخل بغية فك الطوق الذي فرضه الجيش على الإرهابيين في حلب، فكانت حمص وحقل الشاعر وتدمر لما لهم من أثر عالمي عاطفي وداخلي نفسي، والأهم من ذلك الموقع الهام الذي تشكله هذه المنطقة بالنسبة لإمداد الإرهابيين والحفاظ على تواصلهم مع نظرائهم في الجبهة العراقية والمناطق التي تخضع تحت سيطرتهم. تدرك أمريكا وحلفائها أهمية حلب وما تشكله من عمق استراتيجي لإنهاء الحرب الإرهابية على سورية، وتدرك أيضا حجم وخطورة الأسرار التي يستطيع حلف المقاومة فك رموزها من معارك حلب ابتداء من السلاح إلى أجهزة الاتصالات إلى عملاء الاستخبارات إلى القشة التي قصمت ظهر البعير التركي الأجرب، لتكون ساحات القتال المرافقة لمعارك حلب متنوعة تبدأ بمعارك في الداخل السوري وتنتهي بتجديد الحصار الاقتصادي على حلف المقاومة، وترافقها بكل جولاتها معارك الدبلوماسية والمفاوضات السياسة التي أحسن ضربة البداية فيها المندوب السوري في الأمم المتحدة. 
لتكون الجبهات كلها أمام سيناريوهات قديمة تستعد لها وتترقب الجديد. 
فهل تستطيع إيران فك رموز تجديد العقوبات بتحالفات استراتيجية جديدة تجعلها قاطرة النمو في العقد القادم؟ 
وهل يستطيع حلف المقاومة فك رموز انتصارات حلب والخروج من فكي كماشة الاستنزاف في الداخل والتوجيه نحو فدراليات نهايتها الانفصال والتحطم؟ 
أم تستطيع الولايات المتحدة بفيلها الجديد ترامب تجديد سيناريوهاتها القديمة بأدوات جديدة لتكون المواجهة الحاسمة في العقد القادم.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . يحيى محمد ركاج
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/11



كتابة تعليق لموضوع : كيف تقرأ أمريكا الانتصار في حلب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net